مجتمع » حريات وحقوق الانسان

مركز حقوقي دولي: الإمارات تستخدم التكنولوجيا في قمع المعارضين

في 2017/12/01

وكالات-

تهم مركز حقوقي دولي من السلطات الإماراتية بـ«الاستعمال القمعي للتكنولوجيات الحديثة» ضد المعارضين، داعيا «الشركات عبر الوطنية» التي تتعامل مع أبوظبي، بعدم مشاركتها في انتهاك الحقوق الأساسية.

وفي تقرير لـ«المركز الدولي للعدالة وحقوق الإنسان» (غير حكومي ومقره جنيف)، قال إن «تعامل مؤسسات عبر وطنية وغيرها من المؤسسات، في نشاط تجاري ومالي وتقني مع سلطات الإمارات، دون أن تتحرى بخصوص وجود الضمانات القانونية والفعلية لاحترام حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، هو مشاركة للسلطات في الانتهاكات الجسيمة التي تقترفها في حق النشطاء السياسيين والحقوقيين والمدونين والتي نالت من أمانهم الشخصي وكرامتهم وحرمتهم الجسدية والأدبية».

ولفت التقرير الذي حصل «الخليج الجديد» على نسخة منه، إلى «قرار مجلس حقوق الإنسان في 16 يونيو/حزيران 2011، بخصوص المبادئ التوجيهية للمؤسسات وحقوق الإنسان والذي أكد واجب المؤسسات، بأن تأخذ بعين الاعتبار في نشاطها التجاري، مبادئ حقوق الإنسان، وألا تتورط في انتهاك حقوق الإنسان والحريات الأساسية».

وأوضح التقرير أن «الامارات تتباطأ في الانضمام لعديد الصكوك والعهود الدولية، ومنها العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، والعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، ولا زالت تتحفظ على عدد من مواد الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب، ولم تنضم للبرتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب».

وأضافت أن كل ذلك «يجعل المواطن الاماراتي عرضة لانتهاك حقوقه، دون أي ضمانات تتيح له التظلم أو المطالبة باحترام الحريات العامة».

ولفت التقرير الحقوقي إلى «تعمد سلطات الإمارات صياغة مواد التجريم والعقاب بشكل عام وفضفاض، من أجل التمكن بسهولة من ملاحقة الناشطين السياسيين والحقوقيين والمدونين وحبسهم لمدد طويلة».

وعاب التقرير «عدم اشتراط المؤسسات التجارية، قبل تعاملها مع سلطات الإمارات، وعدم إساءة استخدام التقنية المتطورة المبيعة للنيل، وانتهاك حقوق الإنسان والحريات الأساسية، والتدخل التعسّفي في خصوصية الشخص أو أسرته أو بيته أو مراسلاته أو سمعته، كما لم تشترط سنّ قوانين متطابقة مع المعايير الدولية، ووجود إشراف قضائي مستقل ونزيه، والحق في التظلم للضحايا وجبر الضرر وردّ الاعتبار».

وجاء ترتيب الإمارات متأخرا في مؤشر الديمقراطية لسنة 2016؛ إذ احتلت المرتبة 147، ووصف نظام حكمها بـ«النظام التسلطي»، كما تصنف كدولة «مغلقة» وفقا لمرصد «سيفيكوس» المختص بالفضاء المدني، بعد أن وجد الاحتجاج العام داخل دولة الإمارات أمرا مستحيلا، ورصد رقابة صارمة على محتوى الإنترنت.

كما تأخرّ ترتيب الإمارات، في مؤشر حرية الإنترنت لسنة 2016؛ فاحتلت المركز 55 عالميا من أصل 65، واحتلّت المركز 119 من أصل 167 في مؤشر حرية الإعلام والصحافة.

قمع تقني

وكشف التقرير أن شركة «بي أيه إي سيستمز» البريطانية للصناعات الدفاعية، تمد الإمارات بتكنولوجيا تجسس متطورة وأنظمة فك شفرات.

كما اقتنت الإمارات من شركات بريطانية سنة 2015 أنظمة حديثة لاعتراض الاتصالات والتنصّت على الهواتف ومنها ما يعرف بـ«IMSI-catchers».

ولفت إلى إطلاق الإمارات «نظام عين الصقر»، لرصد المكالمات، واعتراض الاتصالات والمراسلات، وتعقب نشاط السياسيين والمدافعين عن حقوق الإنسان والمدونين.

كما سنّت دولة الإمارات، العديد من القوانين التي نالت من خصوصية الناشطين السياسيين والحقوقيين والمدونين، واخترقت حياتهم الخاصة ومنها القانون عدد 5 لسنة 2012 بشأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات والقانون الاتحادي عدد 3 لسنة 2012 بشأن إنشاء الهيئة الوطنية للأمن الإلكتروني.

وساهمت كذلك المعدات التي يستخدمها جهاز أمن الدولة في التنصت ومراقبة تحركات وأنشطة المدافعين عن حقوق الانسان في الزج بالكثير منهم في السجون فقط؛ بسبب انتقادهم للنظام السياسي أو لمنهج الاعتقالات التعسفية أو الإبلاغ عن حالات انتهاك لحقوق الانسان.

شواهد قمعية

وحسب التقرير، أفاد الناشط الحقوقي الإماراتي، «أحمد منصور»، قبل اعتقاله بتعرّض هاتفه النقال نوع «آي فون» للاختراق والتجسس عليه،؛وهو ما جعل مؤسسة «آبل» تتدخّل لتؤكد على سعيها لمزيد تأمين هواتفها منعا لاختراقها.

وعوقب المدوّن والناشط الحقوقي «أسامة النجار»، لمدّة ثلاثة سنوات وغرّم بنصف مليون درهم، وصودرت كافة معداته الالكترونية وأغلقت جميع حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي، وذلك بسبب تغريدة عبر حسابه على «تويتر» يدافع فيها عن والده «حسين النجار»، ويظهر براءته.

كما أن الدكتور «ناصر بن غيث»، مثل أمام دائرة أمن الدولة بالمحكمة الاتحادية العليا في أبوظبي، وسجن مدّة عشر سنوات من أجل تغريدات على «تويتر» بشأن الوضع المصري لحقوق الإنسان.

وسجن أيضا، الصحفي الأردني «تيسير نجار»، لمدة ثلاث سنوات، وخطية مالية قدرها نصف مليون درهم، من أجل التعبير عن رأيه في حصار غزة.

وعوقبت، أيضا، «أمينة العبدولي»، بخمس سنوات سجنا وأخاها «مصعب العبدولي» بسبع سنوات؛ بسبب تغريدات حول والدهم الذي توفي في سوريا.

حقوق اقتصادية واجتماعية

كما عاب التقرير، مشاركة الشركات عبر الوطنية، في انتهاك الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للعمال، بعدما وضعتهم تحت نظام الكفالة.

فضلا عن شيوع حجز ومصادرة جوازات سفر العمال المهاجرين من قبل أرباب العمل رغم قضاء المحاكم الإماراتية بعدم قانونية مصادرة جوازات السفر، حسب التقرير.

وأضاف التقرير: «وفوق ذلك تُنتهك حقوق العملة المهاجرين وأفراد أسرهم على مرأى ومسمع من السلطات؛ فالأجور منخفضة بالقياس مع العمل لساعات طويلة، كما لا نجد التزاما من أرباب العمل بالحدّ الأدنى للأجور».

وتابع: «كما أنّ مخاطر العمل عالية جدّا مع فقدان شروط السلامة والأمان للعمل، ونجد المخاطرة خاصة فيما يتعلق ببناء المباني المرتفعة، وهو ما تسبب في ارتفاع معدلات الإصابة والموت بين العمال، يضاف لها تقاعس أرباب العمل عن التكفل بالمصابين وتوفير الرعاية الطبية المناسبة لهم».

ولفت التقرير إلى أن أرباب العمل يتأخرون في صرف رواتب العمالة المهاجرين، ويحتجزون جوازات سفرهم لمنعهم من ترك العمل والانتقال إلى غيره، ولا يسمح للعمال الأجانب بتنظيم نقابات عمالية، وبالتفاوض الجماعي مع أرباب العمل، ولا ترخص سلطات الإمارات لمنظمات المجتمع المدني، برصد انتهاكات حقوق العمال، وتسليط الضوء عليها والإحاطة بالمتضررين ونصحهم.

ودعا المركز الدولي للعدالة وحقوق الإنسان، الفريق العامل المعني بمسألة حقوق الإنسان، والشركات عبر الوطنية، وغيرها من مؤسسات الأعمال، والمقرر الخاص المعني بالحق في الخصوصية، والمقرر الخاص المعني بتعزيز وحماية الحق في حرية الرأي والتعبير، والمقرر الخاص المعني بحقوق الإنسان للمهاجرين، إلى «التحري بخصوص الشركات التجارية التي تتعامل مع سلطات الإمارات، وتحميلها مسؤولية انتهاك سلطات الدولة لخصوصيات الناشطين السياسيين والحقوقيين والمدونين، وانتهاك حرية التعبير».

 كما دعا المركز إلى «الالتزام بالمبادئ التوجيهية للمؤسسات وحقوق الإنسان التي أقرّها مجلس حقوق الإنسان، والتحري في التعامل مع الإمارات، إلى حين توفير جميع الضمانات القانونية والقضائية والفعلية لاحترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية التي كفلتها المواثيق الدولية».

كما دعا الامارات إلى احترام حقوق الإنسان وحرية التعبير، والكف عن استعمال وسائل قمعية لاختراق خصوصية المدافعين عن حقوق الإنسان، والحد من الحريات بدعوى محاربة الإرهاب وحماية الأمن القومي.