واشنطن بوست-
قالت صحيفة "واشنطن بوست" في افتتاحية لها، إن المملكة العربية السعودية ربما تكون قد بدأت في التراجع قليلا أمام الغضب الدولي المتزايد بشأن جرائم حقوق الإنسان التي ترتكبها قوات الأمن المرتبطة بولي العهد السعودي "محمد بن سلمان".
ونوهت الصحيفة إلى قيام المملكة، يوم الخميس، بإطلاق سراح 3 من بين أكثر من 10 نساء تم القبض عليهن العام الماضي، وقالت جماعة سعودية لحقوق الإنسان إنها تعتقد أن 8 نساء أخريات، تمت محاكمتهن في الرياض، يمكن إطلاق سراحهن في الأيام المقبلة.
وإذا تم ذلك، فستكون هذه خطوة نحو إنهاء المعاناة الهائلة التي تتعرض لها الناشطات المسالمات، لكن الأمر لا يرقى إلى حد المساءلة اللازمة لضمان توقف التجاوزات التي يرتكبها ولي العهد و"بلطجيته"، بحد وصف الصحيفة.
وكانت "عزيزة اليوسف" و"إيمان النفجان" من بين عدد من المدافعات عن حقوق المرأة اللواتي تم القبض عليهن في مايو/أيار الماضي، وقد تم إطلاق سراحهما مؤقتا مع العالمة الدينية "رقية المحارب"، رغم استمرار محاكمتهن.
ومن بين النساء اللائي ما زلن محتجزات هناك بعض النساء السعوديات الأكثر شهرة، بما في ذلك "لجين الهذلول" و"هتون الفاسي"، ولم تحول إلى المحاكمة اثنتان أخريان، "سمر بدوي" و"نسيمة السادة"، اللتان تقبعان في السجن دون تهمة.
وقالت "وشانطن بوست" إنه بعد إلقاء القبض على النساء، تم احتجاز معظمهن بمعزل عن العالم الخارجي لعدة أشهر في سجون سرية، ووفقا للشهادة التي قدمنها في المحكمة، فقد تعرضن للتعذيب الوحشي.
وقالت عائلة "الهذلول" إنها وزميلاتها تعرضن للضرب والصدمات الكهربائية والإغراق بالماء والتحرش الجنسي.
وبحسب ما ورد، أصيبت إحداهن بصدمة كبيرة لدرجة أنها حاولت الانتحار، وفي الوقت نفسه، تعرضن لافتراء وسائل الإعلام الحكومية وكبار المسؤولين، بما في ذلك "محمد بن سلمان" ووزير الشؤون الخارجية "عادل الجبير"، حيث تم وصفهن بالـ"خيانة"، واتهامهن بقبول أموال من حكومات أجنبية لارتكاب أعمال التجسس.
وعندما بدأت محاكمة النساء المغلقة في نهاية المطاف هذا الشهر، اتضح أن التهم كانت أضعف بكثير مما تم إعلانه.
ووفقا لجماعات حقوق الإنسان وغيرها من المصادر، تم توجيه الاتهام ضد "الهذلول" بارتكاب جرائم مثل التواصل مع جماعات حقوق الإنسان والصحفيين والدبلوماسيين الغربيين بشأن قضايا حقوق المرأة، والتقدم لبرنامج المهنيين الشباب في الأمم المتحدة.
وترى "واشنطن بوست" أن هذه التهم الجديدة تعد تراجعا عن التشهير الذي ارتكبه ولي العهد "بن سلمان" و"الجبير"، وهو ما يؤكد اضطهاد هؤلاء النساء، الذي نددت به الأمم المتحدة والعديد من الحكومات الغربية ومجلس الشيوخ الأمريكي.
ووفقا للصحيفة، تتطلب العدالة البسيطة إطلاق سراح جميع النساء، وإسقاط التهم الموجهة إليهن، لكن ذلك لن يعالج المشكلة المؤسسية الأكبر، وهي قيادة ولي العهد لقوات الأمن الخاصة به، التي ارتكبت العديد من الجرائم، بما في ذلك قتل وتقطيع الصحفي "جمال خاشقجي".
ونقلت الصحيفة الأنباء المتداولة حول كون "سعود القحطاني"، مهندس عملية "خاشقجي"، قد أشرف على تعذيب "الهذلول"، حيث هددها بالاغتصاب والقتل، وانتقدت أنه لم تتم محاسبته على أي من جرائمه.
وتنكر الحكومة السعودية روايات النساء عن التعذيب.
ووفقا للصحيفة الأمريكية، يعد إنهاء الانتهاكات التي ارتكبها "محمد بن سلمان" أمرا بالغ الصعوبة؛ نظرا للتدليل الذي تلقاه من إدارة "ترامب"، والتي لم يكن لديها ما تقوله حتى حول اضطهاد النساء، لكن يبدو أن ضغط الكونغرس والحكومات الأوروبية كان له بعض التأثير أخيرا.
واختتمت الصحيفة بالقول إنه "من الضروري الحفاظ على هذا الضغط إلى أن تتم محاسبة المسؤولين السعوديين عن التعذيب والقتل، وتفكيك الهياكل التي مكنت لهذا السلوك المدمر".