وكالات-
قال المدير التنفيذي لمنظمة "هيومن رايتس ووتش" كينيث روث، إن ولي العهد السعودي لن يبقى طويلاً بعيداً عن العدالة، مشيراً إلى أن مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، بأوامر محمد بن سلمان بحسب تقييم الاستخبارات الأمريكية، زاد من الاهتمام بالجوانب الأخرى الوحشية لحكومته.
ويضيف روث في مقال له نُشر بصحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية: إن "من بين الجوانب الوحشية لحكومة ولي العهد السعودي تعذيب النشطاء والمعارضين في الداخل، وحملة القصف التي تستهدف اليمن بشكل عشوائي وغير متناسب، وفرض الحصار على البلاد، ودفع ملايين اليمنيين لحافة الجوع".
ويرى أن جولة بن سلمان العربية وحضوره إلى قمة العشرين في الأرجنتين، ما هما إلا محاولة منه "لتلميع سمعته"، لكن يبدو أن تلك الجولة بدأت تعمق من مشاكله بدلاً من تخفيفها، حسب رأيه.
ويتابع المدير التنفيذي للمنظمة الحقوقية الدولية أن "رايتس ووتش" قدمت طلباً، طبقاً لتقارير عامة، إلى المدعي العام في الأرجنتين، للتحقيق في دور بن سلمان بجرائم الحرب والتعذيب، لافتاً إلى أن الجهات المعنيَّة ستبدأ النظر في القضية.
ويؤكد روث أنه تم تسليم المدعي العام الأرجنتيني، أمس الأربعاء، طلباً للتحقيق في التهم الموجهة إلى محمد بن سلمان، وأن من واجب الأرجنتين التحقيق في هذه الجرائم، حيث طلب قاضي التحقيق معلومات من الحكومتين السعودية واليمنية، للشروع في التحقيقات الخاصة، كما طلب أيضاً من وزارة الشؤون الخارجية الأرجنتينية تقارير عن الوضع الدبلوماسي لولي العهد السعودي في حال فُتح التحقيق رسمياً، مؤكداً أن قاضي التحقيق سيبدأ عملية جمع أدلة إضافية.
وتأكيداً لحديث روث، قال مكتب القاضي الاتحادي الأرجنتيني، لوكالة "رويترز"، الأربعاء، إن القاضي الذي ينظر شكوى "رايتس ووتش" ضد ولي العهد السعودي طلب من وزارة الخارجية الأرجنتينية جمع معلومات من اليمن وتركيا والمحكمة الجنائية الدولية.
روث يوضح أيضاً أن "الأرجنتين وبعد أن عانت حربها القذرة، نجحت في التخلص من تلك الحقبة، وجلبت العديد من المسؤولين إلى العدالة، ولديها تاريخ طويل في معالجة مثل هذه الجرائم الخطيرة، وينبغي أن ينتهز القضاء الأرجنتيني هذه الفرصة ضد شخص قد تكون يداه ملطختين بدماء الكثيرين".
ويؤكد أنه في ظل قبضة بن سلمان الحديدية ورفض السعودية المتكرر إجراء تحقيقات موثوقة في جرائم الحرب الظاهرة باليمن، فإنه "لا يمكن أن تكون هناك فرصة لتحقيق العدالة هناك".
ويشير روث إلى أنه في مثل هذه الحالات، يمكن اللجوء إلى تطبيق المبدأ القانوني الخاص بالولاية القضائية العالمية، والذي ينص على أن جرائم معينة تشكل إهانة للإنسانية، وفي هذه الحالة يحق لكل دولة لها مصلحة تقديم المسؤولين عنها للعدالة، موضحاً أنه "بغض النظر عن مكان ارتكاب الجريمة وعن جنسية المشتبه فيه أو ضحاياه، فإن جرائم الحرب والتعذيب من بين هذه الجرائم".
قبل عشرين عاماً، يقول روث، استند إلى هذا المبدأ مجلسُ اللوردات البريطاني عندما أيد اعتقال ديكتاتور شيلي السابق أوغستو بينوشيه. ومنذ ذلك الحين، أنشأت العديد من الحكومات وحدات متخصصة لجرائم الحرب، للنظر في مثل هذه القضايا.
وزارة العدل الأمريكية، بحسب روث، لديها مثل هذه المجموعة وأيضاً فرنسا وألمانيا، حيث يعمل مدعون عامون ومحققون في القضايا المرفوعة ضد أعضاء كبار بالنظام السوري. كما أن قاضياً أرجنتينياً دعا، في 2016، إلى تسليم مسؤولين أرجنتينيين متهمين بارتكاب أعمال تعذيب في حقبة الديكتاتور فرانكو، بسبب عدم وجود ملاحقات قضائية بحقهم في إسبانيا.
ويختم روث مقاله بالتذكير بأن إجراء تحقيق مع ولي العهد السعودي من شأنه أن يرسل رسالة تذكير مهمة، على المدى الطويل، لكل "القادة الوحشيين"، وهي أن لا أحد باستطاعته الإفلات من العقاب، وهي إشارة مهمة، ليس فقط لكونها مسألة احترام لحقوق الضحايا وعائلاتهم، وإنما لمنع مزيد من الجرائم.
وأمس الأربعاء، وصل بن سلمان إلى العاصمة الأرجنتينية بوينس آيرس، التي تستضيف قمة مجموعة العشرين يومي الجمعة والسبت.
وجاء موقف المدعي العام الأرجنتيني، عقب تقديم منظمة "هيومن رايتس ووتش" الحقوقية، الاثنين الماضي، طلباً لملاحقة ولي العهد السعودي، استناداً إلى بند الولاية القضائية الدولية في القانون الأرجنتيني.
وتضمن الطلب مذكرة تتعلق بدور بن سلمان في جرائم حرب محتملة ارتكبها التحالف السعودي في اليمن، وأعمال تعذيب نفّذها مسؤولون سعوديون.
كما سلطت المذكرة الضوء على تورط بن سلمان المحتمل في مزاعم خطيرة تتعلق بتعذيب مواطنين سعوديين وإساءة معاملتهم، من ضمنها مقتل جمال خاشقجي بمدينة إسطنبول في أكتوبر الماضي.