مجتمع » حريات وحقوق الانسان

رهف القنون تعيد سجال "الولاية" في السعودية إلى السطح

في 2019/01/11

إيلاف السعودية-

تعيد قضية الفتاة السعودية رهف القنون، موضوع قانون الولاية على النساء إلى سطح الأحداث، إذ تجددت المطالب باسقاطه خاصة بعد أنّ عدّل الملك سلمان بعض بنوده المجحفة في 2017، في حين وعد الأمير محمد بمراجعته.

أثارت قضية الفتاة الهاربة من أهلها رهف القنون التساؤلات مجددا حول قانون الولاية على المرأة وجدوى استمرار تطبيقه والعمل به، كما أعادت إلى العلن دعوات سابقة لإسقاطه.

وهذا القانون يتصدر الأحاديث السعودية في كل مجلس ومنتدى، مع كل قضية هروب لفتاة، وظهرت عدة هاشتاقات منذ سنوات تتحدث عن هذا الموضوع الذي يزداد الاهتمام به مع كل قضية هروب  لفتاة سعودية من أهلها، إلى خارج البلاد.

قضية القنون

استأثرت محاولة رهف محمد القنون الفرار من بلادها باهتمام عالمي منذ وصول الشابة البالغة من العمر 18 عاما إلى بانكوك قادمة من الكويت في نهاية الأسبوع الماضي.

وهددت السلطات التايلاندية بترحيلها، لكن القنون وبمساعدة نشطاء ودبلوماسيين وحساب فُتح بسرعة على تويتر، تمكنت من القيام بتعبئة لطلب اللجوء.

وفيما تصاعد الاهتمام العالمي بقضيتها، ووصل عدد متتبعيها على تويتر إلى عشرات الآلاف، تراجعت السلطات التايلاندية عن تهديدها بترحيل الشابة، وسمحت لها بالخروج برفقة المفوضية السامية للاجئين التابعة للأمم المتحدة في بانكوك التي حضت استراليا على منحها اللجوء.

وصرحت وزيرة الخارجية الاسترالية التي تقوم بزيارة مقررة إلى بانكوك للقاء نظيرها التايلاندي، للصحافيين إن بلادها "تقوم بإجراءات عملية دراسة (طلب) الآنسة القنون كما هو مطلوب".

وقالت إنه ليست هناك "أي امكانية" في عودة القنون إلى استراليا برفقتها الخميس، وبأنها لن تتكهن حول الإطار الزمني إذا -- كما ألمحت كانبيرا هذا الأسبوع -- منحت وضع لاجئ.

وسيبقى والدها الذي ينفي إساءة معاملة ابنته في بانكوك "حتى يعرف الدولة التي ستغادر إليها"، وفقا لما قال قائد شرطة تايلاند سوراشاتي هاكبارن للصحافيين الخميس.

وقالت السفارة السعودية في بانكوك إنها لم تطالب بإعادة الشابة، مؤكدة أن القضية مسألة عائلية.

 قانون مثير للجدل

في ظل حملة الإصلاح والإنفتاح التي تشهدها السعودية بقيادة الملك سلمان وولي عهده الأمير محمد، تتزايد المطالب المنادية بإسقاط الولاية عن المرأة ودخلت عدة هاشتاقات الترند وجميعها تتحدث عن اسقاط الولاية ومعاناة المرأة في هذا الموضوع.

والتجرؤ على هذا القانون ليس وليد اللحظة، فالقيادة في السعودية أيضا تجرأت عليه رغم حساسيته كموضوع مجتمعي يضفي عليه كثيرون مسحة دينية. ففي العام 2017، أمر الملك سلمان بتعديل بعض بنوده، وأصدر قرارا أمر فيه بعدم مطالبة المرأة بالحصول على موافقة ولي أمرها "حال تقديم الخدمات لها ما لم يكن هناك سند نظامي لهذا الطلب وفقًا لأحكام الشريعة".

وتأتي التعديلات في إطار سلسلة من التحركات في المملكة العربية السعودية، والتي تشمل إشراك النساء بشكل أكبر في القوى العاملة، تزامنا مع تحرك المملكة نحو تنويع اقتصادها وتقليل الاعتماد على النفط.

بدأ هذا الاتجاه في عام 2011، عندما سمح الملك الراحل الملك عبد الله للمرأة بالمشاركة في مجلس الشورى الحكومي، وأعطى للمرأة حق التصويت في الانتخابات البلدية، والعمل في بعض الوظائف، وأيضا المشاركة في دورة الألعاب الأولمبية للمرة الأولى في عام 2012.

وعدلت السعودية بعض القوانين الخاصة بما يسمى بنظام الولاية على المرأة، بحيث مكنت النساء من الحصول على الخدمات دون الرجوع إلى ولي أمرها، ولكنّ ناشطات يطالبن بإلغاء النظام بشكل كامل واتهمنه بالإجحاف.

وعود ولي العهد

ومع كل قضية هروب أو تعنيف فتاة، يطفو إلى السطح هذا الموضوع الشائك والضغوطات تزداد حول جدوى استمرار قانون الولاية.

وكان الأمير محمد بن سلمان في لقائه الأخير مع صحيفة بلومبيرغ ذكر أن السعودية "ستعلن عن مزيد من الإصلاحات الاجتماعية، لاسيما ما يتعلق منها بالوصاية المفروضة حاليًا على المرأة".

وأوضح الأمير محمد بن سلمان أنّ السعودية "تجري مراجعات لقوانين تتعلق بالحياة الاجتماعية في المملكة، وبينها الوصاية على المرأة، لمعرفة ما يرتبط منها بالشريعة الإسلامية بالفعل وما ليست له صلة بها".
 
مطالب قديمة جديدة
 
حملة إسقاط الولاية هي حملة أطلقها عدد من النساء السعوديات وتهدف إلى إلغاء "نظام الولاية على المرأة" في المملكة، إذ أنه في نظرهنّ، قانون يعتبر النساء البالغات قاصرات من الناحية القانونية، ولا يحدد سن رشد قانونية لهن، مُقيدًا بذلك حقوقهن في العمل، السفر والتنقل، في الصحة والتعليم، في الإقامة وتأجير السكن، في حقوقهن في المنشآت الحكومية والخاصة، وفي حريتهن في اتخاذ قرارات مصيرية تتعلق بحياتهن، أبرزها الزواج.

تنقسم الولاية إلى نوعين، ولاية قانونية: بوجود نص قانوني يوجب حضور ولي ذكر على المرأة البالغة الراشدة للشروع في إجراء معين، وولاية اجتماعية: لا وجود لنص قانوني مباشر يفرض موافقة أو إذن ولي ذكر على المرأة البالغة الراشدة للشروع في أمر معين، لكن يفرضه العرف الاجتماعي.

لا يحمي القانون المرأة من هذا النوع الأخير من الولاية، أو قد يُسهِم بقوانين رديفة تساعد على وجودها، مثل بلاغات التغيب التي من حق ولي الأمر تقديمها في من يتولاها عند غيابها عن المنزل، فيُلقَى القبض عليها.

وليست السعودية وحدها من تطبق الولاية، فهي قوانين وأعراف معمول بها في دول مسلمة كثيرة، إذ يستمد الولي الذكر ولايته من عادات المجتمع المبنية على الأبوية وعلى أساس القوامة، التي تستند إلى تفاسير دينية لآية «الرِّجَالُ قَوّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضّلَ الله بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ»، ومن الدولة التي تساند هذه السلطة الاجتماعية لِما لها من بنية ذكورية.
 
على تويتر... جدل لاينتهي
 
من ضمن أهداف رؤية 2030 التي هندسها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، نجد بنودا تتعلّق بتمكين المرأة وتمتيعها بحقوقها كاملة دون نقص، لذا فإسقاط الولاية يعتبر مطلبا واضحا يساهم في حل عدة إشكالات تواجه المرأة بشكل يومي، بحسب نشطاء.

الكاتب السعودي فهد الأحمدي كتب في حسابه على تويتر تغريدة عبر هاشتاق #اسقاط ـ الولاية: "صمت الاناث عن حقوقهن، وقبولهن السريع بما لا يوافق مصلحتهن، نتيجة لنشأة وتربية طويلة تعودهن التنازل والاستسلام (طواعية) عند ادنى مواجهه مع الطرف الذكوري".

وكتب المغرد السعودي ضباب الحجاز: "قضية رهف القنون فيها  مسألتان تحتاجان إيجاد حل لها فالفتاة تشتكي من:
‏١- التعنيف...وهنا بحاجة إلى إسقاط الولاية..
‏٢- تركها للدين....وهنا بحاجة إلى إلغاء حد الردة..

‏وكلتا المسألتين..توجد لها حلول في التشريعات الدينية... فلا يوجد حرج ديني في إلغاء حد الردة ولا إسقاط الولاية".

فيما غرّدت الدكتورة لمياء البراهيم على تويتر : "قضية رهف القنون لا علاقة لها بالولاية ولكن قضايا المرأة السعودية صارت تستخدم كقميص عثمان وتؤجج من جهات مشبوهة وانتماءات حزبية ومنظمات بعضها أممية للضغط وابتزاز السعودية".