مجتمع » حريات وحقوق الانسان

هل انتصرت "مريم" على نظام الولاية السعودي؟

في 2017/08/01

الخليج أونلاين-

فجّر إطلاق سراح الناشطة السعودية مريم العتيبي، الأحد، قضية ولاية الرجل على المرأة من جديد، والتي أخذت مساحة كبيرة من النقاش في السنوات الماضية.

وقد جاء الإفراج عنها بعد صدور أمر النائب العام، سعود المعجب، بالإفراج الفوري "عن السجينة"، بحسب ما ذكر موقع "يورو نيوز".

وتفاعل ناشطون سعوديون على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" مع خبر إطلاق سراح مريم العتيبي، بعد سجنها لأكثر من 100 يوم، إثر مغادرتها لمنزل والدها دون إذنه، وذلك بعد دعوتها لإسقاط ولاية الرجل.

وعبر وسم "#مريم_حره_بدون_ولي" تداول ناشطون، الأحد، أن السلطات السعودية أطلقت سراح الناشطة في مجال حقوق المرأة، ووصف بعضهم إطلاق سراحها دون حضور ولي أمر "ذكر" لها "بالخطوة المهمة".

ولطالما اشتكت سعوديات من نظام الولاية الذي يشعرهن بالتبعية للرجل، ودعون لإعادة النظر فيه وإسقاطه، وطالبن بـ"الكفّ عن معاملة المرأة كمواطنة من الدرجة الثانية وكأن الأنوثة ذنب مجبرين نكفر عنه ونتعاقب عليه طول حياتنا"، بحسب ناشطات سعوديات مناهضات لفكرة ولاية الرجل على المرأة.

وتقول السعودية إنها تطبق الشريعة الإسلامية ومعايير اجتماعية صارمة، حيث يفرض على النساء الحصول على موافقة الوالد أو الأخ أو الزوج قبل السماح لهن بالسفر أو الزواج أو العمل، أو حتّى الخروج من السجن، كما تمنع النساء من قيادة السيارات في المملكة.

ويقول ناشطون إن نظام الولاية يمنع السجينة من الخروج من السجن بعد انتهاء محكوميتها إلا إذا أتى الرجل لاصطحابها، ما يعرضها للبقاء في السجن لمدة أطول في حال قرر "ولي أمرها" عدم الحضور.

وفي وقت سابق من العام الجاري، أصدر الملك سلمان بن عبد العزيز أوامر بتعديل قواعد ولاية الرجال على النساء في المملكة، ما سمح بخروج العتيبي من السجن دون موافقة ولي أمرها.

- الهروب من الجحيم!

العتيبي، هي ناشطة لها متابعون كُثُر على مواقع التواصل الاجتماعي، شاركت في حملة ضد "نظام الولاية" الذي أشعل الكثير من الجدل في المملكة، وشهدت هذه الحملة مشاركة واسعة على وسم "أنا ولية نفسي" على مواقع التواصل، كما أُرسلت مناشدات للملك سلمان ووقعت على عريضة بذلك.

وسبق أن وقع نحو 14 ألف سعودي وسعودية، في ديسمبر الماضي، على عريضة قدموها إلى السلطات، تطالب باعتبار المرأة فوق سن الـ21 "شخصاً بالغاً"، ويجب إسقاط ولاية الرجل عنها، وجاءت هذه العريضة ضمن حملة بدأت منذ 5 سنوات لتحقيق هذا المطلب.

ولم تكتف العتيبي بهذه الحملة، بل غادرت منزل والدها سعياً إلى بدء حياة مستقلة، لكن أفراد عائلتها من الذكور رفضوا هذا التصرف، وفقاً للمركز الخليجي لحقوق الإنسان، الذي قال إنها انتقلت إلى العاصمة الرياض دون موافقة والدها، ما أدى لتقدمه بشكوى إلى الشرطة وفقاً لنظام الولاية، ومن ثم ألقي القبض عليها في أبريل الماضي.

وقبل وقت قصير من اعتقالها، غردت العتيبي على موقع "تويتر" قائلة إنها لا ترغب في "العودة إلى الجحيم"، متهمة الشرطة في بلدتها (الرس) بالتواطؤ مع عائلتها ضدها.

ونشرت صورة على "تويتر" تظهر بطاقة هوية العتيبي، وشعار يطالب بإسقاط ولاية الرجال على النساء في السعودية.

وخلال فترة اعتقالها، التي بلغت 104 أيام، نقلت مريم إلى قسم النساء في سجن "الملز" بالرياض، وذلك حسبما قال مركز الخليج لحقوق الإنسان.

- احتفاء بالنصر

وبعد الحملة التي أطلقتها العتيبي وما حققته من انتشار واسع بالسعودية، والثمن الباهظ الذي دفعته بتكبيلها بالسجن إثر مغادرتها من منزلها، ترقبت السعوديات خروجها من السجن، وعبرن عن احتفائهن بهذا النصر.

الإعلامية السعودية لجين الهذلول هنأت العتيبي بإطلاق سراحها، ووصفتها بـ"العظيمة"، وقالت في تغريدة عبر حسابها على "تويتر": "الحمد لله على سلامتك يا عظيمة".

مطالبات السعوديات والمنظمات الحقوقية بتعديل قانون الولاية ونقده ليست بجديدة، ولم تقتصر فقط على المملكة.

ففي يناير الماضي، دعا مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بالفقر المدقع وحقوق الإنسان، فيليب ألستون، في ختام زيارة إلى العاصمة السعودية الرياض، سلطات المملكة إلى السماح للنساء بقيادة السيارة وإصلاح نظام ولاية الرجل على المرأة. وفي 2016 وقع آلاف الأشخاص عريضة تطالب بإلغاء هذا القانون.

ورغم أن الحكومة لم تعد تطلب موافقة الرجل لتوظيف المرأة، فإن منظمة "هيومن رايتس ووتش" المعنية بالدفاع عن حقوق الإنسان، أكدت في تقرير أن العديد من الدوائر الحكومية لا تزال تشترط هذه الموافقة لتوظيف النساء.

ونشرت "هيومن رايتس ووتش" العديد من مقاطع الفيديو التي تقف مع المرأة السعودية، وتوضح أثر نظام الولاية عليها.

وفي الشهر نفسه الذي أوقفت فيه العتيبي، أوقفت أيضاً دينا السلوم، وهي فتاة سعودية تبلغ من العمر 24 عاماً، في مطار العاصمة الفلبينية مانيلا، لدى محاولتها ترك عائلتها وطلب اللجوء إلى أستراليا.

وأجبرت دينا على العودة إلى الرياض برفقة أقاربها، ولم يسمع عنها منذ ذلك الحين، وقالت السفارة السعودية في مانيلا حينئذ إن الأمر "مجرد شأن عائلي".

ونشر ناشطون مقطع فيديو يظهر السلوم وهي في مطار مانيلا.

وتمكنت السلوم من تسجيل مقطع فيديو تتحدث فيه بالإنكليزية، تحكي حكايتها، وتطلب المساعدة من الجميع لأنها ستقتل إذا تسلمها أهلها، ونشرتها على صفتحها على تويتر، ورفعها العديد من المتضامنين معها على موقع "يوتيوب".

وقالت في رسالتها إلى العالم: "اسمي دينا علي، وأنا امرأة سعودية أهرب من السعودية إلى أستراليا سعياً للجوء. توقفت في الفلبين في رحلتي، وأخذوا جواز سفري، واحتجزوني 13 ساعة لأني امرأة سعودية بالتعاون مع السفارة السعودية".

رسالة الفتاة كان لها تأثير كبير بين مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي وتعاطفوا معها ودشنوا وسم (SaveDinaAli#) وآخر باللغة العربية (#دينا_علي) وأعلن الشباب والفتيات تضامنهم مع دينا مطالبين بالسماح لها بالتنقل.

وتستمر مطالبات السعوديات بمنحهن حقوقهن وعدم التمييز بينهن وبين الرجال.

وأطلقت سابقاً حملات على "تويتر" تحت وسم "#سعوديات_نطالب_بإسقاط_الولاية100"، و"#سعوديات_نطالب_باسقاط_الولاية"، وتفاعل معها عدد كبير من الناشطين داخل السعودية أو خارجها، معتبرين أن نظام الولاية "أسوأ من السجن، فهو سلب لقدرة الإنسان على الاختيار مدى الحياة".

ومن جهة أخرى هاجم عدد من الشباب الوسم، واعتبروه بلا فائدة، وأكدوا أن "نظام الولاية راسخ في الدولة السعودية".

ولكن بعد التغييرات التي أحدثت في قانون الولاية، وما فجرته العتيبي عبر حملتها وأثناء سجنها وحتّى بعد خروجها، يتوقع أن تغير هذه الحملات مجرى حياة السعوديات.