مجتمع » حريات وحقوق الانسان

واشنطن بوست: تسجيلات سرية توثق محاولات سعودية لإسكات معارضين

في 2018/10/22

"واشنطن بوست" الأمريكية-

قالت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية إن المعارض السعودي "عمر بن عبدالعزيز"، تمكن من إجراء تسجيلات توثق محادثات مع مبعوثين سعوديين حاولوا إعادته للسعودية، بالترغيب تارة والترهيب تارة أخري.

ووفقا للصحيفة، فقد جلس "عبدالعزيز" على مقعد في مقهي في مونتريال بكندا، منتظر ا رجلين، قالوا إنهما يحملان رسالة شخصية له من قبل ولي العهد الأمير "محمد بن سلمان".

وأشارت الصحيفة إلى أنه عندما وصل الرجلان إلى المقهى، سألهم "عبدالعزيز"، الذي يبلغ من العمر 27 عاما: لماذا قطعوا كل هذه المسافة إلى كندا من أجل رؤيته؟.

وقال أحد المبعوثين، متحدثا إلى "عبدالعزيز" بصيغة الغائب (لينقل الرسالة على لسان ولي العهد): "ثمة سيناريوهين أمامه (أي عبدالعزيز): الأول العودة إلى السعودية إلى أصدقائه وعائلته، والثاني الذهاب إلى السجن.. فما الذي يختاره عمر؟".  

وللتأكيد على أن العودة للسعودية على المحك، جلب الزوار معهما شقيق أصغر لـ"عبد العزيز" من المملكة لحضور الاجتماع، وخلال الاجتماع ناشد "عبدالعزيز" شقيقه الأصغر التحلي بالهدوء.

وأوضحت الصحيفة أنها تلقت التسجيلات السرية -وهي عبارة عن أكثر من 10 ساعات من المحادثة – عن طريق "عبدالعزيز"، الصديق المقرب من الصحفي السعودي الراحل "جمال خاشقجي".

ووفقا للصحيفة الأمريكية، فإن هذه التسجيلات تقدم صورة مرعبة عن الطريقة التي تحاول من خلالها السعودية إغراء الشخصيات المعارضة بالعودة للسعودية عن طريق الوعود بالمال أو توفير الأمان لهم.

وأشارت الصحيفة إلى أن هذه الجهود تصاعدت بشدة منذ أن أصبح "محمد بن سلمان" وليا للعهد، العام الماضي، حسبما قالت جماعات حقوقية.

وقال العديد من أصدقاء "خاشقجي" إن مسؤولين سعوديين كبارا مقربين من ولي العهد، اتصلوا به خلال الأشهر الأخيرة ليعرضوا عليه مناصب حكومية رفيعة إذا عاد إلى المملكة.

لكن "خاشقجي" - الذي كان يكتب في الصحيفة - لم يثق في هذا العرض.

ووفق الاستخبارات الأمريكية، فإن ولي العهد السعودي أمر بتنفيذ عملية استدراج لـ"خاشقجي" من منزله في فرجينيا إلى السعودية واعتقاله.

وقال "عمر بن عبد العزيز" إنه كان يعمل مع "خاشقجي" على العديد من المشاريع التي تشكل أكثر من سبب وراء محاولة القادة السعوديين جلب الأخير.

وأضاف أن "خاشقجي" أرسل له خمسة آلاف دولار لتنفيذ مشروع "جيش النحل الإلكتروني"، كمبادرة يعمل بها داخل السعودية للرد على "الذباب الإلكتروني" الموالي للحكومة.

كما أن "عمر" و"خاشقجي" كانا يعملان على إنتاج فيلم قصير، وموقع إلكتروني يرصد حقوق الإنسان، ومشروع يدعم الديمقراطية.

وأشار "عمر" إلى أن هذا العمل كان ينبغي أن يكون سرا، ولكن السلطات السعودية تمكنت من التجسس على هاتفه، وتنصتت على مكالماته واطلعت على كل شيء، وفق ما كشفته له جامعة كندية.

وأردفت الصحيفة أنه وفقا للمقاطع التي سجلها "عمر"، فإن الرجلين الزائرين إلى كندا كررا له أنهما مبعوثان من قبل ولي العهد ومستشاره "سعود القحطاني".

و"القحطاني" أيضا - كما قال "خاشقجي" لأصدقائه - هو الشخص الذي كان يحاول الاتصال به منذ أشهر لإقناعه بالعودة إلى السعودية.

وتضرب "واشنطن بوست" أمثلة أخرى على محاولة السلطات السعودية ملاحقة المعارضين في الخارج، بينهم الناشطة "لجين الهذلول" التي اختطفت من شوارع دبي ونقلت إلى السعودية قبل أن يطلق سراحها بعد أيام، ولكنها اعتقلت لاحقا بتهمة الاتصال مع جهات خارجية.

مثال آخر ذكرته الصحيفة، هو الأمير "خالد بن فرحان آل سعود"، وهو منشق عن العائلة ويقيم في ألمانيا، وكان عرضة لمثل تلك المحاولات في سبتمبر/أيلول الماضي، حيث قال إن أقاربه أبلغوه أنه سيتلقى صكا من الدولة يساعده على تجاوز مشاكله المالية إذا ما سافر إلى القاهرة.

وكانت صحف غربية وتركية تحدثت عن مقتل "خاشقجي" بعد ساعتين من دخوله القنصلية، في الثاني من الشهر الجاري، وأنه تم تقطيع جسده بمنشار، على طريقة فيلم "الخيال الرخيص" الأمريكي الشهير.

وفجر السبت، أقرت الرياض بمقتل الصحفي "جمال خاشقجي" في قنصلية بلاده بإسطنبول إثر "شجار" مع مسؤولين، وأعلنت توقيف 18 سعوديا على خلفية الواقعة.

ولم توضح السعودية مكان جثمان "خاشقجي"، كما لم تحدد كيفية مقتله.

وعلى خلفية الواقعة، أعفى العاهل السعودي مسؤولين بارزين، بينهم نائب رئيس الاستخبارات "أحمد عسيري"، والمستشار بالديوان الملكي "سعود بن عبد الله القحطاني" من مناصبهم، وأمر بتشكيل لجنة برئاسة ولي العهد "محمد بن سلمان" لإعادة هيكلة الاستخبارات العامة.

لكن وسائل إعلام غربية شككت في الرواية الرسمية السعودية، واعتبرت أنها "تثير الشكوك الفورية"، خاصة أنه أول إقرار للرياض بمقتل خاشقجي بعد صمت استمر 18 يوما.