وكالات-
ناقش حقوقيون وسياسيون في العاصمة البريطانية لندن الانتهاكات الكبيرة التي تنفذها حكومة دولة الإمارات، وأكدوا تراجع ملف حقوق الإنسان بشكل مفزع في هذا البلد الخليجي الذي أنشأ قبل أكثر من عام وزارة للسعادة.
وتحت عنوان "الموت من أجل الحرية"، عُقدت في البرلمان البريطاني، الخميس 14 ديسمبر 2017، ندوة خاصة لمناقشة انتهاكات حقوق الإنسان بحق المعتقلين في سجون الإمارات.
الندوة كانت من تنظيم المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا حيث رأس الندوة النائب توم بريك، الناطق باسم الحزب الديمقراطي الليبرالي للشؤون الدولية.
وخلال الندوة، استعرض المحامي البريطاني وخبير القانون الدولي، كارل باكلي، قضية المعتقلة السياسية في سجون الإمارات علياء عبد النور، المحكومة بعشر سنوات، وهي تعاني مرض السرطان وترفض السلطات إطلاق سراحها رغم خطورة حالتها الصحية.
- إخفاء قسري
وذكر باكلي أن علياء اعتقلت في 28 يوليو 2015، من مكان إقامتها في الإمارات، دون موافاتها أو موافاة أسرتها بأسباب الاعتقال، ثم تعرضت للاختفاء القسري في مكان مجهول لمدة أربعة أشهر، دون السماح لها بالتواصل مع أسرتها، ودون الإفصاح عن أي معلومة تخص مصيرها لأي جهة.
ولفت إلى أن المعتقلة تم عرضها فيما بعد على الجهات القضائية، ومحاكمتها بتهمة تمويل الإرهاب والتعامل مع إرهابيين خارج البلاد قبل أن يحكم عليها بالسجن 10 سنوات.
وتابع باكلي: "وعلى مدار 9 جلسات أمام القضاء في القضية رقم 150 لسنة 2015 أمن الدولة، فقد حرمت علياء من التمثيل القانوني حيث كان يتم تهديد أي محام يتولى الدفاع عنها".
ولم تواجه علياء بأي دليل إدانة مادي، سوى سجل المواقع الإلكترونية التي كانت تتصفحها، حيث اتهمت أنها على علاقة بأسماء الأشخاص الذين كانت ترد أسماؤهم في تلك المواقع، وهم متهمون بالإرهاب في الإمارات.
كما اتهمت بتمويل بعض الجماعات الإرهابية، على الرغم من أن علياء لم يكن لها أي نشاط سياسي، كما قال باكلي.
وأضاف باكلي: "تم تقديم شكوى بخصوص المعتقلة علياء عبد النور إلى فرع الإجراءات الخاصة للأمم المتحدة، كما تم الضغط على مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان للتحقيق في قضيتها والبت فيها".
- أوضاع مأساوية
توم بريك، الناطق باسم الحزب الديمقراطي الليبرالي للشؤون الدولية، تحدث عن الأوضاع المأساوية في سجون الإمارات، وقال إنه كثيراً ما يحرم المعتقلون السياسيون هناك من الحصول على العلاج الطبي، ويخضعون للحبس الانفرادي، وفي حالات كثيرة يتعرضون للتعذيب.
وبحسب بريك، فإنه "يتم اعتقالهم في أماكن مجهولة ويتعرضون للعديد من الانتهاكات"، ومن ثم "هناك حاجة متزايدة لضغط دولي على الإمارات لإصلاح معاملة المعتقلين".
أما محمد جميل، رئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا، فأكد أن أجهزة الأمن الإماراتية صعّدت بعد أحداث الربيع العربي من حملة الاعتقالات ضد كل من يتبنى فكرة الإصلاح والحرية.
وشملت هذه الاعتقالات، بحسب جميل، المواطنين والمغتربين والنساء والرجال من مختلف القطاعات الذين خدموا الدولة أوقاتاً طويلة.
وتابع جميل: "تعرض جميع المحتجزين للاختفاء القسري والتعذيب الوحشي لعدة أشهر. وقد تم إجبارهم على الإدلاء باعترافات كاذبة، ثم تقديمهم إلى محاكمات تعسفية حيث حرموا من أبسط حقوقهم في التمثيل القانوني، وحكم عليهم بالسجن لمدة تراوح بين 10 أعوام و15 عاماً".
وهناك العديد من الذين لا يزالون محتجزين دون أن يسمح لهم بحقوق الزيارة، وقد تم ترحيل الكثيرين الآخرين بعد تجريدهم من جميع حقوقهم، يضيف جميل.
كما لفت إلى أنه حتى تاريخ انعقاد الندوة فإن السلطات الإماراتية "ما زالت تواصل تعذيب المحتجزين بأشكال مختلفة"، فضلاً عن المعاملة المهينة أثناء احتجازهم حيث يعاني المعتقلون في سجن "الرزين" من تدهور كبير في ظروفهم المعيشية والصحية.
وطالب جميل "جميع الحكومات المعنية وحكومة المملكة المتحدة بالقيام بدور في ممارسة الضغط على السلطات الإماراتية لتحسين أوضاع حقوق الإنسان في السجون، وعدم الاشتراك مع هذه السلطات في أي صفقات قد تؤدي إلى مزيد من الانتهاكات".
ورداً على سؤال لـ"الخليج أونلاين"، بشأن الحلول المقترحة، قال إيدان إليس، عضو رابطة محامي الدفاع في المحكمة الجنائية الدولية: إن "التقارير التي تتحدث عن وجود انتهاكات حقوق الإنسان في سجون دولة الإمارات كثيرة خلال السنوات الماضية، ولا بد من إيجاد حل لإقناع السلطات بأي طريقة للتوقيع على ميثاق محكمة الجنايات الدولية".
وأضاف: "يجب على مؤسسات حقوق الإنسان الدولية ومؤسسات الأمم المتحدة العمل على تقديم قضايا الانتهاكات والتعذيب، كقضية علياء وغيرها، في المحاكم الدولية، ويجب أيضاً الاستمرار بالعمل على جمع الشكاوى من جميع المتضررين، ونشر هذه الشهادات والعمل على فضح هذه الممارسات والضغط من أجل وقف الانتهاكات".
وتابع: "الوسائل المتاحة أمامنا ليست كثيرة من الناحية القانونية، وأقول هذا بصفتي محامياً، يجب تفعيل هذه القضايا والشهادات عبر لجان الأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان، وهناك حاجة إلى تكثيف الجهود القانونية للضغط على دولة الإمارات لوقف الانتهاكات".
ومع ذلك، يضيف إليس: "لا نغفل أن هناك حاجة إلى ضغط سياسي من قبل الحكومات على الإمارات. بعد مشاهدة قضية علياء والأدلة المتوفرة لدينا، أصبحنا أكثر إصراراً على مساعدة هؤلاء الضحايا، لذلك يجب تكثيف الجهود لإحداث ضغط حقيقي لوقف هذه الانتهاكات".
وأكد أن "المطلوب من المجتمع الدولي هو التحرك ورفع الغطاء عن الإمارات والتحرك لإنهاء هذا الوضع المأساوي للمعتقلين وصولاً إلى تقديم المتورطين بهذه الجرائم إلى العدالة".
وكانت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا قد طالبت الأمين العام للأمم المتحدة بالضغط على السلطات الإماراتية للإفراج الصحي عن المعتقلة علياء عبد النور، استناداً لقوانين أبوظبي، والتحقيق في كافة الانتهاكات التي تعرضت لها".
وقالت المنظمة إن استمرار احتجازها في ظل حالتها الصحية المتدهورة "يشكل خطراً داهماً على حياتها".