مجتمع » حريات وحقوق الانسان

قضية "رهف القنون" تعيد جدل الإلحاد إلى السعودية.. ما علاقة السلطة؟

في 2019/01/19

الخليج أونلاين-

ما الذي يدفع الإنسان ليكون ملحداً؟ تساؤل يتردد كثيراً على مواقع التواصل الاجتماعي في العالم العربي، وخصوصاً في السعودية التي تشهد الموجة الأكبر من الإلحاد عربياً، وفق تقارير لمعهد دولي في واشنطن.

وتشهدُ الفترة الأخيرة ارتفاعاً ملحوظاً في أعداد الملحدين السعوديين، في أجواء من السخط والشجب المستمر على مواقع التواصل، بين إلقاء اللوم على السلطات، أو المجتمع، أو الشخص الذي اتخذ قرار الإلحاد.

القنون حالة جدلية

وجاءت الحادثة الأخيرة للفتاة المراهقة رهف القنون (18 عاماً)، لتثير الجدل أكثر حول أسباب الإلحاد في السعودية، والتي تتخذ من الشريعة الإسلامية منهجاً وحيداً في نظام حكمها.

والإلحاد بمعناه الواسع يعني "رفض الاعتقاد أو الإيمان بوجود الآلهة"، وفي المفهوم الضيق فإنه يعتبر على وجه التحديد موقفاً يتلخص بأنه "لا توجد آلهة"، وهو ما يتناقض مع فكرة الإيمان بالله أو الألوهية.

وهربت القنون من بلادها طلباً للجوء في تايلاند، واستقبلتها كندا، قبل أن تتخلى عن لقب عائلتها، بعد أن تبرأت الأخيرة منها على خلفية فرارها من المملكة واتهام العائلة بإساءة معاملتها، بحسب " ديلي ميل " البريطانية.

ونشرت رهف صورة على موقع التواصل الاجتماعي "سناب شات" من وجبة الإفطار الخاصة بها، المكونة من لحم الخنزير المقدد على الطريقة الكندية والبيض، وعلقت بالقول: "يا إلهي لحم الخنزير المقدد".

 

 

كما نشرت أيضاً صورة لتناول القهوة من مقهى "ستاربكس"، مرتدية فستاناً من الصوف يظهر ساقيها العاريتين، بالإضافة لصور توضح شربها للخمر.

كل ذلك بدأته القنون في الأيام الأولى من وصولها إلى كندا، وقد خلعت قبل ذلك لباسها القديم "الإسلامي".

ويقول مراقبون للشأن السعودي إن الحالة التي هي عليها القنون مستهجنة في المملكة، وربما في العالم الإسلامي، وإن كان الكثر يفعلون ما تفعله يومياً، ولكنهم ربما لا يوثقون ذلك على وسائل التواصل الاجتماعي، ولا ينالون اهتمام الإعلام.

السلطة هي السبب

وقد علق عشرات الناشطين على حالة القنون، ومن سبقها، والغالبية يرجعون الأمر إلى الوضع السياسي والاجتماعي الذي عاشه أفراد المجتمع خلال الحكم الملكي السعودي.

فعلى مدار سنوات كان البلد الأكثر تطبيقاً لتعاليم الدين الإسلامي الأول على قائمة الدول العربية الأكثر إلحاداً، بحسب دراسة أعدها معهد "غالوب" الدولي الذي يتخذ من واشنطن مقراً، في مارس الماضي.

تقرير "غالوب" أكد أن نسبة الإلحاد في السعودية تتراوح بين 5 و9% من مجموع عدد سكان المملكة، وهي الأكثر ارتفاعاً مقارنة بدول عربية حتى مع تلك التي تعرف بميولها العلمانية كتونس ولبنان (لا تتجاوز 5%).

وقد علق عبد الله الكويليت على حوادث الإلحاد في المملكة بموقع تويتر قائلاً: "فتاة تهرب من أسرتها وتعلن تمردها، فتى يعلن إلحاده بشكل سافر .. هذه نماذج فردية نافرة".

واعتبر الكويليت أن "ما يحدث رد فعل طبيعي ومؤقت.. مجتمعنا ينتقل من مرحلة سكونية مغلقة إلى مجتمع مفتوح"، في إشارة إلى التغيرات التي أحدثها ولي العهد محمد بن سلمان في المجتمع السعودي.

 

 

وانتشر وسم على تويتر أيضاً، في 8 يناير الجاري، لمئات السعوديين باسم " أنا ملحد سعودي"، يعلنون فيه أنهم ملحدون، وقد تركوا دين الإسلام.

وغرد ناشط سعودي بالقول: إن سبب الإلحاد في السعودية أمران"؛ أحدهما يتمثل في "النظام السياسي القمعي الذي لا يمكن نقده"، والتزاوج الديني مع السلطة.

استغلال الإلحاد

وتستغل السلطات السعودية انتشار حالة الإلحاد وتربطها بمن ينتقد سياسات بن سلمان، وتفصيلها بما يتناسب وحالة الحكم الذي ينتقل من منغلق إلى مفتوح.

فقد دعت صحيفة "الرياض" السعودية الرسمية إلى توسيع قانون "إسقاط الجنسية" المعمول به، ليشمل كل من ينتقد المملكة أو يطلب لجوءاً سياسياً إلى دول أخرى.

وهذا الأمر حصل مؤخراً مع الفتاة السعودية الهاربة من بلادها رهف القنون؛ وأشقاء معتقلي الرأي وأقاربهم الموجودين خارج المملكة.

وتواجه السعودية انتقاداً واسعاً من كثير من دول العالم ومنظمات حقوق الإنسان، بسبب اعتقالات الرأي التي تصاعدت منذ تولي بن سلمان ولاية العهد.

حيث شملت الاعتقالات عدداً كبيراً من الدعاة والعلماء، إلى جانب سيدات سعوديات يطالبن بِحُرية التعبير، وينتقدن بعض الإجراءات التي اتخذها ولي العهد الجديد.