مجتمع » حريات وحقوق الانسان

معضلة العمالة في الخليج

في 2017/02/01

تعتبر قضية السكان والعمالة من أهم القضايا التي واجهت دول الخليج العربية منذ بداية اكتشاف النفط في المنطقة وحتى الآن. ولم نرَ إلى الآن سياسة ناجحة في الحد من تدفق العمالة إلى هذه البلدان، لاعتبارات كثيرة سوف نتطرق إليها لاحقاً.

وقد أثار نشر آخر إحصاء عن عدد السكان في الكويت خوف أعضاء مجلس الأمة، فطالبوا بعقد جلسة خاصة لمناقشة هذا الموضوع، حيث بينت الإحصائيات انخفاض نسبة المواطنين إلى 25% من مجموع السكان، بينما يشكل الأجانب ثلاثة أرباع العدد الإجمالي لسكان البلاد.

ولعل الأمر الأخطر الذي لم يتطرق إليه أعضاء مجلس الأمة حتى الآن، هو عدد المواطنين في سوق العمل، فالإحصائيات القديمة تقول إن نسبتهم لا تتعدى 15% من مجموع العمالة في الكويت.

وفي دراسة نشرتها جريدة «القبس»، وتكلم عنها هادي درويش على مواقع التواصل الاجتماعي، ذكرت هذه الدراسة أن هناك عشر جنسيات تهيمن على سوق العمل في الكويت، حيث يحتل الهنود المركز الأول بـ542 ألف عامل، يليهم في المركز الثاني الجالية المصرية 458 ألف عامل، وفي المركز الثالث المواطنون وعددهم 351 ألفاً، وفي المركز الرابع رعايا بنغلاديش (151 ألفاً)، وفي المركز الخامس باكستان (91 ألفاً)، وفي المركز السادس الفلبين (79 ألفاً)، وفي المركز السابع السوريون (64 ألفاً)، بينما يحتل المركز الثامن النيبال بـ(45 ألفاً)، ثم الإيرانيون في المركز التاسع (26 ألفاً)، أما المركز العاشر فاحتله السيرلانكيون (25 ألف عامل).

ولم توضح الدراسة هل هؤلاء يعملون في القطاع العام أم الخاص، لكن الأمر المؤكد هو أن معظم المواطنين الكويتيين العاملين إنما يعملون في القطاع العام ويشكلون نسبة 92% من العاملين في البلاد. ومعلوم أن القطاع الحكومي (العام) ليس إنتاجياً بل إداري خدمي بالأساس.

ما يهمنا في دراسة «القبس» هو أن معظم العمالة في الكويت آسيوية، وبسبب وجود علاقات تاريخية لهذه الدول الآسيوية بمنطقة الخليج، علاقات قديمة تمتد إلى ما قبل اكتشاف النفط.

ولعل ما يميز العمالة الآسيوية الكبيرة هو عدم تدخلها في السياسة، وأن الكثير منها متخصصون، أي عمالة تعمل في مجالات فنية وإلكترونية وكهربائية وميكانيكية.. حيث لا يوجد مواطنون بأعداد كافية لتغطية هذه الوظائف.

أما العمالة العربية فمعظمها يعمل في القطاع الحكومي، وبالخصوص في مجال التعليم.

هل يمكن تغيير التركيبة السكانية وهيكلة العمالة، كما يريد نواب مجلس الأمة الكويتي؟

يمكن للنواب تخفيف أو تقليص عدد العمالة الهامشية التي يتاجر بها المتنفذون، لا سيما بيع سمة الدخول بأسعار تصل إلى 1000 دينار (3500 دولار) للفرد الواحد، حيث يوجد مئات الآلاف من العمالة السائبة، أما بقية العمالة التي يحتاج إليها الاقتصاد الكويتي فلا يمكن تخفيضها أو التقليل من أعدادها، لأنه لا يوجد بديل عنها. وما دامت هناك مشاريع حكومية طموحة تطرحها دول الخليج، فالحاجة إلى العمالة مستمرة بسبب قلة أعداد المواطنين المؤهلين لهذه الوظائف الفنية.

وعموماً فالحاجة إلى العمالة سوف تستمر ما دامت القضية الحضارية لم تعالَج، وهي النظرة الدونية من قبل المواطنين الخليجيين للأعمال اليدوية والفنية وغيرها.

تأخر دخول المرأة إلى سوق العمل في الخليج أدى هو أيضاً إلى استمرار الطلب على العمالة الأجنبية. أما السبب الرئيسي لاستمرار الاعتماد على العمالة الأجنبية فهو فشل الأنظمة التعليمية في المنطقة، فهذه الأنظمة تعود الطالب على الحفظ والتلقين وتبعده عن الخلق والإبداع والبحث عن التغيير.

دول الخليج بدأت تعترف بضعف التعليم لديها، وهناك محاولات جادة لتغييره في معظم دول الخليج.. وهذا يحتاج إلى وقت طويل حتى نجني ثمار التعليم المتميز.. وهذا يعني استمرار الاعتماد على الآخرين.

د. شملان يوسف العيسى- الاتحاد الامراتية-