متابعات-
طالبت منظمة حقوقية السلطات السعودية بالكشف عن مصير 5 من ضحايا الإخفاء القسري في المملكة على مدار السنوات الثلاثة الماضية، بينهم سوري.
وفي بيان لها قالت مؤسسة "القسط.. لدعم حقوق الإنسان" (مقرها لندن) إنه دائمًا ما يتعرض المعتقلون في السعودية للإخفاء القسري في بداية اعتقالهم، وقد تتفاوت مدة الإخفاء القسري بناءً على مطالبات الأسر والأهالي وسؤالهم عن الضحية أو عدمها، وتفاعل المنصات الإعلامية والحقوقية مع الضحية، مشيرة إلى أنه غالبا ما تطول فترة الإخفاء في حال عدم السؤال عن الضحية.
وأضافت أن هناك ضحايا طالت مدة إخفائهم حتى باتت هناك شكوك حول مصائرهم، من بينهم حاج سوري يدعى "خالد محمد عبدالعزيز"، والداعية "سليمان الدويش"، والكاتبان الصحفيان "مروان المريسي" و"تركي الجاسر"، والناشط في المجال الإنساني "عبدالرحمن السدحان".
واستعرض البيان ظروف اعتقال كل من الضحايا الخمسة، وفي مقدمتهم الداعية "سليمان الدويش" الذي اعتقل في 22 أبريل/نيسان 2016، على خلفية تغريدة نشرها ينتقد فيها تدليل الأبناء، ومنحهم مزيدا من الصلاحيات بلا رقابة ومحاسبة، وهو ما فهم منه "محمد بن سلمان" الذي لم يكن وليا للعهد بعد، أنه يعرض به فأمر بسجنه.
واعتقلت "الدويش" قوات تابعة لوزارة الدفاع والطيران التي كان وزيرًا لها آنذاك "بن سلمان"، ثم قام لاحقا بنقل "الدويش" لسجون المباحث بعد أن أسقط ابن عمه "محمد بن نايف" وأصبح قادرًا على التحكم في الداخلية ومنشآتها، ولم يطل الأمر طويلًا حتى اختفى "الدويش" ولم ترد أي معلومات عنه، أو عن صحته أو مكان تواجده ليدخل بذلك اخفا قسري امتد حتى وقت كتابة هذا التقرير.
من الحج للإخفاء القسري
في 26 أغسطس/آب 2017 سافر "خالد محمد عبدالعزيز" (41 عاما) إلى مكة المكرمة قادمًا من تركيا برفقة والدته "خديجة" بقصد الحج، وبعد انتهاء مراسم الحج سافر "خالد" ووالدته مع الحملة إلى زيارة المدينة المنورة.
وفي 11 سبتمبر/أيلول 2017 أخبر "خالد" والدته برغبته العودة إلى مكة لزيارة الحرم مرة أخرى، وفي اليوم التالي فقدت "خديجة" الاتصال بابنها، وقامت بإبلاغ مشرف الحملة ليؤكد لها بأن "خالد" بخير، وأن عليها ألا تقلق، ولم يستجب لبلاغاتها حتى حان موعد مغادرة السعودية.
وفي مطار المدينة المنورة، قامت الجهات السعودية المسؤولة بتأخير الحملة بسبب تغيب "خالد"، وحينها حاول المشرف إقناع الجهات المسؤولة في المطار بأن "خالد" مريض، ثم قام بتسليمه للجهات المسؤولة في المطار لتغادر الحملة من المدينة المنورة إلى تركيا بما فيها السيدة "خديجة" والدة "خالد"، التي خاطبت هي وأسرته كافة الجهات المسؤولة في المملكة، ولكنها لم تسمع أي شيء عن ابنها، حتى اليوم.
صاحب "لبن العصفور"
أما الإعلامي "مروان المريسي" (37 عاما)، فقد اعتقل من منزله على يد قوات الأمن السعودية مطلع يونيو/حزيران 2018، ونقل إلى مكان ٍمجهول وبمعزل عن العالم الخارجي، ولا يعرف عنه شيء حتى الآن.
و"المريسي" يمني الأصل، انتقل إلى المملكة مع أسرته عام 2003، وبدأ مسيرته المهنية في الصحافة خلال السنة التالية؛ حيث عمل في العديد من وسائل الإعلام السعودية، واهتم بمجال الإعلام الرقمي، وأعد نحو 30 برنامجا تلفزيونيا، ويتابع حسابه على "تويتر" أكثر من مائة ألف متابع، وكتب كتابًا واحدًا صدر عام 2014 بعنوان "لبن العصفور".
غير موجود بالسجلات
في 12 مارس/آذار 2018، اعتقلَ رسميّون يرتدون ملابس مدنية يعتقَد أنّهم ينتمون لجهاز المباحث السعودي "عبد الرحمن السدحان" من مكان عمله في مركز هيئة الهلال الأحمر السعودي في الرياض، وصادروا هاتفه واقتادوه عنوة إلى مكان مجهول.
وفي اليوم التالي اقتحمت الشرطة منزله وصادره حاسوبه وأدواته الشخصية وسياراته، ورغم ذلك لم تحتو قاعدة بيانات السجون التابعة لوزارة الداخلية أي دليل على احتجازه.
بالإضافة إلى ذلك، قال مركز البلاغات الأمنية في قسم الأمن التابع لوزارة الداخلية إنه لا توجد لديهم أي معلومات عن مصير "السدحان" أو مكانه.
وبعد رحلة بحث مضنية وشكاوى لمؤسسات حقوقية، قالت الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان، في 25 نوفمبر/تشرين الثاني 2018، إن السلطات نقلت "السدحان" إلى سجن الحائر. وشوهد "السدحان" آخر مرة في 28 أكتوبر/تشرين الأول 2018 من قِبل أحد المساجين في سجن ذهبان في جدة حيث تعرّضَ للتعذيب، ولم يعرف مصيره بعدها.
مختف منذ عامين
أما الصحفي السعودي "تركي بن عبدالعزيز الجاسر" فقد داهمت السلطات منزله في 15 مارس/آذار 2017، واعتقلته وصادرت أجهزته، ليختفي بعدها "الجاسر" بشكل كامل؛ حيث لم يُسمح بالزيارة ولا بالاتصال، ولا تجيب السلطات عن جميع الاستفسارات عنه.
وفي ختام بيانها، شددت مؤسسة "قسط" الحقوقية أن على السلطات السعودية الكشف فورًا عن حال جميع المختفين قسريًا، والإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع من تعتقلهم تعسفيًا من أجل آرائهم، وعليها الالتزام بما جاء في الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري 1992، والانضمام للاتفاقية، حيث أنها لم تنضم لها بعد.