توماس ليبمان- لوب لوغ- ترجمة أسامة محمد -
منذ أن أغضب الحظر العربي على النفط في الفترة ما بين عامي 1973 و 1974 الأمريكيين بارتفاع أسعار البنزين والطوابير الطويلة في المحطات، أنفقت المملكة العربية السعودية ببذخ في الولايات المتحدة على الجهود المبذولة لتحسين صورتها بين الأمريكيين. وأعطى السعوديون فرصا مربحة لشركات القانون والعلاقات العامة وتبرعوا بشكل حر للجامعات ومراكز الفكر سعيا وراء سمعة أفضل.
لكن أموالهم ضاعت في الغالب، وتستمر المملكة في توليد العناوين التي تنفر الناس وليس هناك أدلة كبير أن للمملكة أي معجبين في واشنطن بخلاف الرئيس "ترامب".
وظهر هذا الأمر مؤخرا عندما أعلن السعوديون دون إحراج أنهم أعدموا 37 رجلا أدينوا في محاكمات جماعية، وفقا لـ "هيومن رايتس ووتش".
وكان ما لا يقل عن 33 من أصل 37 من الأقلية الشيعية في البلاد أدينوا في أعقاب محاكمات جائرة بتهم الاحتجاج والتجسس والإرهاب. وكان الإعدام الجماعي هو الأكبر منذ يناير/كانون الثاني 2016، عندما أعدمت المملكة العربية السعودية 47 رجلا بتهمة ارتكاب جرائم إرهابية.
ومن بين الجرائم التي أدينوا بها "دعم المظاهرات" و "تشويه سمعة المملكة" ومحاولة "نشر التشيع" في المملكة العربية السعودية، حيث الإسلام السني هو الدين الرسمي.
وفي الأسبوع الماضي، أجل السعوديون مرة أخرى المحاكمة المقررة لـ11 من الناشطات في مجال حقوق المرأة يقبعن في السجن منذ العام الماضي. وتجاهلت الحكومة التقارير الواسعة التي تفيد بأن النساء تعرضن للتعذيب والاعتداء الجنسي أثناء احتجازهن.
وفي أعقاب مقتل الصحفي "جمال خاشقجي" في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، والذي قال مسؤولو المخابرات الأمريكية إنه تم بأوامر من حاكم المملكة العربية السعودية بحكم الأمر الواقع ولي العهد الأمير "محمد بن سلمان"، تم تشويه سمعة المملكة بشكل متزايد بين الأمريكيين.
وفي الماضي، أذكى السعوديون الكراهية وحتى العداء بين الأمريكيين مع التطورات التي تراوحت بين جرائم القتل الجماعي في أحداث 11 سبتمبر/أيلول إلى تصريحات غير معقولة من الزعماء الدينيين، مثل الفتوى سيئة السمعة لعام 2013 التي قالت أنه لا ينبغي السماح للنساء بقيادة السيارات لأنها "تؤدي إلى تلف المبيضين".
ومع ذلك كان السعوديون يوزعون المال لحل مشكلة صورتهم.
ويتعين على الشركات والأفراد الأمريكيين الذين يمثلون مصالح الحكومات الأجنبية التسجيل لدى وزارة العدل وتعرض القائمة الحالية للوكلاء المسجلين 31 منظمة وفردا يعملون في الضغط لصالح السعودية، وتشمل القائمة بعض فروع الشركات السعودية التي تتخذ من الولايات المتحدة مقرا لها، مثل فرع شركة أرامكو، ولكنها تضم أيضا شركات محاماة بارزة مثل هيل ونولتون.
في الآونة الأخيرة، في فبراير/شباط، عندما تراجعت بعض الشركات في واشنطن عن العمل كعملاء للسعوديين بسبب الغضب الشعبي وضغوط الكونغرس بشأن مقتل "خاشقجي"، قيل إن السعوديين كانوا يتفاوضون مع وسائل الإعلام لإنتاج مشترك لأفلام وثائقية تحتفل بالتحديث الاجتماعي في المملكة المحافظة تحت قيادة "بن سلمان".
وبحسب "بن فريمان"، مدير مبادرة الشفافية في مركز السياسة الدولية، تُظهر سجلات قانون تسجيل الوكلاء الأجانب (FARA) المودعة في عام 2017 أن السعوديين أنفقوا ما يقرب من 27 مليون دولار على شركات الضغط والعلاقات العامة، وهو ما يقرب من ثلاثة أضعاف إنفاقهم في عام 2016. ويظهر المزيد من تحليل ملفات الضغط السعودي لعام 2017 أن هذه الشركات اتصلت بأعضاء الكونغرس، وإدارة "ترامب" ووسائل الإعلام ومؤسسات الفكر المختلفة أكثر من 2500 مرة. وقد ساهمت هذه الشركات بحوالي 400 ألف دولار في حملات لأعضاء مجلس الشيوخ الذين اتصلوا بهم نيابة عن عملائهم السعوديين. ووقعت 11 من هذه المساهمات في نفس اليوم بالضبط الذي تم الاتصال فيه من العضو الذي يعمل بالنيابة عن المملكة العربية السعودية.
من السهل على السعوديين إنفاق الأموال على العلاقات العامة وكسب التأييد ولكن كما تعلمت في محادثات متعددة في المملكة على مدى سنوات عديدة، لا يبدو أنهم يدركون أن المستهلكين الأمريكيين لن يشتروا منتجا ملوثا، مهما تم تبييضه إعلاميا. وحتى الأكاديميين السعوديين ومديري الأعمال الذين تلقوا تعليمهم في الولايات المتحدة -ولديهم أصدقاء أمريكيين مقربين لسنوات- يبدون في حيرة أن هذه العلاقات الشخصية لا تنعكس في المشاعر الأمريكية الجماعية تجاه بلدهم ومجتمعهم.
ولعل المثال الأكثر وضوحا هو تصويت الكونجرس عام 2016 على إجراء يسمح للناجين من أحداث 11 سبتمبر/أيلول وأقاربهم بمقاضاة الحكومة السعودية. وقد عارض السعوديون وشركات الضغط التابعة لهم بشدة مشروع القانون، واعترض الرئيس باراك "أوباما" عليه، لكن الكونغرس أبطل حق النقض.
ويقدّر المسؤولون العسكريون والأمنيون السعوديون والسعودية كشريك في مكافحة الإرهاب وتعزيز الاستقرار في منطقة الخليج. وتبقى هذه الشراكة قائمة منذ عام 1945 ونجت من العديد من الضغوط الخطيرة، بما في ذلك حظر النفط وهجمات 11 سبتمبر/أيلول. ولكن لا يمكن لأي قدر من الضغط أن يرفع تلك الشراكة إلى تحالف للأفكار والمثل العليا.