مجتمع » حريات وحقوق الانسان

المنع لجمال خاشقجي فهل يلحقه عبدالخالق عبدالله؟

في 2016/11/28

منعت السلطات السعودية مواطنها الكاتب جمال خاشقجي من الظهور أو الكتابة في أيّ من الوسائل الإعلامية. لكنّ شخصاً آخر قد يكون يتحسّس رقبته: د. عبدالخالق عبدالله، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الإمارات.

على الرغم من الخلافات الواضحة بين الرّجلين فالأوّل مقرّب من الحزب الإسلامي الحاكم في تركيا وجماعة الإخوان المسلمين المصنفة على قوائم الإرهاب السعودية، والثاني على النقيض؛ أكثر انسجاماً مع مواقف بلاده الإمارات من الجماعات الإسلامية. إلا أنّ هناك العديد من أوجه الشبه بينهما.

كلا الرجلين صديقان، كلاهما بنى له منصّة مرموقة على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" لبث آرائه والتعليق الفوري على الأحداث المحلية والدولية. إذ يحوز خاشقجي على ١.٣ مليون متابع بينما يحظى عبدالخالق بمتابعة ١٠٧ آلاف. والأهم من كل ذلك، أن كليهما مقرب من أروقة القرار وواحد - على الأقل - من أجنحة الحكم في بلاديهما.

يعرف خاشقجي بقربه من أبناء الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود، الأخ الشقيق للملك الحالي. والآن الأمير الوليد بن طلال بن عبدالعزيز المنبوذ في العائلة المالكة. إذ يتولى حالياً إدارة عملية إطلاق إحدى القنوات التلفزيونية التابعة له من قطر. أما عبدالخالق فيتم تقديمه على أنه مستشار ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد.

لطالما مثّلت آراؤهما وتعليقاتهما معاً على وسائل التواصل مادة يوميّة لوسائل الإعلام. إذ يتم التعامل معها على أنها "مجس نبضّ" ينبيء بما يدور في مطبخيّ القرار في السعودية والإمارات.

وعلى الرّغم من ولاء الرّجلين لسلطات بلادهما وقربهما من نخب الحكم؛ إلا أنّ "قفشاتهما" على وسائل التواصل لا تخلو من مفارقات لافتة.

على سبيل المثال، فقد رفض خاشقجي منذ أيام الملك الراحل عبدالله إدراج حركة الإخوان المسلمين على قائمة الإرهاب السعودية. ونظر باستمرار لأهمية أن تتخذ السعودية موقفا رعائيا من الحركات الإسلامية السنية. وصاغ موقفاً ضدّ عودة حكم العسكر في مصر؛ على خلاف من التوجه العام في بلاده الذي دعم الإطاحة بحكم الإخوان المسلمين.

أما عبدالخالق - على سبيل المثال أيضا -  فقد أعلن الشهر الماضي رفضه زيارة داني دنون السفير الإسرائيلي في الأمم المتحدة إلى بلاده. وصرح "لا أهلًا ولا سهلا بأي إسرائيلي على أرض الإمارات. ويا حكومة الإمارات لا للتطبيع". كما تمنى غير مرّة على حكومة بلاده أن تبادر إلى الإفراج عن السجناء السياسيين.

أورثتهما المواقف هذه والمواقف الأخرى إزاء الأحداث في المنطقة امتعاظ غير دولة خليجيّة. مثلاً، قامت البحرين بطرد قناة تلفزيونية يديرها خاشقجي واتهمتها بالانحياز لجماعات متطرفة. أما عبدالخالق فقد تمّ منعه من دخول البحرين إثر تغريدة له أشار فيها إلى عدد السجناء السياسيين. كما منع مؤخراً من دخول سلطنة عمان.

عدّيدة هي أوجه الشبه بين الرجلين؛ حتى وبينهما ما بينهما من اختلاف. ولا عجب أن يأتي أوّل موقف لمثقف خليجي ينتقد القرار السعودي بوقف خاشقجي من الظهور والكتابة في الوسائل الإعلامية، من عبدالخالق نفسه. وقد صرّح معقباً على هذا القرار "رغم اختلافي مع أطروحات جمال خاشقجي لكن منع كاتب خليجي كبير مستقل برأيه محب لوطنه من الكتابة والظهور الإعلامي مجحف". وأضاف "إنه ليوم حزين".

يهوى الأكاديمي عبدالخالق رياضة تسلّق الجبال. وقد وضع مؤخراً كتاب "آخر إماراتي في نيبال" الذي روى فيه قصة أربعة أيام قضاها معلقا بين السماء والأرض في جبال الهيملايا بعد أن "زلزلت الأرض زلزالها". تتسم هذه الرياضة بالمخاطرة الشديدة؛ لذا فتوخّي الحذر واجب. بخبرته في تسلّق الجبال يعرف أستاذ العلوم السياسية في جامعة الإمارات كيف يسبح في بحر السياسة مع أخذ احتياطات النجاة اللازمة. لكنّ ذلك ليس كافياً في حال نشوب كوارث مباغتة غير متوقعة. تماماً كما حصل معه حين "زلزلت الأرض زلزالها" في الهيملايا.

ليس مستبعدا أنّ كارثة مباغتة وشيكة ما قد تحصل. إزاء موقفه الناقد لوقف خاشقجي قام مغردون بتحذير عبدالخالق من أنه يتدخل في الشأن الداخلي السعودي ويتطاول على صنّاع القرار. وقد تساءل أحدهم "هل ستتعامل حكومة السعودية مع مستشار بن زايد كما تعاملت مع خاشقجي؟". غير أن مغردا آخر تمنى "من الأخوة ممن يخالف الأستاذ عبدالخالق في طرحه ألا يفرغ خلافه في دولة الإمارات الشقيقة لأنه على ما أعتقد يمثل نفسه". ويبدو أن عبدالخالق استلم الرسالة جيدا؛ فقد دعا إلى إبعاد بلاده الإمارات عن مواقفه. وكتب "الرجاء الاستماع لهذه النصيحة الحريصة والصادقة والأخذ بها. اختلف بود وأبعد الإمارات عن أي خلاف في الرأي".

مرآة البحرين-