مجتمع » حريات وحقوق الانسان

بي بي سي تبث فيلما عن اختفاء 3 أمراء سعوديين معارضين

في 2018/10/24

وكالات-

أعادت شبكة "بي بي سي" البريطانية، الثلاثاء، بث فيلم وثائقي حول اختفاء 3 أمراء سعوديين معارضين خلال أعوام سابقة، كانوا يعيشون في أوروبا وعُرفوا بانتقادهم لحكومة بلادهم.

جاء ذلك على خلفية قضية مقتل الصحفي السعودي "جمال خاشقجي"، في 2 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، بقنصلية بلاده في إسطنبول.

وفي 15 أغسطس/آب 2017، بثت الشبكة البريطانية الفيلم الذي يؤكد وجود أدلة على أن الأمراء الثلاثة اختطفوا أو رُحِّلوا إلى السعودية، بعد أن انقطعت أخبارهم ولم يسمع عنهم منذ ذلك الحين.

ففي صباح 12 يونيو/حزيران 2003، استقل الأمير "سلطان بن تركي بن عبدالعزيز"، سيارة أقلّته إلى قصر عمه الملك الراحل "فهد"، في ضواحي مدينة جنيف السويسرية، لتناول الفطور مع ابن عمه الأمير "عبدالعزيز بن فهد".

وكان "سلطان"، خلال الشهور التي قضاها في جنيف ينتقد علانية القيادة السعودية، وطلب منه "عبدالعزيز"، أن يعود إلى البلاد، إذ أبلغه بأن النزاع الناشئ عن انتقاده للقيادة سيجري تسويته هناك.

وعقب رفض "سلطان" للعرض، ذهب "عبدالعزيز" لإجراء مكالمة هاتفية، وانصرف أيضًا الرجل الثالث الذي كان في الغرفة، وهو وزير الشؤون الإسلامية السعودي، "صالح آل الشيخ".

وبعد لحظات، داهم الغرفة رجال ملثمون، شرعوا بضرب "سلطان" وتكبيله، وبعدها حقنوه إبرة في عنقه، تحمل على ما يبدو مادة مخدرة.

وحمل الملثمون الأمير "سلطان" وهو فاقد للوعي ونقلوه إلى مطار جنيف، ومنه إلى طائرة كانت تنتظر في مدرج المطار، وبعدها أمضى حيناً من الزمن بين السجن والإقامة الجبرية في بلاده.

وردت هذه الرواية على لسان "سلطان"، الذي سردها أمام محكمة سويسرية، بعد سنوات على مرور تلك الواقعة، وذلك بعد الإفراج عنه بسبب تدهور حالته الصحية.

اختطاف الأمير تركي بن بندر

 

كان الأمير "تركي بن بندر"، مسؤولًا رفيعًا في جهاز الأمن السعودي، ومكلفًا بفرض النظام بين أفراد الأسرة المالكة ذاتها، لكن نزاعًا مريرًا مع الأسرة على مسائل الإرث انتهى به إلى السجن.

وعند إطلاق سراحه، فرّ "بن بندر" إلى العاصمة الفرنسية باريس، حيث بدأ في عام 2012 يبث مقاطع فيديو في موقع "يوتيوب"، يدعو فيها إلى ضرورة تبني إصلاحات في السعودية.

حاول السعوديون إقناع الأمير "تركي"، بالعودة إلى بلاده مثلما فعلوا مع الأمير "سلطان"، وعندما اتصل نائب وزير الداخلية "أحمد السالم"، بالأمير، سجل الأخير المحادثة قبل أن يبثها على مواقع الإنترنت.

وورد في المحادثة المذكورة، قول نائب وزير الداخلية مخاطبًا "بن بندر"، "الجميع يتطلع إلى عودتك.. بارك الله فيك".

وأجاب "تركي" مستنكرًا: "الجميع يتطلع إلى عودتي؟! ماذا عن الرسائل التي أرسلها إليّ ضباطك، والتي قالوا فيها (مهددين): سنسحبك إلى بلدك مثل سلطان بن تركي".

فرد "السالم" مطمئنًا إياه: "لن يلمسوك، فأنا أخوك"، لكنّ "تركي" أجابه قائلًا: "لا إنها رسائل (التهديدات) منك.. وزارة الداخلية هي التي أرسلتها".

وظل "بن بندر" ينشر مقاطع الفيديو، حتى يوليو/تموز 2015، ثم اختفى في وقت لاحق من السنة ذاتها.

قال صديق لـ"تركي"، وهو مدون وناشط يسمى "وائل الخلف"، "كان يتصل بي كل شهر أو شهرين".

وأضاف مبينًا أنه "اختفى لمدة أربعة أو خمسة أشهر. فانتابتني الشكوك، ثم سمعت من ضابط كبير في المملكة أن تركي بن بندر معهم. رحَّلوه إلى السعودية.. اختطفوه".

قبل أن يختفي "بن بندر"، سلَّم إلى صديقه "وائل الخلف"، نسخة من كتاب ألّفه، أضاف إليه مذكرة بشأن ما بدا أنه نبوءة (بمآل الحكومة السعودية).

"عزيزي وائل، هذه البيانات لا ينبغي تبادلها إلا إذا تعرضت للاختطاف أو الاغتيال. أعرف أيضًا أنهم ينتهكون حقوقي وحقوق الشعب السعودي"، حسب وصية "تركي".

اختطاف سعود بن سيف النصر

 

وفي الوقت الذي اختفى فيه الأمير "تركي"، لقي المصير ذاته أمير سعودي آخر، وهو "سعود بن سيف النصر"، من أفراد الأسرة غير المشهورين نسبيًا، والذي يُحب ارتياد الكازينوهات والفنادق الفخمة في أوروبا.

بدأ "سعود"، في 2014، كتابة تغريدات تنتقد النظام الملكي، ودعا إلى مقاضاة المسؤولين السعوديين، الذين أيدوا عزل الرئيس المصري "محمد مرسي"، بدعم من الجيش في 2013، ثم في سبتمبر/أيلول 2015، ذهب أبعد من ذلك في تغريداته.

فبعدما كتب أمير سعودي مجهول، رسالتين دعا فيهما إلى انقلاب داخل العائلة الحاكمة بغية خلع الملك سلمان، أيده علانية سعود، وكان الأمير الوحيد الذي فعل ذلك، ويرقى هذا الفعل إلى درجة الخيانة، وربما هذا ما حدد مصيره.

وبعد مرور أيام قليلة، نشر تغريدة جاء فيها، "أدعو الشعب السعودي إلى تحويل فحوى هاتين الرسالتين إلى ضغوط شعبية"، ثم صمت حسابه على "تويتر".

ويعتقد أمير سعودي آخر انشق عن الأسرة المالكة، وهو الأمير "خالد بن فرحان"، الذي ذهب إلى ألمانيا وحصل على لجوء سياسي عام 2013، أن الأمير "سعود"، وقع ضحية فخ لاستدراجه من مدينة ميلانو، إلى العاصمة الإيطالية روما، لمناقشة مشروع مع شركة روسية إيطالية كانت تسعى لفتح فروع في الخليج، بحسب المصدر نفسه.

ونقلت "بي بي سي" عن "خالد" قوله إن "طائرة خاصة من الشركة جاءت وأخذت الأمير "سعود"، لكنها لم تهبط في روما وإنما في الرياض".

وزعم أن "المخابرات السعودية هي التي (فبركت) العملية برمتها".

3 أمراء من 4 اختطفوا من أوروبا

 

وفي الوقت ذاته، قال الأمير "خالد بن فرحان آل سعود"، اللاجئ في ألمانيا، إنه يخشى من أنه سيجبر أيضًا على العودة إلى الرياض.

يقول الأمير "خالد"، "كنا أربعة أمراء في أوروبا، انتقدنا الأسرة المالكة وحكمها في السعودية، اختطف ثلاثة منا، أنا الوحيد المتبقي الذي لم يختطف".

ويتابع الأمير "خالد" "أنا مقتنع بذلك.. لقد اقتنعت بذلك منذ زمن طويل. إذا فعلوا ذلك الآن، فإنهم سيكونون قد قاموا بذلك من قبل.. أنا حذر جدا، لكن هذا ثمن حريتي".

وكانت الرياض، قد أقرّت السبت، بمقتل الصحفي "جمال خاشقجي"، داخل مقر قنصليتها في إسطنبول، إثر "شجار وتشابك بالأيدي"، وأعلنت توقيف 18 شخصًا سعوديًا على خلفية الواقعة.

ولم تكشف السعودية عن مكان "جثمان خاشقجي"، الذي اختفى عقب دخوله قنصلية بلاده في 2 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، لإنهاء أوراق خاصة به.

غير أن تلك الرواية الرسمية، تناقضت مع روايات سعودية غير رسمية، آخرها إعلان مسؤول سعودي الإثنين، أن "فريقا من 15 سعوديا، تم إرسالهم للقاء خاشقجي، في 2 أكتوبر، لتخديره وخطفه قبل أن يقتلوه بالخنق في شجار عندما قاوم".

وتحدثت صحف غربية وتركية عن مقتل "خاشقجي" بعد ساعتين من وصوله قنصلية بلاده في إسطنبول، وأنه تم تقطيع جسده بمنشار، على طريقة فيلم "الخيال الرخيص" الأمريكي الشهير.

وعلى خلفية الواقعة، أعفى العاهل السعودي مسؤولين بارزين بينهم نائب رئيس الاستخبارات "أحمد عسيري"، والمستشار بالديوان الملكي، "سعود القحطاني"، وتشكيل لجنة برئاسة ولي العهد "محمد بن سلمان"، لإعادة هيكلة الاستخبارات العامة.