مجتمع » حريات وحقوق الانسان

المعارضون يفرون من الخليج هربًا من القمع

في 2017/07/24

إيكونوميست- ترجمة شادي خليفة -

على مدى عامين، قدم «غانم المصارير الدوسري»، وهو ناقد سياسي ساخر، وجهة نظره السياسية بنظرة هزلية عبر الإنترنت، في عرض يدعى «فضفضة»، والذي يسخر فيه من الحكم في المملكة. ويصور ولي العهد الشاب والحاكم بحكم الأمر الواقع، «محمد بن سلمان»، يلبس الحفاضات. وتجذب قناته على يوتيوب الملايين من المتابعين، ومعظمهم من السعوديين. ويقول: «لو عدت إلى وطني، ستقطع رأسي». ويبث «الدوسري» من ضاحية شمال لندن، وقال أنّه يأمل في ألا يصل السيف الملكي إلى رقبته.

ومنذ أن بدأت صحيفة «الشرق الأوسط» في بريطانيا عام 1978، عملت لندن كمركز إعلامي عربي. ووجد الصحفيون في المنفى فرارًا من سيف الرقابة والحرية في الكتابة. لكنّ الحملات على النقاد والرقابة على الكتابة تتجدد الآن.

وكجزء من حملتها ضد قطر، طالبت المملكة العربية السعودية بإغلاق قناة الجزيرة الفضائية وغيرها من القنوات الإعلامية التي تمولها قطر، وهددت بالسجن خمس سنوات لأي شخص يغرد على موقع تويتر بالتعاطف مع قطر أو دفع غرامة كبيرة. ورفعت الإمارات العربية المتحدة العقوبة إلى 15 عامًا.

وقد سجنت عُمان المحررين. وفي الشهر الماضي، أغلقت البحرين آخر صحيفة مستقلة بها، الوسط. وأُغلقت قناة فضائية أطلقت في البحرين في اليوم الأول بعد مقابلة مع أحد المعارضين الشيعة. وقد تم منع «جمال خاشقجي»، الصحفي السعودي المخضرم، من بين المئات الذين منعتهم الحكومة السعودية من الحديث عن قطر، أو في أي قضية أخرى. وقد اختار المنفى في الغرب.

وقبل ​​عقدٍ من الزمان، كانت وسائل الإعلام العربية تعود إلى الوطن من المنفى، وتم إغراؤها بافتتاح «مدن إعلامية» ووعود عربية بإعطاء الحرية للإعلام. وقد انتقلت قناة «إم بي سي»، وهي قناة فضائية شعبية مقرها لندن، إلى دبي. وأُطلقت قنوات جديدة مثل قناة الجزيرة والعربية وسكاي نيوز العربية في الخليج. ولكن في عام 2011، اندلع الربيع العربي، ورد المستبدون العرب بضرب منتقديهم.

وتواجه الجزيرة، التي بثت صرخات وهتافات تغيير النظام بكثافة، السلمية وغير السلمية، غضب الشيوخ والرؤساء. وعندما أخفق إغلاق المكاتب وسجن الصحفيين في مصر في إخضاعها، وقعت حكومات الخليج اتفاقًا مع قطر عام 2013 للحد من وسائل الإعلام. وأغلقت الجزيرة فرعها المصري، وبعد تعتيمٍ مؤقت، ألقي فيه باللوم على الصعوبات التقنية، بثت لفترة وجيزة من لندن. وانتقلت قطر إلى عمليات جديدة في الخارج. وتم إطلاق موقع العربي الجديد في غرب لندن، إلى جانب مواقع مثل عربي 21 والنسخة العربية من هافينغتون بوست. وتبقى القناة في لندن، على حد قول الجزيرة، القناة الاحتياطية، على سبيل المثال، إذا حدث غزو من السعوديين أو الإماراتيين.

ويعد الذهاب إلى لندن تقليد قديم. ومنذ «كارل ماركس»، كانت لندن الموطن المفضل للمعارضين. وقد حكم القضاة البريطانيون مرارًا وتكرارًا ضد عودة النشطاء. وقد قاومت بريطانيا الضغوط الإماراتية لحظر جماعة الإخوان المسلمين واستضافت عددًا أكبر بكثير من الشخصيات الإخوانية من قطر. وقد استقر عشرات النشطاء الشيعة من البحرين في بريطانيا، وأرسلوا من هناك احتجاجاتهم إلى الخليج. ورهنًا بحملة أردنية لحظرها عبر العالم العربي، أطلقت «مشروع ليلى»، وهي فرقة موسيقية لبنانية تحوي كلماتها محرمات جنسية وسياسية، أحدث ألبومٍ لها في لندن.

ومع ذلك، فإنّ الطغاة لديهم أسلحة طويلة المدى. وتقوم حكومات الخليج بتمويل وسائل الإعلام الخاصة بها في لندن، وتغري الصحفيين للانتقال إلى صفوفها. وقد أصبحت الشرق الأوسط، التي استحوذ عليها ولي العهد السعودي عام 2015، صوت سيدها الجديد. وكانت إحدى الصحف التي تصدر في لندن، وهي صحيفة «الحياة»، يشاد بها بأنّها الأكثر احترافية في الصحف العربية، لكنّها تميل الآن إلى الانحياز. وفي 18 يوليو/تموز، حاول داعمون للرئيس المصري «عبد الفتاح السيسي» إفشال حوارٍ حول قناة الجزيرة في نادٍ للصحفيين في لندن. ولا يزال السيد «الدوسري» يخفي عنوانه. وفي عام 1987، أُصيب كبير رسامي الكاريكاتير العرب، الفلسطيني «ناجي العلي»، بإطلاق النار في أحد شوارع لندن.