مجتمع » حريات وحقوق الانسان

على أوروبا الدفاع عن حقوق الإنسان في السعودية

في 2019/03/14

أنطونيو بانزيري - واشنطن بوست - ترجمة شادي خليفة -

"إذا لم يتم الرد بشكل مناسب على مقتل جمال خاشقجي، فسيكون ذلك وصمة عار فظيعة للكفاح من أجل حقوق الإنسان".

كان هذا هو التحذير الذي أصدرته "خديجة جنكيز"، خطيبة "خاشقجي"، في فبراير/شباط، في اجتماع اللجنة الفرعية لحقوق الإنسان التابعة للبرلمان الأوروبي التي أترأسها. وكانت "جنكيز" هي من دقت في البداية ناقوس الخطر بشأن اختفاء "خاشقجي" في 2 أكتوبر/تشرين الأول، بعد انتظارها لساعات خارج القنصلية السعودية.

ولكن كما أخبرتنا، فإن وجودها في البرلمان الأوروبي لم يكن فقط للعب دور "خطيبة" الصحفي. وبدلا من ذلك، كان الأمر يتعلق بتسليط الضوء على أهمية احترام حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم. حيث يسلط مقتل "خاشقجي" البشع الضوء على كيف تم دحر هذه الحقوق بوحشية في ظل النظام السعودي.

كما يكشف صوت "خديجة" المحطم، والمصمم على العدالة، الشكل الذي أصبحت عليه تصرفات الحكومة السعودية وولي عهدها "محمد بن سلمان". ولعدة أشهر، كان وريث التاج في جولة في عواصم العالم لتسويق تحويله المزعوم لبلاده إلى مجتمع منفتح ومتسامح. وكان "بن سلمان" يريد تصوير المملكة العربية السعودية على أنها في طليعة التقدم في الشرق الأوسط. لكن في الواقع، من حيث حقوق الإنسان والحقوق المدنية، يتبع النظام مسارا مختلفا تماما.

ويستمر النظام السعودي في التصرف بطريقة استبدادية وقمعية. وفي يونيو/حزيران الماضي، بدا وكأنه يحرز تقدما من خلال إلغاء الحظر المفروض على قيادة المرأة. لكنه اعتقل في الوقت نفسه الناشطات اللاتي ناضلن لأعوام للحصول على هذا الحق. علاوة على ذلك، لم يغير منح النساء الفرصة للجلوس وراء عجلة القيادة الواقع اليومي الذي تواجهه السعوديات؛ حيث لا يزال نظام الولاية مستمرا، ما يمنعهن من القيام بشكل مستقل بأبسط المهام، مثل فتح حساب مصرفي أو السفر.

ومع وضع ذلك في الاعتبار، أصدر البرلمان الأوروبي قرارا في مايو/أيار يدعو السعودية لإطلاق سراح ناشطات حقوق الإنسان المسجونات ظلما، واعتمد تشريعات للشغط على السعودية لمواجهة العنف ضد المرأة، وإنهاء نظام الولاية.

وتتناقض هذه الصورة مع الصورة التي رسمها ولي العهد في لقاءاته مع قادة العالم ورجال الأعمال. وتعد "رؤية 2030" هي المشروع الأساسي لولي العهد السعودي وهي تهدف لتقليل اعتماد المملكة على العائدات النفطية. وتفسر الحاجة إلى إقامة علاقات مع القوى الدولية تنازلات ولي العهد في بعض الأحيان. ولكن لحسن الحظ، لا يزال هناك بعض القادة الذين يرون عبر الدخان، ولديهم بعض الهواجس حول التداول مع "ديكتاتور".

لكن لسوء الحظ فإن بعض الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي لا تأخذ المخاوف بشأن حقوق الإنسان في السعودية على محمل الجد. وفي الواقع، فإن العديد من الدول الأوروبية، ليس فقط لديها علاقات تجارية مع المملكة، ولكن أيضا تبيع لها الأسلحة. وتصل الأسلحة إلى شبه الجزيرة العربية (من أوروبا)، وغالبا ما تستمر في إحداث الدمار في الحرب الرهيبة التي تسحق اليمن. كوما أخبرنا ناشط محلي في جلسة استماع للجنة الفرعية لحقوق الإنسان في البرلمان الأوروبي، فعلى الرغم من أن الكثير من اليمنيين لم يزوروا أوروبا من قبل، إلا أنهم يعرفون تلك الدول بفضل آثار أسلحتها المصدرة هناك، التي لا تزال جزءا لا يتجزأ من واقعهم، إلى جانب أنقاض منازلهم المهدمة.

وقد أثار البرلمان الأوروبي هذه القضية مرارا وتكرارا، وفي هذا الشهر، كرر البرلمان الأوروبي دعوته لفرض حظر على تصدير الأسلحة للسعودية على مستوى الاتحاد الأوروبي.

ويجب أن تكون أوروبا أكثر فاعلية في هذه القضية، فالوضع في المملكة لا يمكن أن يتم تجاهله كأمر مؤسف يحدث بعيدا عن حدودها. ويدعو البرلمان الأوروبي إلى إرسال وفد من اللجنة الفرعية لحقوق الإنسان ولجنة البرلمان الأوروبي لحقوق المرأة والمساواة بين الجنسين إلى المملكة العربية السعودية لزيارة المحتجزات، وعقد اجتماعات مع السلطات السعودية عند الاقتضاء.

وكما تذكرنا "خديجة جنكيز"، فإن كل صحفي يتعرض للمضايقة، وكل امرأة محرومة من الحريات، وكل ناشط أو ناشطة في السجن، يمثل انتهاكا لحقوق الجميع. ولهذا السبب، وبصفتي رئيسا للجنة الفرعية لحقوق الإنسان التابعة للبرلمان الأوروبي، وقبل كل شيء كمواطن أوروبي، سأواصل العمل لضمان ظهور حقيقة ما حدث لـ "خاشقجي"، فلا يمكن أن تفلت القيادة السعودية من عواقب هذا الفعل.