إنسايد أرابيا-
بسبب حملات العلاقات العامة الموسعة للبلاد، يمكن أن يغفر المرء لأحدهم التفكير في أن الإمارات هي جنة حديثة على الأرض، حيث تتمتع الإمارات بثروة هائلة وفرص استثمارية ضخمة تؤدي إلى نمو غير محدود على ما يبدو، مما يثري حكام البلاد ويجذب السياح من جميع أنحاء العالم.
على سبيل المثال، يجلب معرض "دبي إكسبو 2020" وحده مئات المليارات من الدولارات من العقود. وتقول مديرة منظمة "محتجزون في دبي" "رادا ستيرلينج"، : "يتم تشجيع المستثمرين المحتملين، حد الإغراء، من خلال العناوين البراقة".
ومع ذلك، حسب قولها: "بعد أكثر من عقد من الزمان، قرأت قصصا حول نتائج من الصعب تصديقها لهذه الإغراءات أدت بالكثير من رجال الأعمال إلى الانهيار الشخصي والمالي".
وكانت "رادا" قد أسست "محتجزون في دبي" كمنظمة تدعم المغتربين الغربيين في الإمارات ومنطقة الخليج الأوسع، الذين وقعوا ضحية للأنظمة القانونية الفاسدة في المنطقة. ويذهب 80% من أنشطة وموارد المنظمة إلى قضايا النزاعات المالية.
وتقول "رادا": "رسمت الإمارات صورة لنفسها على أنها أرض مليئة بالفرص، حيث يتم تقديمها كصحراء قاحلة يرغب حكامها في إنفاق كل ما يلزم لتحويلها إلى واحة. ومع ذلك، مع زيادة التركيز على تنويع الاقتصاد والمشاريع الاستثمارية الكثيرة، ازدادت حالات الاحتيال وانتهاك الثقة والاختلاس والابتزاز، والقضايا الجنائية الملفقة ضد الأجانب، بسرعة كبيرة في الأعوام الأخيرة".
واتخذت الإمارات العديد من التدابير لضمان أن تبدو جذابة للاستثمار، فقد أقامت مناطق اقتصادية حرة، تم تصميمها لجذب الاستثمار الأجنبي. وكنتيجة لذلك، فإن ممارسة الأعمال التجارية في البلاد تبدو أسهل منها في العديد من الأماكن في العالم. ومع ذلك، كما هو الحال في العديد من جوانب المجتمع في الخليج، تخفي هذه الرؤية الودية وحفاوة الترحيب حقيقة أكثر قتامة.
واليوم، في دولة الإمارات، من الشائع للشركات والأفراد الأجانب أن يتم سرقة أموالهم، وأن يتم سجنهم بتهم زائفة، وأن يتم إفساد حياتهم الشخصية والمهنية بسبب خلاف مع إماراتيين أقوياء.
رضا بو لحديد
ويتم احتجاز "رضا بو لحديد"، وهو مواطن فرنسي، حاليا في إمارة رأس الخيمة وهو ضحية نموذجية لمثل هذه الأساليب العصابية.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2016، كان "رضا" يدير شركة ناجحة لبيع قطع غيار السيارات والآلات، عندما تم استجوابه من قبل موظفي الجمارك في رأس الخيمة، الذين طالبوه بنسبة 20% من أرباحه. وعندما رفض، تم توجيه تهم كاذبة إليه بالاحتيال التجاري وتم اتهامه بسرقة وتهريب منتجات غير معروفة المصدر. وتمت مداهمة مستودعاته ومنزله بواسطة الأجهزة الأمنية.
وخلال المداهمة التي وقعت في 13 نوفمبر/تشرين الثاني 2016، والتي لم يكن "رضا" حاضرا فيها، تعرضت زوجته للاعتداء والاحتجاز لعدة ساعات.
وظل مستودعه ومصنعه مغلقين حتى يومنا هذا، على الرغم من إعادة بعض أصوله إليه بعد عامين تقريبا، في سبتمبر/أيلول 2018، عندما لم يجد القاضي أي مخالفات فيما يتعلق بنشاطه.
ويتوقع "رضا" أن تبيع الدولة العديد من أصوله. ولا يزال يحارب في عدة قضايا في المحكمة، لكنه يعلم أنه من الممكن أن يتم سجنه في أي وقت. ومثل كثيرين في دولة الإمارات، فإن "رضا" غير قادر على مغادرة البلاد، وغير قادر كذلك على العمل.
وعلى الرغم من أن "رضا" أثبت مزاعمه في اتهام موظفي الجمارك بطلب الرشوة، إلا أن المتهمين، وأحدهم ضابط كبير في المنطقة الحرة، تمكنوا من التهرب من هذا الاتهام.
وزعموا أن "رضا" مجرم خطير، وأن طلب الرشوة كان حيلة لإيقاعه. وحال صحة هذا السيناريو، فإنه يستوجب إسقاط التهم الموجهة إلى "رضا"، حيث يعد هذا التحايل غير قانوني في الإمارات. ومع ذلك، تمت إدانته من قبل موظفي الجمارك الذين كان يتهمهم. وطلب محامي "رضا" إجراء تحقيق جديد من قبل أطراف مستقلة.
وفي يناير/كانون الثاني 2018، وافق القاضي على التحقيق المطلوب، لكن ذلك القاضي تم عزله عن القضية، واستبداله بقاض جديد رفض الطلب.
ويحتوي تقرير مسؤولي الجمارك على العديد من التناقضات التي يمكن إثباتها، لكن لم يتم فحصها من قبل المحكمة، التي رفضت السماح للخبراء بفحص النسخة النهائية من التقرير.
وبعد أكثر من عامين من بداية الأزمة جفت إيرادات "رضا". ولا يتم السماح له حتى باستلام البريد، وأصبحت زوجته التي تحصل على راتب متواضع المعيل الوحيد في الأسرة.
وبالإضافة إلى تهمه الجنائية، يعاني "رضا" بسبب عدم قدرته على سداد القروض التي كان قد حصل عليها لتمويل أعماله التجارية، مما فتح الباب أمام تهم جنائية جديدة قد توجه له بموجب القانون الإماراتي.
وطُلب منه في الأصل دفع 1.5 مليون درهم إماراتي، أو نحو 408 آلاف دولار أمريكي، دون أي إمكانية للاستئناف. وتم تخفيض هذا المبلغ إلى 500 ألف درهم، أي 140 ألف دولار، في 21 يناير/كانون الثاني من هذا العام. ومثل العديد من المغتربين في الدولة الخليجية، تعني هذه الحالات المستمرة أن "رضا" سيظل غير قادر على مغادرة الإمارات.
ويواجه "رضا" 3 تهم إضافية، وقد يتعرض للسجن لمدة تصل إلى 5 أعوام.
ويقول "رضا" إنه استسلم لخسارة حياته المهنية، ولا يسعى الآن سوى إلى فرصة لاستعادة حياته الشخصية. ويقول: "لا تريد القنصلية الفرنسية المساعدة. إنهم يقولون إن الإمارات بلد ذو سيادة يمكنه القيام بما يحلو له. وأنا فقط أريد أن أغادر وأبتعد عن هنا".
لكن للأسف، ليس هناك ما يضمن أن يتمكن "رضا" في أي وقت من الهروب من هذا الجحيم. وقال إنه يطلب من الآخرين الانتباه والحذر، قائلا: "يجب على الناس أن يكونوا حذرين للغاية في الاستثمار هنا. لم أعتقد أبدا أنهم يستطيعون توجيه مثل هذه الاتهامات الضخمة دون دليل. إن الأمر هنا خطير للغاية".