مجتمع » حريات وحقوق الانسان

مقتل خاشقجي يفتح ملف ضحايا النظام السعودي الآخرين

في 2018/12/15

نيويورك تايمز- ترجمة منال حميد -

قالت كاثرين زويبف، محرّرة شؤون الشرق الأوسط في صحيفة نيويورك تايمز، إن مقتل الصحفي السعودي، جمال خاشقجي، في مبنى قنصلية بلاده بإسطنبول، يفتح الباب واسعاً أمام ملاحقة وتعقّب ضحايا النظام السعودي الآخرين.

وتابعت في مقال لها بصحيفة نيويورك تايمز، أنها في نوفمبر عام 2015، أمضت أسبوعين في جدة، بعد 10 أشهر من بروز نجم محمد بن سلمان. وذكرت أنه "في آخر ليلة هناك عرض عليّ الصديق فهد الفهد، مستشار تسويق وناشط حقوقي، إجراء جولة لمعرفة الأجواء الجديدة في المملكة".

وأضافت كاثرين: "سافرنا إلى مسجد الجفالي، حيث تتم خارجه عمليات قطع الرؤوس علناً، وفي وقت سابق من نفس العام تم جلد رائف بدوي، الناشط السعودي المعروف، أمام مئات المتفرّجين، ثم بعد ذلك توجّهنا عبر الصحراء إلى قرية ذهبان، حيث تبني وزارة الداخلية مجمّعاً جديداً للسجون".

كاثرين قالت إن فهد أخبرها بأن هذا المجمع "يهدف للمساعدة على إيواء السجناء السعوديين المدانين بموجب قوانين مكافحة الإرهاب، التي بدأت تطبَّق بشكل واسع في عهد الملك سلمان، غير أنه أضاف أن مثل هذه القوانين تُستخدم على نحو متزايد لحبس المعارضين السلميين".

واستطردت كاثرين: "يقول فهدفي كل مرة يرنّ فيها جرس الباب أعتقد أن أحداً قد جاء لاعتقالي".

وتابعت: "افتُتح سجن ذهبان المركزي بعد بضعة أسابيع من زيارتنا، وتم نقل العديد من المعتقلين البارزين بالمملكة، ومن ضمنهم بدوي ومحاميه السابق وليد أبو الخير، إلى هناك".

كاثرين أكدت أنه "بعد أربعة أشهر من تلك الزيارة تم اعتقال فهد وأُخذ إلى سجن ذهبان، ويقضي الآن عقوبة السجن لمدة 5 سنوات؛ بتهمة التحريض على معاداة الدولة عبر التغريدات، وتشمل عقوبته منع السفر لمدة 10 سنوات، التي ستبدأ بعد إطلاق سراحه، بالإضافة إلى حظر الكتابة".

تقول الكاتبة الأمريكية: إن "مقتل خاشقجي، في الثاني من أكتوبر الماضي، أدّى إلى تكثيف الرقابة الدولية على ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، الحاكم الفعلي للسعودية، فعلى الرغم من وقوف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب معه، فإن الكونغرس ماضٍ بإجراءاته من أجل ملاحقته".

وواصلت تقول: "أعضاء الكونغرس الذين استمعوا لشهادة جينا هاسبل، مديرة المخابرات الأمريكية، مقتنعون أن بن سلمان هو من أمر بالقتل"، لافتة النظر إلى أنه "رغم الاهتمام الدولي الكبير بقضية مقتل خاشقجي، فإن القليل من الاهتمام فقط هو الذي ناله المعارضون السعوديون المسجونون في سجون السلطات، الذين يفتقرون لأدنى الحقوق، حيث سجنت السعودية أعداداً كبيرة".

وأشارت كاثرين إلى "وجود نحو 2600 معارض سعودي في السجون، بحسب إحصائية لمجموعة سجناء الرأي السعودية التي تتعقّب السجناء السياسيين السلميين، بينهم علماء بارزون وكتاب ومحامون وناشطون، والكثيرون منهم أُدينوا وفقاً لقوانين مكافحة الإرهاب في السعودية".

الكاتبة ترى أن "السعودية لم تكن أبداً هكذا؛ فالملوك الذين مرّوا عليها تمايزوا في طريقة تعاطيهم مع ملف حقوق الإنسان ودرجة التسامح مع المعارضة، وهو أمر كان يخضع لمزاجية الحاكم".

وتوضح كاثرين أن "مشهد الحكام العرب الذين استسلموا لثورات الربيع العربي أثار انزعاج الملك المسنّ عبد الله ومستشاريه؛ ما جعلهم يتساءلون ما إذا كانوا قد ذهبوا بعيداً جداً. وهنا بدأت السعودية بمحاولة شراء المعارضة، وإنفاق مليارات الريالات لبناء مساكن عامة وزيادة الرواتب".

غير أن السعودية بنفس الوقت، تقول كاثرين، سجنت نشطاء حقوقيين؛ منهم محمد فهد القحطاني، وعبد الله الحامد، ومحمد صالح البجادي، الأعضاء المؤسّسون للجمعية السعودية لحقوق الإنسان، ممن رفضوا مغريات الحكومة.

وقالت: إنه "بعد العام 2015، وتولّي الملك سلمان حكم المملكة، تسارعت وتيرة الاعتقالات وارتفعت عمليات الإعدام، حتى وصلت إلى مستويات غير مسبوقة في العقدين الماضيين".

وتابعت: "إلى جانب هذه الحملة كان هناك تحوّل متعمّد في خطاب السلطة، وميل أكثر لولي العهد محمد بن سلمان، الذي أصبح فجأة مسؤولاً عن قطاع النفط والسياسة والاقتصاد والقوات المسلحة، بعد أشهر قليلة من تتويج والده".

وبعد إعلان رؤية 2030، التي دشّنها ولي العهد، أصبحت السلطات السعودية أكثر عدائية تجاه معارضيها، وبدأت عمليات قمع وسجن للنشطاء امتدّت لتصل إلى كبار الوزراء والأمراء والأثرياء، تحت مسمّى مكافحة الفساد، بحسب ما ذكرت كاثرين.

وأضافت: "منذ أن أصبح محمد بن سلمان ولياً للعهد أصبحت الرسالة الموجّهة لأولئك الموجودين داخل السعودية واضحة؛ وهي أن ولي العهد الجديد لن يقمع المعارضين له بشدة وحسب، وإنما أيضاً حتى أولئك الذين يبدون آراءهم ويعبّرون عن وجهات نظرهم في الأمور العامة".

وأشارت إلى أنه "منذ مقتل خاشقجي لم يعد هذا الخطاب السعودي -الذي يتّصف بالحدّة والحزم تجاه معارضي الداخل، وأيضاً تجاه الدول الأخرى، كما حصل مع كندا- نافعاً"، مؤكدة أن "مقتل خاشقجي أثار حنق العالم على بن سلمان".

واستدركت تقول: "لكن الآلاف من السعوديين المسجونين يجب أن يكونوا جزءاً من خطاب المجتمع الدولي الموجّه للسلطات السعودية".

إن حلفاء السعودية، تقول الكاتبة، لا سيما الولايات المتحدة، يجب أن يصرّوا على مطلب إطلاق سراح السجناء السياسيين في السعودية، فقد أخطأت القيادة السعودية في قضية مقتل خاشقجي، ما مكّن المجتمع الدولي من زيادة الضغط عليها.