الخليج أونلاين-
دون تهمة أو محاكمة يقبع الشاب اليمني أكرم الهتاري في سجن بئر أحمد في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن، والخاضع لسيطرة الإمارات، بعد أن كان مختطفاً ومخفيّاً بسجن "القيادي المليشياوي أبو اليمامة"، أحد الأدوات الأمنية لأبوظبي في جنوبي اليمن.
أكرم شاب في مقتبل العمر (25 عاماً)، أنهى عامه الأول في دراسة الاقتصاد بجامعة عدن، ويحظى بسمعة جيدة، ولم يسبق له أن تورّط في شيء قبل أن يُختطف ويصبح خلف القضبان.
وتسبّب اختطافه بحالة من الحنَق لدى جيرانه؛ فقد عرفوه فتى يصنع المعروف ويُعتمد عليه، كما تقول أمه هالة.
وتحدّثت أم أكرم بحزن عن حادثة اختطافه، وقالت: "في 9 مايو الماضي، اختطفت قوات من مليشيا الحزام الأمني (المدعومة إماراتياً) أكرم من منطقته بعد مجيئها للقبض على اثنين من جيرانه، وهرع ابني للقوات العسكرية وعرّفهم بنفسه وأنه أحد أفراد اللواء الثالث حزم مشاة، وأخذ يستفسر عن سبب اعتقالهما".
وتابعت هالة والدة الشاب المختطف لـ"الخليج أونلاين": "استفسارٌ قابله أفراد مليشيا الحزام بالنزول من الطقم وأخذه بقوة السلاح وتم إخفاؤه لفترة في معسكر الجلاء التابع للقيادي المليشياوي أبو اليمامة".
وبيّنت أن "أكرم لم يكن مطلوباً؛ لكن عنجهية وتغطرس المليشيا المدعومة إماراتياً حوّلت حياته وحياتنا إلى مأساة"، فهو يُعيل أسرته المكوّنة من شقيقته وأمه.
ووُلد أكرم في أسرة متعلّمة لا تعرف الانحراف أو التطرف، لكن الحرب التي شنّتها مليشيا الحوثي والمخلوع علي عبد الله صالح على عدن دفعته إلى أن يلتحق بصفوف المقاومة الشعبية دفاعاً عن أسرته ومدينته، بحسب ما أوضحت والدته.
ثم جاء قرار الرئيس عبد ربه منصور هادي، بدمج المقاومة ضمن الجيش، ليتحوّل مساره المدني إلى القطاع العسكري كفرد من أفراد اللواء الثالث حزم مشاة، لكنه يطمح لإكمال دراسته الجامعية؛ حتى يحصل على رتبة عالية في الجيش، وفق ما بيّنت أمه.
رحلة بحث مضنية
وتروي هالة معاناتها في البحث عن ابنها وتقول: "اختفى في معسكر الجلاء أبو اليمامة، وانقطعت أخباره ولم نعلم عنه شيئاً أبداً، وبلّغنا وقتها عاقل الحارة (صفة كمختار) والشرطة والنائب العام ووزير الداخلية".
واستطردت الأم المكلومة: "لكن لم نستطع الوصول إليه، وشاركنا في وقفات عديدة مع رابطة أمهات المختطفين والمُختفين قسراً حتى أخرجوهم إلى سجن بئر أحمد مع مجموعة أخرى".
وأضافت: "سُمح لنا بزيارته كل يوم أحد، وبقي هناك أكثر من 3 أشهر، ونحن نطالب البحث الجنائي والنيابة بسرعة التحقيق معهم؛ لأن بقاءهم في السجن بدون تحقيق أو نيابة عبث بهم وبنا ومخالفة للقانون اليمني".
تعذيب وعروض
وأشارت هالة إلى أنه "بعد عدة وقفات أمام أبواب المسؤولين ومناشدات وإضراب الشباب عن الطعام حتى تحضر النيابة، جاءت الأخيرة وحقّقت يوماً واحداً فقط، وبعدها سُمح للمحامين بالبحث في ملفاتهم، ولم يجدوا أي دليل، باستثناء اعترافات أُخدت منهم تحت التعذيب".
وأوضحت أنه "يتم تعذيبهم حتى يشهد بعضهم على بعض، وطبيعة هذه الاعترافات المُنتزعة تحت وطأة التعذيب تتركّز حول مسؤوليّتهم عن قتل شباب واغتيال أئمّة المساجد كي يتحمل هؤلاء الأبرياء مسؤولية الجرائم التي ارتُكبت في عدن من قبل الإمارات وأذرعها في قوات الحزام الأمني".
وفي مقابل التعذيب تلقّى أكرم عروضاً بالعمل مع المليشيا المدعومة من الإمارات؛ "بعد تحمّله كثير من التعذيب، جاء مسؤول هناك وأعطاه قاتاً (نبتة يمضغها اليمنيون)، وبعدها طلب منه أن يعمل مع الحزام الأمني، لكنه رفض".
وقالت هالة إن ابنها أكرم "في بئر أحمد منذ 6 أشهر، دون أن يفصلوا في موضوعه أو يطلقوا سراحه، حيث يرفض الإماراتيون الإفراج عنه، وسط عجز للحكومة الشرعية".
وتابعت القول: "قابلنا وزير الداخلية أحمد الميسري، ورئيس مجلس القضاء الأعلى، والنائب العام، ووكيل النيابة الجزائية، ولا أحد يستطيع إخراجهم. يعدوننا بإطلاق سراحهم لكنّهم عاجزون، إلى أن يُثمر الضغط على الإمارات وتطلق سراحهم".
واستطردت أم أكرم: "طلبنا من النيابة أن تفرج عنهم أو تحيلهم للقضاء، لكنها لم تستطع إحالتهم؛ لأنها ليس لديها أي دليل، ولا تفرج عنهم لأن الإمارات تريد تحميلهم جرائمها التي اقترفتها بعدن، لذلك مدّدت النيابة حبسه 45 يوماً إضافياً بعد انتهاء المدة عينها، والآن هو مضرب عن الطعام".
خروج ومقاضاة دولية
وتصف هالة الوضع الراهن لابنها؛ فعندما تزوره تجده في حالة استنكار شديد وألم، لما وصل إليه بعد أن كان جندياً بالجيش الشرعي.
ويؤكد أكرم لأمه أن "أول شيء سيعمل عليه فور انتهاء محنته والخروج من المعتقل هو الخروج من البلاد حتى يتمكّن من مقاضاتهم دولياً والأخذ بحقه".
وتختم هالة حديثها لـ"الخليج أونلاين" بقولها: "أكبر إجرام وظلم أن يأخذوا فلذة كبدك ويخفوه ويعذبوه".
وكانت وكالة "أسوشييتد برس" كشفت، في يونيو الماضي، عن فضيحة جديدة ارتكبها ضبّاط إماراتيون ووكلاؤهم بحق مئات المعتقلين بسجن بئر أحمد في عدن.
وشبّهت الوكالة الأمريكية أساليب الضباط المختلفة في التعذيب والإذلال الجنسيين بما كان يحدث في سجن "أبو غريب" بالعراق إبان فترة الاحتلال الأمريكي.
ووفقاً لتقرير الوكالة فإن نحو 15 ضابطاً إماراتياً متورّطون في عمليات التعذيب والإيذاء الجنسي، معتبرة التقرير "نافذة على عالم من الاعتداءات الجماعية والإفلات من العقوبة بالسجون التي تسيطر عليها الإمارات في اليمن".
وتدير الإمارات نحو 18 سجناً سرياً في جنوبي اليمن، بحسب "أسوشييتد برس".