الخليج الجديد-
كشف ناشط حقوقي ومغرد شهير عن أساليب «مهينة» استخدمتها السلطات السعودية مع الدعاة والكتاب وغيرهم من الشخصيات الذين طالتهم حملة الاعتقالات الأخيرة، واعتبرا أنها أساليب لا تستخدم حتى مع أعتى المجرمين.
ومتحدثا عن طريقة اعتقال الداعية البارز «عوض القرني»، قال الناشط الحقوقي السعودي «يحيى العسيري»، إن قوة أمنية داهمت منزل «القرني»، وقامت بمصادرة بعض الحواسيب، وتفتيش المنزل، قبل أن يقتادوه إلى «سجن شعار»، شمالي مدينة أبها (جنوب غرب)، وهو سجن سياسي يتبع المباحث العامة.
وأضاف «العسيري»، في لقاء مع قناة «الحوار»، أنه منذ نقل «القرني» إلى هذا السجن، ولم يسمح له بإجراء أي اتصال مع عائلة، مؤكدا أن الدخول إلى منزل الأخير كان بطريقة «سيئة للغاية»، ويمكن وصفها بأنها «همجية ومحطة للكرامة».
وعن اعتقال الشيخ «سلمان العودة»، قال الناشط الحقوقي إن «عددا من الأشخاص بلباس مدني حضروا إلى منزل «العودة»، وطلبوا منه أن يرافقهم إلى التحقيق بشأن تغريدته التي اعُتبرت انحيازا لموقف قطر في الأزمة الخليجية الراهنة.
وأضاف أن «العودة» قال للرجال، الذين حضروا لاعتقاله، إنهم يستطيعوا أن يرسلوا له طلب رسمي، وأنه سيحضر إلى مقر التحقيق بمجرد استلام هذا الطلب.
وتابع: «غضب أحدهم (رجال الأمن) وكان يمثل دور الغاضب، واتهم الدكتور (العودة) بأنه يقف ضد وطنه، بينما كان آخر يحاول أن يهدئ الموقف، ويطلب من الدكتور أن يرافقهم إلى المباحث للسؤال حول التغريدة، وبالفعل استجاب الدكتور، ورافقهم، وحتى الآن لم يخرج من السجن».
وكان آخر ما نشره «العودة»، قبيل اعتقاله، الأحد الماضي، تغريدة عبر «تويتر»، قال فيها: «ربنا لك الحمد لا نحصي ثناءً عليك، أنت كما أثنيت على نفسك، اللهم ألّف بين قلوبهم لما فيه خير شعوبهم».
تغريدة «العودة» جاءت عقب الاتصال الهاتفي بين أمير قطر، «تميم بن حمد»، وولي العهد السعودي، «محمد بن سلمان».
حساب «العهد الجديد» على «تويتر» كشف أيضا طريقة اعتقال السلطات السعودية للداعية البارز «محمد موسى الشريف» والكاتب والباحث الاقتصادي «عصام الزامل».
وقال إنّ اعتقال الداعية «الشريف» تمّ بعد أن دخلوا عليه البيت من دون استئذان.
وأوضح أنّ امرأةً مُغطاة بالكامل -لا يُعرف أن كانت امرأة أم رجل-، دخلت المنزل، ثم طلبوا منه أن يركب معهم فوراً، لكنّ «الشريف» قال لهم إن الأسلوب المستخدم في عملية الاعتقال لا يحدث مع المجرمين، وحينها هددوه واقتادوه أمام الجيران ونقلوه الى جهة مجهولة.
وعن اعتقال اعتقل «الزامل»، قال «العهد الجديد»، إن الرجل تم اعتقاله بعد عودته من رحلة أمريكا؛ حيث تم توقيفه في المطار لمدة ساعتين، إذ أجلسوه على جنب وقالوا له «سنأخذ منك معلومات»، وبعد ذلك نقل إلى السجن.
ومنذ الأحد الماضي، تشهد السعودية حملة اعتقالات طالت العديد من الدعاة والعلماء والكتاب والباحثين والشعراء والمغردين، حسب مصادر مطلعة لـ«الخليج الجديد»، ومصادر حقوقية، وناشطين.
إذ تأكد، وفق تلك المصادر، اعتقال السلطات السعودية قرابة 40 شخصا بينهم دعاة بارزون هم: «سلمان العودة» و«عوض القرني»، و«يوسف الأحمد»، و«إبراهيم الفارس»، و«إبراهيم الناصر»، و«محمد الهبدان»، و«غرم البيشي»، و«محمد بن عبدالعزيز الخضيري» و«علي العمري»، «محمد موسى الشريف»، و«إبراهيم الحارثي»، و«حسن فرحان المالكي»، و«خالد العجيمي»، و«عبد المحسن الأحمد»، «وليد الهويريني»، و«ناصر العمر», و«علي بادحدح»، و«خالد الشنار»، و«عادل باناعمة»، «عبدالله السويلم»، «مساعد حمد الكثيري»، «الشيخ ابراهيم هائل اليماني».
كما شملت قائمة المعتقلين الأكاديمي «فهد السنيدي»، و«عبدالعزيز آل عبداللطيف» أستاذ العقيدة، والأكاديمي والروائي «مصطفى الحسن»، والشاعر «زياد بن نحيت»، الذي اشتُهر بمدحه لولي العهد السعودي، «محمد بن سلمان»، والباحث الاقتصادي «عصام الزامل»، والباحث في الشريعة «عبدالله المالكي»، و«خالد بن فهد العودة» شقيق الداعية «سلمان العودة»، والإعلامي «خالد المهاوش»، والقارئ «إدريس أبكر»، والمنشد «ربيع حافظ»، والمغرد «البناخي».
كما طالت الاعتقالات نساء من بينهن: الداعية «رقية المحارب»، والكاتبة «نورة السعد»، والأكاديمية عضو مجلس الأمناء في مركز الحوار الوطني «نوال بنت عبدالعزيز العيد».
ولم تكشف السلطات السعودية عن أسباب محددة للاعتقالات. لكن مديرة قسم الشرق الأوسط في منظمة «هيومن رايتس ووتش» الحقوقية، «سارة ليا ويتسن»، قالت في تقرير الجمعة: «يبدو أن لهذه الاعتقالات دوافع سياسية، وهي علامة أخرى على أنه لا مصلحة حقيقية لمحمد بن سلمان في تحسين سجل بلاده في حرية التعبير وسيادة القانون».
وأشارت «هيومن رايتس»، في تقريرها، إلى أن «وكالة الأنباء السعودية» (واس) بدت وكأنها تؤكد حملة الاعتقالات تلك في منشور بثته يوم 12 سبتمبر/أيلول الجاري.
إذ أشارت «واس»، عبر هذا المنشور، إلى قيام «رئاسة أمن الدولة»، الوكالة الجديدة لمكافحة الإرهاب في البلاد، بـ«رصد أنشطة استخباراتية لمجموعة من الأشخاص لصالح جهات خارجية ضد أمن المملكة ومصالحها ومنهجها ومقدراتها وسلمها الاجتماعي بهدف إثارة الفتنة والمساس باللحمة الوطنية».
وحسب مراقبين، هناك عدة أسباب للحملة التي تشنها السلطات السعودية على الدعاة والمفكرين السعوديين، أبرزها رفض كثير من هؤلاء توجيهات من الديوان الملكي بمهاجمة قطر، والثاني رغبة «بن سلمان» في عدم وجود أي معارضة داخلية لخطوة تنصيبه ملكا التي يجرى الترتيب لها على قدم وثاق.