مجتمع » حريات وحقوق الانسان

دعوات لتحرك دولي لوقف انتهاكات حقوق الإنسان بالسعودية

في 2017/12/11

وكالات-

دعا معارضون سعوديون وناشطون حقوقيون بريطانيون إلى تحرك دولي مشترك؛ لوقف انتهاكات حقوق الإنسان في السعودية.

جاء ذلك، خلال المؤتمر الذي عقدته منظمة «القسط» الحقوقية (غير حكومية)، تحت عنوان: «السعودية.. أخطاء الماضي ومخاطر المستقبل»، بحسب «الجزيرة نت».

وحذر المشاركون، من غض الطرف عن حملة الاعتقالات الممنهجة في السعودية، مشددين على أن مخاطر استمرار ذلك على مستقبل الحكم في السعودية ستكون جسيمة.

وقال الناشط الحقوقي السعودي رئيس المنظمة «يحيى عسيري» إن منع حرية التعبير من أبرز المشكلات الموجودة في السعودية.

وفي كلمته بافتتاح المؤتمر الأول للمنظمة، شدد على أن نشاط منظمته سيستمر، رغم العوائق التي واجهت، وما زالت تواجه، انعقاد مؤتمرها.

وأضاف أن المؤتمر يهدف إلى أخذ خطوات للأمام لصالح عمل مؤسسي؛ بدلاً من الاكتفاء برد الفعل، وكذلك لتعريف المجتمع السعودي والسعوديين أنهم يستطيعون مقاضاة كل من عذبهم.

ووجه المؤتمر دعوة للسلطات البريطانية والمجتمع الدولي بضرورة التحرك لمخاطبة السلطات السعودية للإفراج عن المعتقلين والكشف عن معلومات واضحة وشفافة عنهم.

لا مشاركة

وناقشت الجلسة الأولى حملة الاعتقالات الجارية في السعودية وانعكاسات التغييرات السياسية الداخلية على السياسة السعودية الخارجية، وحذّر خبراء شاركوا بها من مخاطر جسيمة ستلحق بالسعودية إذا استمرت هذه السياسة.

ولفت المشاركون، إلى أن حملة الاعتقالات الجارية ليست حرباً على الفساد، وإن كانت اعترافا ضمنيا بوجوده، و«إنما تأتي في إطار التصفية السياسية لأعضاء في الأسرة الحاكمة»، مطالبة المجتمع الدولي بالتأكد من قانونية هذه الاعتقالات.

وشارك الصحفي السعودي «جمال خاشقجي»، في الجلسة عبر «سكايب»، مؤكداً أن «لب المشكلة في المملكة يكمن في غياب المشاركة الشعبية».

وأضاف أن «الحكم في السعودية انتقل الآن إلى حكم مركزي بحت»، لافتا إلى أنه بالرغم من أن السعودية لم تكن يوما نظاما ديمقراطيا، فقد كان في السابق قدر من المشاركة، حسب تعبيره.

وقال «خاشقجي» إنه لا توجد في السعودية أي مساحة للمناقشة، و«باتت السلطة في يد شخص واحد»، مشيراً إلى أنه «لا رابط مباشراً بين المعتقلين، ما يعني أن الكل عرضة للاعتقال في السعودية، فهناك تجار معتقلون ودعاة وأمراء، فالتمثيل الحقيقي للمجتمع هو في السجن فقط، حيث يوجد ممثلون عن كل أطياف المجتمع، فهناك رجال دين، وتجار، وأمراء، واقتصاديون، وناشطون، وأناس عاديون».

تأييد ضمني

من جهته، قال المحامي الدولي «كارل بريكلي»، إنه «لا يعتقد أن أمريكا وبريطانيا والغرب أعطوا تصريحا مباشرا لولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وولي عهد أبوظبي محمد بن زايد بالقيام بما يفعلانه».

وأضاف: «لكني أتفهم صمت هذه الدول»، لافتا إلى أن «عدم إدانتها أو اتخاذها إجراءات دبلوماسية ضد هذه الممارسات، تعد بمثابة تصريح لهما بالاستمرار».

وأكد «بريكلي» أنه لا بد من مراجعة العلاقات الدبلوماسية والتجارية مع هذه الدول، لأنها إذا لم تشعر بأنها تدفع ثمن انتهاكاتها لحقوق الإنسان فستواصل ذلك، مجدداً القول إن «واشنطن لم ولن تضغط من أجل تحقيق انتقال ديمقراطي».

مقاضاة

كما أوضح المحامي الدولي «توبي كادمان»، أن أي ضحية في السعودية أو غيرها من حقه أن يقيم دعوى في بريطانيا؛ ولا يشترط أن يكون مواطنا بريطانيا، مبيناً أنه «ضمن اختصاص الشرطة البريطانية التعامل مع هذه الشكوى، وتوقيف المطلوبين حال دخولهم بريطانيا».

ووصف بعض المتداخلين دور السعودية والإمارات بأنهما وكيلان للغرب في مواجهة الربيع العربي.

لكن الصحفي البريطاني «بيل لاو»، شدد على ضرورة التفريق بين قضايا التورط المباشر للغرب مثلما حدث في العراق؛ والتورط غير المباشر.

وأوضح أن الغرب تورط بشكل غير مباشر إزاء الربيع العربي بالصمت عن ممارسة أنظمة قمعية، وعدم دعم المسار الديمقراطي.

وأضاف أن الذي يحدث في مصر، على سبيل المثال الآن، أسوأ بكثير مما حدث في عهد الرئيس المخلوع «حسني مبارك» (أطاحت به ثورة شعبية في 2011)، لافتاً إلى أنه يتم بدعم مباشر من السعودية والإمارات، وليس من الغرب بالضرورة.

الأوضاع للأسوأ

وفي الجلسة الثانية للمؤتمر، شارك ممثلون عن منظمة «العفو الدولية»، و«هيومان رايتس ووتش»، وعدد آخر من المنظمات الحقوقية السعودية؛ كـ«المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان».

وقالت ممثلة منظمة العفو الدولية «أمنستي»، «ماي رومانوس»، إن «السعودية شهدت قبل عدة سنوات مساحة للناشطين للحركة، مع ملاحظة أننا هنا نتحدث عن نظام ديكتاتوري وتركز السلطة في يد الملك، ولكن رأينا بعض المنظمات المدنية التي سجلت مخالفات حقوق الإنسان، بالرغم من أنها كانت تعمل على أن تمنح تصاريح، ولكن منذ 2013 تغير الوضع للأسوأ».

وأضافت: «لا يوجد أحد داخل المملكة قادر على توثيق مخالفات حقوق الإنسان بشكل آمن»، موضحة أن «ظاهرة مثيرة للقلق نشهدها، وهي تزايد استخدام عقوبة الإعدام بشكل أساسي ضد الناشطين».

وأشارت الناشطة الحقوقية، إلى أنه «بعد إزاحة ولي العهد السعودي السابق الأمير محمد بن نايف، وقدوم ولي العهد الحالي الأمير محمد بن سلمان، تم تركيز جميع السلطات في يد شخص واحد وظهر أثر هذا التغيير في سبتمبر/أيلول الماضي، حيث كانت الموجة الأولى من الاعتقالات لرجال الدين، ثم الموجة الثانية بالاعتقالات التي قالت السعودية إنها تأتي ضمن برنامج مكافحة الفساد دون معلومات عن حقيقتها».

وعبّرت «رومانوس»، عن قلق منظمة «العفو الدولية»، إزاء تلك الاعتقالات والظروف الغامضة التي تجري فيها، مضيفة أنه من الغريب إضافة تهمة جديدة لأي شخص يتحدث عن قطر بشكل إيجابي، فهذه باتت تهمة يحاسب عليها القانون في السعودية.

وقالت إن كل الاعتقالات التي تحدث في السعودية مقلقة لأنها تجري بدون غطاء قانوني واضح، ولا يتمكن المعتقل من توكيل محام، موضحة أنهم حاولوا التواصل مع السلطات السعودية، ومطالبتها بتمكينهم من إجراء بحث ميداني دون تلقي أي رد حتى الآن.

صعوبات

من جانبها، قالت ممثلة مؤسسة «الكرامة» لحقوق الإنسان «جوليا ليغز»، إن الوضع في السعودية لم يتغير منذ العام 2004، بل زادت الصعوبات التي يواجهها الناشطون في رصد الانتهاكات، ولم تتعد قدرتهم على الرصد نسبة 15% بسبب التضييق الذي تمارسه السلطات.

وأوضحت أن حملة الاعتقالات الأخيرة لرجال دين ترجع إلى عدم قيامهم بمدح السلطة وتمجيدها، موضحة أن سياسة الاعتقال التعسفي هي واحدة من الممارسات الممنهجة المنتشرة في السعودية.

وأضافت «ليغز»، أن الرسالة الأهم التي يريدون إيصالها هي ضرورة وجود حوار في السعودية، وإتاحة المساحة للآراء المختلفة للتعبير عن نفسها.

وأشارت الناشطة البريطانية إلى أنها زارت السعودية ولكن قبل أن تعمل في مجال حقوق الإنسان، مبينة أنها الآن ممنوعة من زيارة السعودية، وقالت إنه «لا مساحة هناك للآراء المختلفة».

من جهتها، قالت ممثلة منظمة «هيومن رايتس ووتش»، «هبة زيادين»، إن الوضع في السعودية زاد سوءا منذ وصول «بن سلمان» إلى السلطة.

وأضافت أنه «ينبغي الطلب من الحكومات الغربية الضغط على السعودية»، معبرة عن اعتقادها بأن لندن وواشنطن ليس لديهما رغبة حقيقية في ممارسة هذا الضغط.

وقالت «زيادين»، إن أهم الانتهاكات التي رصدتها المنظمة تمثلت في ممارسات السعودية في اليمن، إضافة لمسألة حرية التعبير في السعودية، والتمييز ضد الأقليات، وحقوق المرأة.

حكم متسلط

وفي الجلسة الثالثة شاركت الأكاديمية المعارضة «مضاوي الرشيد»، وقالت إن الصوت المعارض في السعودية اختفى ليس مجازيا ولكن داخل السجون، مضيفة أنه «ليس هناك مؤسسة يلجأ إليها المواطن في بلد كالسعودية لتنصفه من السلطة».

واستغربت من أن الرؤية الاقتصادية للسعودية عرضت في الجرائد الأجنبية قبل الداخل، مستنكرة أن يكون القرار السعودي هو أنه على المجتمع أن يطبق دون أن يفهم.

وأوضحت أن المشكلة هي أن الشعب بمعزل عن أي قرار قد يتخذ من قبل القيادة، ولا يوجد أي تمثيل شعبي، والحل هو مشاركة جميع أطياف المجتمع من المثقفين والمهنيين في العمل والمشاريع.

وأكدت أن الحكم المتسلط هو الذي يتحكم في القرار، ويأتي بخطط وخبرات خارجية مثالاً لخطة طبقت في مصر ودول أخرى، مشددة على أن الضمان الوحيد لحسن استغلال الثروة النفطية بما يخدم مصلحة الوطن هو الإصلاح السياسي الحقيقي.

وتقول الرياض إنها لا تحتجز أي سجناء سياسيين، ويقول كبار المسؤولين إن مراقبة الناشطين أمر ضروري للحفاظ على الاستقرار الاجتماعي.

وتأتي حملات الاعتقالات التي تحدث عنها الناشطون في أعقاب تكهنات واسعة النطاق، نفاها مسؤولون، بأن الملك «سلمان بن عبدالعزيز» ينوي التنازل عن العرش لابنه الأمير «محمد»، الذي يهيمن بالفعل على السياسات الاقتصادية والدبلوماسية والعسكرية والداخلية.