الخليج أونلاين-
تعود السعودية باعتقالها للصحفي الأردني عبد الرحمن فرحانة بالذاكرة إلى اعتقال الإمارات للصحفي تيسير النجار، وسط مخاوف من استهداف لأردنيين آخرين وقمعهم وإسكات صوتهم.
والصحفي الأردني فرحانة اعتقلته السلطات السعودية قبل نحو شهرين في مدينة الدمام (بالمنطقة الشرقية)، دون توجيه أي تهمه إليه أو السماح بزيارته، وفق ما أعلن أحد أقاربه الثلاثاء (23 أبريل).
ومن غير المعروف حتى الآن كيف ستتعامل السلطات الأردنية مع اعتقال فرحانة، وإن كان سيتكرر سيناريو اعتقال الصحفي "النجار" من قبل الإمارات ومكوثه ثلاث سنوات بالسجون الإماراتية بسبب منشور له على "فيسبوك".
وأدان مصطفى العساف، عضو لجنة التوجيه الوطني والإعلام في مجلس النواب الأردني، اعتقال فرحانة، موضحاً أن "مبدأ الاعتقال مرفوض، لا سيما لشخص صحفي وإعلامي يحمل هموم الناس ومشهود له بالدفاع عن قضايا الأمة".
وقال العساف لـ"الخليج أونلاين" إن "الاعتقال التعسفي لم يعد مقبولاً ويجب سرعة الكشف عن مصير فرحانة وغيره من المعتقلين الذين قيل عن اعتقالهم، وتقديمهم لمحاكمة عادلة وأمام الجميع".
اعتقال بلا تهمة
وجاء الإعلان عن اعتقال فرحانة من قبل قريبه الصحفي حلمي الأسمر، في رسالة وجهها، الثلاثاء، إلى وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، بمنشور على صفحته بموقع "فيسبوك".
وقال الأسمر في منشوره: "بلغني أن المواطن الأردني الصحفي الأستاذ عبد الرحمن محمد عبد الرحمن فرحانة، العضو في نقابة الصحفيين الأردنيين (رقمه الوطني 9571007537) تم اعتقاله في الدمام بالسعودية، منذ أكثر من شهرين، دون أن يعرف أحد عنه شيئاً منذ ذلك الحين، علماً بأن الأستاذ عبد الرحمن (وهو ابن خالي) يبلغ من العمر 63 عاماً، ويعمل كاتباً صحفياً في صحيفة (السبيل) اليومية الأردنية".
وبيّن الأسمر في منشوره أن المعتقل فرحانة "يعاني عدة أمراض، منها الضغط والسكري وضعف تروية الدماغ، ولم يسمح له لحظة اعتقاله بأخذ أدويته معه أو حتى وداع أسرته".
ورغم محاولة ذويه الاستفسار عنه أو السماح بزيارته من الجهات الأمنية في السعودية، فإنهم جوبهوا بالصد وعدم الإفادة، وهم لا يعلمون عنه شيئاً منذ ذلك التاريخ.
وتابع أنه "لم توجَّه إليه أي تهمة أو يُعرف مكان احتجازه أو ظروفه الصحية". وأرفق صورة جواز سفر "فرحانة".
كما أكّد الأسمر في تصريح لاحق لـ"الخليج أونلاين" أنه اتصل بنقيب الصحفيين الأردنيين راكان السعايدة وعدد من أعضاء مجلس النقابة لوضعهم بصورة ما حدث مع الصحفي الأردني.
وبيّن الأسمر أنه بدأ بسلسلة محاولات وإجراءات لدفع المسؤولين في البلاد، لا سيما الجسم الصحفي ووزارة الخارجية، إلى العمل على اتخاذ كل الإجراءات المتعلقة بحماية فرحانة، للإفراج عنه بأسرع ما يمكن.
ولم تصدر وزارة الخارجية الأردنية أي موقف رسمي حول اعتقال فرحانة في السعودية.
وتتشابه قضية فرحانه مع قضية الصحفي النجار الذي اعتقل بالسجون الإماراتية وحكم عليه في العام 2015 بالسجن ثلاثة أعوام ودفع غرامة "باهظة"، إثر منشور على حسابه بموقع فيسبوك يعود لعام 2014 (قبل سنة من دخوله أبوظبي)، انتقد فيه دور الإمارات ومصر في الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وأفرج عنه في فبراير من العام 2019، بعد انتهاء محكوميته.
اعتقالات بالجملة
وكان ناشطون من ضمنهم الأكاديمي السعودي المقيم في الخارج، سعيد بن ناصر الغامدي، قد كشفوا عن شن سلطات بلادهم حملة اعتقالات واسعة ضد مقيمين في السعودية وأولهم الفلسطينيون.
وقال الغامدي في تغريدة عبر حسابه على "تويتر" مؤخراً: "في المملكة حملة اعتقالات جديدة وواسعة لأعداد من الفلسطينيين، ومنع سفر آخرين منهم، وتجميد حساباتهم، ومصادرة مؤسساتهم".
وبحسب الغامدي فإن "التهمة هي التعاطف مع المقاومة في فلسطين، واهتمامهم بالقدس وغزة، وتأييد حماس".
استهداف للإخوان المسلمين
ووفق المعلومات المؤكدة التي حصل عليها "الخليج أونلاين"، فإن "الاعتقالات في السعودية طالت أسماء وشخصيات مقربة من جماعة الإخوان المسلمين بالأردن، وأنّ المعتقلين إما صحفيون وإعلاميون، أو يعملون في مؤسسات إغاثية بالمملكة، أو من أولئك الفاعلين في المجال الدعوي والديني".
وتضع السعودية حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على قوائمها للإرهاب، حيث تندرج تحت "جماعة الإخوان المسلمين" المحظورة في المملكة، وتعتبر أي تعاطف أو تأييد للجماعة مخالفة يعاقب عليها القانون.
وكانت وسائل إعلام أردنية بينت قبل أيام، أن وزارة الخارجية وشؤون المغتربين الأردنية تتابع قضية اعتقال مواطن أردني في السعودية، حيث اعتُقل الأسبوع الماضي، دون الكشف عن هويته أو اسمه.
وقالت الوزارة أيضاً إنها خاطبت الجهات المعنية في السعودية بشأن هذه القضية، وتتم متابعتها من الجوانب كافة، كما لفتت إلى أن "والد الأردني المعتقل قد قدّم للخارجية المعلومات كافةً الخاصة باعتقال ابنه، وجارٍ عمل اللازم"، وفق ما نقله موقع "سواليف" المحلي.
ومن غير المعروف إن كان هو الصحفي "فرحانة" ذاته أو معتقلاً أردنياً آخر.
وكانت رئاسة أمن الدولة في السعودية أعلنت في مطلع مارس، عن اعتقال 50 شخصاً على ذمة قضايا أمنية، بينهم 30 مواطناً، وستة فلسطينيين، وثلاثة أردنيين.
ولم يصدر حتى اللحظة عن الجانبين الأردني والفلسطيني أي رد على إعلان السعودية اعتقال مجموعة من مواطنيهما.
وجدير بالذكر أن السلطات السعودية تواصل حملات الاعتقال التي بدأتها منذ صعود ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى سدة الحكم في عام 2017.
ومنذ ذلك الحين اعتقلت السعودية آلاف النشطاء والمثقفين ورجال الدين والصحفيين ورجال الأعمال على مدى عامين ماضيين، في إطار القضاء على أي معارضة محتملة ضد بن سلمان.