مجتمع » حريات وحقوق الانسان

أن تعشق قاتلا!

في 2017/03/13

ما الوصف المناسب برأيكم لمن اختار مناسبة تحرير الكويت لتمجيد صدام حسين؟ لا أظن كلمات من قبيل خسة، دناءة، وقاحة وانعدام إحساس، تفي بالغرض.

قتل في احتلال صدام للكويت طيلة 7 أشهر مريرة 4400 كويتي، وما زال نحو 400 آخرين في عداد المفقودين، لا هم عادوا لأحبائهم ولا أكرموا بدفنهم كمسلمين.

احتقاره للإنسانية ومقتضيات الجوار والدين والتاريخ لم يقف عند حدود غزو الكويت، سبقها تاريخ من الحروب والاقتتال، تعذيب وحشي في السجون حتى الموت، والتي قضى فيها ما لا يقل عن مليون عراقي بين عسكريين ومدنيين.

يقول لطيف يحيى مؤلف كتاب «كنت ابنا للرئيس» والذي أرغم ليكون شبيها لعدي نحو خمس سنوات، إنه شاهد أشرطة مصورة - كجزء من عملية إعداده ليكون شبيها - تظهر سجناء وسجينات يعذبون بطرق رهيبة لا تخطر على بال، وأضاف ضمن سلسلة طويلة من فظائع أوردها، أن بعض عشيقات صدام وعدي تركن لتنهشهن الكلاب بعد أن أخذ الحراس نصيبهم منهن.

رجل بهذا المستوى من الإجرام والتعطش لسفك الدماء لا يستحق سوى الدرك الأسفل من مزبلة التاريخ، لا أن تحتل صوره حيزا كبيرا من صور حسابات عرب وخليجيين على مواقع التواصل الاجتماعي، والكارثة ليست هنا فحسب، بل إن ممجدي صدام احترفوا الكيل بمكيالين، فكما غفروا لصدام جرائمه والتمسوا له العذر، فميزاته العظيمة لا تقارن بسيئاته المعدودة! ووثقوا أن الله غفر له لنطقه الشهادتين قبل شنقه صبيحة عيد الأضحى، نجدهم يلعنون بشار صباح مساء ويدعون عليه بالويل والثبور وعظائم الأمور - وهي دعوات يستحقها - لأنه ليس أقل إجراما هو الآخر، فتقارير الأمم المتحدة تشير لانخفاض عدد السوريين من 24 مليونا قبل اندلاع الحرب في 2011 إلى 17 مليونا في عام 2015 فإذا قتل 250 ألفا خلال الحرب و17 ألفا آخرين أثناء الاحتجاز والتعذيب، فإن من هاجروا للخارج لا يقلون عن 5 ملايين سوري بأي حال من الأحوال.

وبما أن كلا الرجلين مجرم سافك للدماء فلماذا انقسم كثير من الناس حيالهما إلى فريقين، فريق مجد صدام ولعن بشار، وفريق أنزل صدام منزلة إبليس واعتبر بشار ملاك رحمة؟

أليست الطائفية السياسية هي ما صنع خيارهم، فصدام كاره للشيعة وقتلهم على الهوية في حروب وعمليات عبثية، وبشار حليف مخلص للشيعة داعم لهم، تشبث بكرسيه وقتل وشرد من السنة خدمة لهذا التحالف.

فلدى الفريقين قيمة الإنسان وحقه في حياة آمنة وعيش كريم، يحددهما مذهبه وانتماؤه وتوجهه السياسي، وليس أنه كائن بشري كرمه الله ونفخ فيه من روحه ومنحه حق الاختيار، وجعل الحساب بيده هو ويوم الحساب فقط.

هؤلاء جعلوا لأنفسهم ما لله وحكموا من بروجهم العاجية من يجب أن تسلب روحه ومن يستحق النجاة.

وطالما أن الفئة التي تستمع لصوت العقل والمنطق والتي تتجرد من أهوائها وخلفياتها المسبقة لتحكم بالعدل، فتصنف كلا منهما مجرما وتصنف أيضا كل من على شاكلتهما ضمن الفئة نفسها، مهما كانت الشعارات الظاهرية التي يتشدق بها، طالما هذه الفئة هي الأقل بيننا، فسيستمر الانقسام والتناحر والصراع، لتجرنا نحن العرب للخلف.. لمؤخرة الأمم المتحضرة.

سحر أبو شاهين- مكة السعودية-