مجتمع » حريات وحقوق الانسان

حماية للمدنيين.. كندا تراجع صادراتها من الأسلحة للسعودية

في 2017/08/09

DW- بالعربية-

دعت مجموعات مدافعة عن حقوق الإنسان كندا إلى وقف كافة مبيعات الأسلحة إلى المملكة العربية السعودية بسبب مزاعم حول قيام السعودية باستخدام أسلحة كندية في قمع للمدنيين في شرق المملكة.

فعلى شبكات التواصل الاجتماعي توجد صور تظهر ما يُزعم أنها شاحنات مدرعة صنعت في كندا، تم استخدامها من قبل القوات الحكومية السعودية ضد الشيعة في منطقة القطيف، التي تسودها الاضطرابات، بالمنطقة الشرقية بالسعودية، حسب ما ذكرته بداية صحيفتا "ذا غلوب" و "ميل".

"يجب فهم التقارير على أنها إشارات تحذير، وبالتالي يجب أن تكون هناك مطالب بتعليق كل الصادرات العسكرية إلى المملكة العربية السعودية"، يقول سيزار خاراميو، الرئيس التنفيذي للمنظمة الكندية غير الحكومية "بروجيكت بلاوشيرز" (Project Ploughshares)، المناهضة للحروب.

وأضاف خاراميو في حديث مع DW "إذا تأكد الاستغلال السيئ لهذه المعدات العسكرية الكندية، فيجب أن تؤدي عملية التعليق إلى إلغاء مثل هذه العقود."

ومن جانبها أفادت الحكومة الكندية من أوتاوا أنها تبحث بكثافة عن مزيد من المعلومات حول ما إذا كان قد تم بالفعل استخدام أسلحة كندية ضد المواطنين السعوديين. وقالت ناتاشا نيستروم، المتحدثة باسم وزارة الخارجية الكندية إن الحكومة أيضا قد أعربت للسعودية عن قلقها من أن العمليات الأمنية في الجزء الشرقي من البلاد قد لا تتوافق مع القانون الدولي.

وكتبت نيستروم لـDW عبر البريد الإلكتروني "إذا تبين أن الصادرات الكندية تم استخدامها لارتكاب انتهاكات خطيرة ضد حقوق الإنسان، فإن الوزير (وزير الخارجية) سيقوم باتخاذ إجراءات."

وقالت صحيفة "ذا غلوب" إنه وفقا لصور تظهر على شبكات التواصل الاجتماعي ما يبدو أنها قوات مسلحة سعودية تستخدم العربات المدرعة "جورخا ار بي في" (Gurkha RPV) في عملياتها في القطيف. ويتم تصنيع هذه المركبات العسكرية من قبل شركة "ترادين" (Terradyne)  للعربات المدرعة، بالقرب من تورونتو. وأكد خبراء عسكريون أن ما يظهر في الصور هو هذا النوع من المركبات، حسبما ذكرت الصحيفة.

الأقلية الشيعية

وكان خمسة أشخاص على الأقل قد قتلوا في بلدة العوامية في شرق البلاد، عندما قامت القوات الحكومية بعملية بهدف ملاحقة من يزعم بأنهم مقاتلون شيعة في المنطقة. ووفقا لتقارير، تم تشريد المئات. وزعمت التقارير أن القوات السعودية بأنها قامت بإطلاق النار عشوائيا على المنازل والمحال التجارية.

القطيف يستوطنها جزء كبير من الأقلية الشيعية في المملكة، التي تترواح نسبتها بين 10 و15 في المئة من السكان. ويتهمون الحكومة بتهميشهم منذ مدة طويلة. وفي الأوقات الأخيرة غالبا ما كانت المنطقة الشرقية مسرحا لاحتجاجات محلية ضد الحكومة السعودية.

وكانت الحكومة الكندية قد ذكرت في بيان علني في أواخر يوليو/ تموز أن كندا "قلقة إزاء تصاعد العنف" في المنطقة. وعلاوة على ذلك، تحث كندا السلطات السعودية على مواجهة التحديات الأمنية بطريقة "تتفق مع القانون الدولي لحقوق الإنسان." كما أعلنت الحكومة الكندية معارضتها لعقوبة الإعدام بعدما أصدرت المحكمة العليا في المملكة حكمها بإعدام 14 رجلا.

انتهاك للوائح التصدير؟

منظمات حقوق الإنسان الكندية دعت طيلة أشهر حكومة أوتاوا لإلغاء صفقة تسلح آخر مثيرة للجدل مع المملكة العربية السعودية؛ بسبب القلق من أن تلك الأسلحة يمكن أن تستخدم في ارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان.

وكانت أوتاوا قد أعلنت في عام 2014 تحت قيادة رئيس الوزراء الكندي آنذاك ستيفن هاربر، عن اتفاق للمرة الأولى بشأن التعاقد على صادرات أسلحة للسعودية بقيمة حوالي 15 مليار دولار كندي.(10 مليار يورو).

لكن الحكومة الليبرالية الحالية تحت جاستن ترودو تؤيد الاتفاق، الذي يتضمن وعدا للسعوديون بالحصول في الاعوام القادمة على مدرعات عسكرية تنتجها شركة "جنرال دايناميكس لاند سيستمز" (General Dynamics Land Systems) من أونتاريو.

ويخشى نشطاء حقوق الإنسان من إمكانية استخدام الأسلحة ضد مواطنين سعوديين، كما يخشون أيضا من أن تستخدم في اليمن من قبل التحالف بقيادة السعودية ، الذي يواجه اتهامات بقصف منازل ومدارس ومستشفيات بشكل متكرر.

وأشار ناشطون في مجال حقوق الإنسان إلى لوائح التصدير في كندا كأساس لمنع الصفقة. حيث تتضمن اللوائح أن المعدات العسكرية الكندية لا يتم تصديرها إلا إذا خلا الأمر من "أي خطر معقول" في أن تستخدم تلك الأسلحة ضد مدنيين.

منظمة العفو الدولية فرع كندا من بين المنظمات التي تطالب أوتاوا بإنهاء الاتفاقية. "تزايد التوترات والصراعات في شرق المملكة، والتي بسببها أعربت الحكومة الكندية أنها قلقة، تظهر مدى عدم الاطمئنان بالنسبة لكندا للموافقة على بيع المركبات المدرعة في الوقت الراهن"، يقول أليكس نيفي، الأمين العام لمنظمة العفو الدولية في كندا.

مبيعات أسلحة مثيرة للجدل

كندا ليست البلد الوحيد، الذي تزيد فيه المطالب، لوقف مبيعات الأسلحة إلى العربية السعودية. ففي المملكة المتحدة، سعت حملة كبرى لوقف مبيعات الأسلحة إلى السعودية. وقضت "المحكمة العليا" في يوليو/ تموز أن الحكومة كانت على حق في القيام بأعمال تجارية مع السعودية.

حتى في الولايات المتحدة كان هناك نقاش حول هذا الموضوع. وهناك وافق مجلس الشيوخ بأغلبية ضعيفة في يونيو/ حزيران على صفقة أسلحة بقيمة 500 مليون دولار. وفي ألمانيا تثير الصادرات العسكرية إلى السعودية الجدل منذ عدة سنوات. ولذلك قالت الحكومة السعودية في مايو/ أيار إنها لن تطلب من ألمانيا المزيد من الأسلحة، وبدلا من ذلك سيجري التركيز على التعاون في مجالات أخرى.

وتقوم كندا بتصدير عربات مدرعة إلى السعودية منذ تسعينات القرن الماضي وباعت لها بين عامي 1993 و 2015، أكثر من 2900 مركبة عسكرية من نوع "العربات المدرعة الخفيفة" بقيمة إجمالية تصل إلى 2.5 مليار دولار كندي (حوالي 1.6 مليار يورو). والسعودية هي أكبر سوق للأسلحة الكندية بعد الولايات المتحدة. وخلال العام الماضي اشترت المملكة أسلحة بقيمة 142 مليون دولار كندي (حوالي 95 مليون يورو)، وهو يمثل ما يقرب من 20 في المئة من إجمالي الصادرات العسكرية الكندية.