مجتمع » حريات وحقوق الانسان

هل يتم السماح للمرأة السعودية بالقيادة قريبا؟

في 2017/05/11

هل يسمح للمرأة السعودية أخيرًا أن تقود سيارتها؟ في الآونة الأخيرة، عُينت ثلاث سيدات في وظيفة المدير التنفيذي لبنكين وبورصة وطنية، مما خلق توقعاتٍ متزايدة ببدء انطلاق حريات المرأة في البلد الوحيد في العالم الذي يحظر القيادة على المرأة.

وقالت «سمر فطاني»، وهي مؤلفة إذاعية وكاتبة عمود: «هناك الكثير من العلامات التي يستعد لها المجتمع. وأتوقع حتى رفع الحظر على قيادة المرأة خلال الأشهر القليلة القادمة». بينما عبرت نسويات سعوديات عن شكوكهن.

ولم تؤثر أي قضية على صورة المملكة كدولة حديثة أكثر من مسألة حظر القيادة للمرأة، والذي يتفق معظم السعوديين على أنّه تقليد اجتماعي وليس توصية دينية. وقد قُدمت تلك القضية لفترة طويلة كعلامة على التخلف السعودي المتصور، والتي يروج لها العديد من المنتقدين في الغرب.

والمسألة الآن هي جزء من صراع أكبر بين الليبراليين ورجال الدين الوهابيين المحافظين حول وضع المرأة وتعزيز الترفيه في المملكة الخالية من المسارح ودور السينما والأوركسترا والحفلات الموسيقية، ناهيك عن قيادة النساء. والأسوأ من الحظر على القيادة بالنسبة للعديد من النساء المتعلمات، هو نظام ولاية الرجل، حيث يُطلب من المرأة الحصول على إذن من الزوج أو الأخ أو الابن من أجل العمل أو الحصول على جواز سفر أو السفر إلى الخارج.

وقد قرر ولي ولي العهد السعودي الشاب «محمد بن سلمان» تقويض المؤسسة الدينية بشكلٍ غير مباشر، من خلال إنشاء هيئة عامة للترفيه وبناء مدينة ملاهي بقيمة 8 مليارات دولار بمساعدة مؤسسة «سيكس فلاغز» خارج الرياض، وهي العاصمة والمدينة الأكثر محافظة في المملكة. وفي الوقت نفسه، يتم تشجيع النسويات والفنانات والممثلات والمخرجات وعاشقات الرياضة، على التحرك بإيجابية لدعم الإصلاحات التي طال انتظارها.

وتقول شائعات متداولة بين الشعب السعودي أنّ الملك «سلمان» الذي يبلغ من العمر 82 عامًا، لا يزال يقف في صف رجال الدين الوهابيين في المملكة، والذين أقام معهم علاقة وثيقة جدًا خلال 48 عامًا كنائبٍ للحاكم أو كحاكمٍ للرياض.

ومع ذلك، تظهر علامات التغيير في كل مكان. وفي فبراير/شباط، أقيم أول مهرجان «كوميك كون»، وهو مهرجان أزياء غربية، في جدة. وفي مارس/آذار، أقيم مهرجان للسينما في الظهران. وفي أبريل/نيسان، استضافت الرياض تحدي بطل الكيك بوكسينغ العالمي وأوركسترا السيمفونية اليابانية. وقد قررت الحكومة إنشاء 450 ناديًا في جميع أنحاء المملكة لتنظيم فعاليات ثقافية. ويجري تصميم مراكز جديدة لدور السينما.

لا يعني هذا بقاء القيادات الدينية في المملكة صامتة. وهم ينتقدون كل هذه التغييرات، ولاسيما المزيد من الحريات للمرأة. وندد المفتي العام «عبد العزيز آل الشيخ» بالحفلات الموسيقية ودور السينما واصفًا إياها بالــ «الانحراف» الذي من شأنه أن يفضي بالتأكيد إلى اختلاط الجنسين. كما عارضوا علنًا ​​قيادة النساء، قائلين بأنّ ذلك «يعرضهن للشر»، وأعلنوا أنّ لعبة الشطرنج محظورة على أساس الآية القرآنية التي تحظر «القمار» ولأنها تشكل «مضيعة للوقت والمال»، وتثير «الكراهية والعداوة بين اللاعبين».

ويعلن الوعاظ الوهابيون المعروفون مثل الشيخ «محمد العريفي»، الذي يضم حسابه على موقع تويتر 15 مليون متابع، أنّهم بصراحة ضد تمكين المرأة بالسماح لها بالقيادة أو العمل. لكنّ واحدًا من العلماء الوهابيين، على الأقل، وهو الشيخ «عبد الله المنيع»، عضو مجلس كبار العلماء، قد خالف أقرانه. وقال: «عندما تكون المرأة في سن النضج، لا تفرض عليها ولاية الرجل»، وذلك خلال مناقشة عامة في الخريف الماضي حول هذه المسألة. وأضاف: «يتمتع كل رجل بحقوقه المشروعة، وتتمتع المرأة أيضًا بهذه الحقوق، باستثناء موافقة الولي في أمر الزواج».

تحول المد

وبصفة عامة، يبدو أن المد يتحول لصالح النساء السعوديات، اللائي يمثلن 52% من خريجي الجامعات داخل المملكة، و 35 ألفًا من بين 125 ألفًا من السعوديين يدرسون في الخارج. وقد ناقش مجلس الشورى الاستشاري، الذي يضم 30 امرأة في الهيئة التي تضم 150 مقعدًا، اقتراحًا في وقتٍ سابقٍ من هذا العام لرفع الحظر عن قيادة المرأة. ولم يصدر أي تصويت حول الاقتراح، لكن لم يتكلم أحد من أعضاء المجلس ضده.

وجاءت علامة أخرى على تغير المواقف في 26 أبريل/نيسان، حين وافق المجلس بأغلبية واضحة على اقتراح بإنشاء كلية رياضية للمرأة، وهو ابتكارٌ جريء في بلدٍ لا يسمح بعد بتعليم التربية البدنية للنساء في مدارسه العامة. ولم تكف غالبية الأصوات بـ 73 صوتًا إلى 57 صوتًا لتحقيق أغلبية مطلقة، حيث احتاجت 3 أصوات إضافية لتصل إلى 76 صوتًا، إلا أنّ الاقتراب من الموافقة أحدث ضجة كبيرة في المملكة.

وكان من بين مقدمي مشروع القرار «لينا المعينا»، التي عينها الملك «سلمان»، في ديسمبر/كانون الأول الماضي، في مجلس الشورى مع العديد من الناشطات الأخريات. وكانت في طليعة حملة عمرها 14 عامًا للسماح للمرأة بالمشاركة في الألعاب الرياضية، ولاسيما كرة السلة، باعتبارها واحدة من مؤسسي جدة يونايتد الرياضية. وهي مؤسسة مخصصة لتعليم الفتيات السعوديات لعب كرة السلة وكرة القدم في حقل مفتوح في الهواء الطلق في شارع التحلية وسط جدة. كما تدير دوري للفرق النسائية من المدارس الخاصة في جدة.

وقالت: «أرى نقلة نوعية في طريقة تعامل الرجال مع النساء»، مشيرةً إلى أنّ واحدًا فقط من أعضاء مجلس الشورى قد أعرب عن معارضته لقيادة النساء. ورأت «المعينا» عقبة واحدة متبقية حتى لو تم رفع الحظر، وهي كيفية مراعاة التعاليم الوهابية بعدم تعامل النساء مع رجال أغراب في الطرق والمرور. وأضافت أنّ المملكة ستحتاج أولًا إلى إنشاء قوة شرطة نسائية منفصلة، وكذلك مدارس لتعليم قيادة السيارات.

ويشكك الكثيرون في جدوى «التحول النموذجي» الذي تقترحه «المعينا». ويؤكدون على ذلك بنتيجة حملة سابقة منذ أكثر من عام لرفع ولاية الرجل على المرأة، بعد أن وقعت الكثير من النساء على عريضة سلمت إلى الملك «سلمان»، والذي أنكر تسلمه العريضة.

ويشير المتشككون أيضًا إلى الأهداف المحدودة للنهوض بالمرأة الواردة في المخطط الرئيسي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية في المملكة على مدى الأعوام الـ 13 المقبلة، من خلال رؤية 2030. وتؤيد الرؤية تكافؤ الفرص بين الرجال والنساء في الاقتصاد، ولكن بعد ذلك، تحدد هدف زيادة نسبة الإناث في القوى العاملة لتصبح بين 22 إلى 30% فقط. وتشكل النساء حاليًا 80% من بين 917 ألفًا من العاطلين عن العمل المسجلين رسميًا في المملكة. وتلتزم الخطة أيضًا بمسألة ولاية الرجل وحظر قيادة المرأة.

ومع ذلك، تجادل ناشطات في مجلس الشورى، مثل «موضي الخلف»، أن قيود الوصاية يتم التخلص منها «شيئًا فشيئًا». حيث يمكن الآن حصول النساء على بطاقات الهوية الخاصة بهن. وقالت أنّ «أقلية» فقط من النساء، ولاسيما من «الأسر المحافظة جدًا»، يتعرضن لمثل تلك الانتهاكات الآن. وقد ذكرت أيضًا تراجع الشرطة الدينية، التي كانت تقيد من حركة النساء في الأماكن العامة، منذ أن جردهن الملك من سلطة الاعتقال قبل عام.

وبدلًا من القيادة أو التخلي عن الولاية، أشارت الخلف إلى إدراج المرأة في وظائف عليا في القطاعين الخاص والعام كأولوية قصوى لها. وقد أشارت إلى كونها فخورة برؤية ثلاث سعوديات يرتقين إلى رتبة الرئيس التنفيذي في عالم الأعمال والمال. واعترفت بأنّ «الحكومة بطيئة». وأضافت: «علينا أن نكافح من أجل تحسين ذلك».

واقترحت «الخلف» واثنتان أخريان من أعضاء مجلس الشورى، في منتصف مارس/آذار، تعيين امرأة نائبًا لوزير العمل والتنمية الاجتماعية. وجاء رد الحكومة على طلبهن في آخر تغييرٍ في الحكومة في أواخر أبريل/نيسان، حيث لم يتم تعيين امرأة واحدة في أي منصبٍ وزاري.

مركز وودرو ويلسون- ترجمة وتحرير شادي خليفة - الخليج الجديد-