الخليج أونلاين-
في ظل الأزمات الداخلية والخارجية المتفاقمة التي تعيشها السعودية منذ سنوات بسبب سياساتها في المنطقة، رُصدت تحركات خفية جديدة تتجه نحو "إسرائيل" للاستنجاد مرة أخرى بقدراتها المتطورة للسيطرة على هذه الأزمات التي تكبر يوماً بعد يوم أمام أبواب القصر الملكي.
الصفقات العسكرية والتكنولوجية المتطورة، باتت طريقاً تسلكه السعودية للتقرب من دولة الاحتلال التي فتحت باب التطبيع معها على مصراعيه، ومحاولة لتشديد الخناق على رقبة منتقديها ومراقبة تحركاتهم بدقة، وسد العجز العسكري الخارجي في الحرب الدامية على جارتها اليمن.
مصادر عربية رفيعة المستوى كشفت عن تفاصيل صفقة عسكرية جديدة وكبيرة جرى التوصل إليها سراً قبل أسابيع عديدة بين السعودية والجانب الإسرائيلي، بطريقة مباشرة ودون أي وسيط ثالث يُسهل عملية الاتفاق بين الطرفين.
وفي تصريحات خاصة لـ"الخليج أونلاين"، أكدت المصادر أن الرياض هذه المرة سعت لأن تحصل أجهزتها الأمنية والمخابراتية على أجهزة تعقب ومراقبة متطورة للغاية، ستستخدم ضد مواطني المملكة لمراقبة تنقلاتهم وتحركاتهم بالداخل والخارج، إضافة إلى تسجيل جميع المكالمات التي يجرونها بهاتفهم وإرسالها بنفس الوقت، وذلك بواسطة أقمار صناعية خاصة.
"إسرائيل" سوق السعودية المفضلة
بعض الدول العربية، وعلى رأسها مصر والإمارات، بحسب المصادر العربية، كانت على علم بهذه الصفقة التي وصفتها بـ"الكبيرة والمكلفة"، مشيرةً إلى أن "إسرائيل باتت الآن سوقاً مفتوحة للرياض تشتري منها كل ما تحتاج إليه في المجالين العسكري والتكنولوجي".
وأضافت: "الصفقة تمت نهاية شهر مايو الماضي، ودون أي وسيط ثالث، وجرى الاتفاق في العاصمة البريطانية لندن على تفاصيلها الصغيرة والكبيرة، حتى تم التسليم لأجهزة للرياض بحسب الخطة التي وضعت عليها بعد دفع ثمن الصفقة كاملاً".
وزادت في حديثها لـ"الخليج أونلاين": "الصفقة قدرت بـ 300 مليون دولار أمريكي، وشملت تسليم الرياض 1000 جهاز تعقب وملاحقة دقيق جداً ومتطورة، يزرع في الهواتف الشخصية لمراقبتها بشكل كامل، ويرصد كذلك تنقلات أصحابها، سواء كان داخل المملكة أو خارجها".
وذكرت أن الجزء ثاني من الصفقة سينفذ مطلع العام 2020، بتوريد كميات مضاعفة من أجهزة التعقب الحديثة والصغيرة جداً للرياض قد تصل إلى 2000 جهاز، على أن يتم التباحث في صفقات أخرى في المرحلة المقبلة.
"الصفقة قد تكون الأولى بين السعودية وإسرائيل بهذا المجال التقني المتطور والدقيق، فالصفقات التي تمت في السابق بين الطرفين وعبر وسيط ثالث، غالباً ما يكون الولايات المتحدة الأمريكية، شملت معدات عسكرية كبيرة ورادارات وأجهزة تجسس حساسة ومضادات للصواريخ كالقبة الحديدية"، وفق المصادر العربية.
وفي ختام تصريحاتها أشارت المصادر لـ"الخليج أونلاين" إلى أن مفتاح العلاقات بين السعودية و"إسرائيل" بات التبادل العسكري والتكنولوجي، الذي تعتمد دولة الاحتلال على توفير كافة التقنيات المتطورة والأجهزة والمعدات العسكرية اللازمة لتسويقها في السوق العربي، لكسب الأموال الطائلة أولاً والتقرب أكثر وأكثر من المنطقة العربية.
الجدير ذكره أن العلاقات العربية مع دولة الاحتلال قد تطورت في الشهور الأخيرة، وعلى وجه الخصوص مع السعودية، التي تُوّجت بزيارات متبادلة واتفاقيات وصفقات عسكرية، كان أبرزها شراء الرياض منظومة "القبة الحديدية" الدفاعية العسكرية من "تل أبيب"، وفق ما كشفه "الخليج أونلاين" في سبتمبر الماضي.
وكشف "الخليج أونلاين"، بتاريخ 28 أكتوبر الماضي، عن إتمام السعودية صفقة شراء أجهزة تجسس عالية الدقة والجودة من "إسرائيل" قيمتها 250 مليون دولار أمريكي، نقلت للرياض وبدأ العمل بها بشكل رسمي بعد أن تم تدريب الطاقم الفني المسؤول عن إدارتها وتشغيلها.
الفخ المنصوب للرياض
"هذه الصفقات العسكرية المتطورة التي باتت تجري علناً بين السعودية وإسرائيل ماهي إلا فخ يُنصب للرياض، لن يكون الرابح فيه أي طرف عربي"، وفق رأي الخبير في الشؤون الأمنية والعسكرية، رفيق أبو هاني.
وفي تصريحات لـ"الخليج أونلاين" يؤكد أبو هاني أن "إسرائيل التي تُسهل للدول العربية، وعلى رأسها السعودية، إتمام هذه الصفقات، إنما هو وفق مخطط تسير عليه دولة الاحتلال للسيطرة على المنطقة العربية بأكملها، لتكون هي القوة الوحيدة المسيطرة، والباقي يعتمد فقط على سلعتها وسوقها".
ولفت الخبير في الشؤون الأمنية والعسكرية إلى أن بيع الاحتلال للسعودية أجهزة تعقب وتنصت دقيقة، وإتمام صفقات عسكرية أخرى كبيرة ومتطورة، "يعد جريمة أمنية خطيرة لها تأثيرها على المنطقة العربية"، معتبراً أن الأخطر بذلك حين أصبحت تلك الصفقات علنية وليست في الخفاء.
وذكر أن السعودية تساهم من خلال هذه الصفقات "المشبوهة" في ترسيخ وجود الاحتلال الإسرائيلي، مؤكداً أن "الرياض وباقي الدول العربية التي تجري خلفها ستدفع ثمناً كبيراً ومفاجئاً لهذا التقرب من دولة الاحتلال"، مطالباً بالتراجع الفوري عن هذه الصفقة لخطورتها على السعوديين وحياتهم الشخصية والأمنية.
وتعيش العلاقات السعودية-الإسرائيلية أفضل أيامها في التاريخ؛ إذ أعرب رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي، الجنرال غادي إيزنكوت، في مقابلة مع صحيفة "إيلاف" السعودية، عن استعداد "إسرائيل" لتبادل المعلومات الاستخباراتية مع الجانب السعودي بهدف التصدّي لنفوذ إيران.
وشهد عام 2018 سلسلة زيارات ولقاءات تطبيعية بين "إسرائيل" والسعودية في مجالات عدة، إذ كشفت وسائل إعلام عبرية عن زيارة اللواء أحمد عسيري، نائب رئيس المخابرات السعودي المقال، دولة الاحتلال عدة مرات في مناسبات مختلفة، وفق ما ذكرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية.