مجتمع » حريات وحقوق الانسان

عام على قيادة المرأة.. لماذا تستمر معاناة السعوديات؟

في 2019/06/26

نيويورك تايمز-

منحت السعودية النساء الحق في قيادة السيارات قبل عام، وهي خطوة تاريخية فتحت نافذة أمام حريات جديدة للنساء اللائي عشن فترة طويلة في ظل قوانين قمعية، وتم تنفيذ هذا الإجراء من قبل زعيم الأمر الواقع في البلاد، ولي العهد الأمير "محمد بن سلمان"، الذي خفف عددا من القيود الأخرى المفروضة على النساء، مما دفع البعض إلى الترحيب به كمصلح نسوي.

ولكن وراء الاحتفالات تكمن قضايا أكبر. فعلى الرغم من مرور عام على رفع الحظر، لا تزال المرأة السعودية خاضعة لقوانين الوصاية الصارمة التي تمنعها من اتخاذ العديد من القرارات الأساسية دون إذن أحد أقربائها الذكور.

ويوجد عدد من الناشطات اللائي ناضلن من أجل حقوقهن في القيادة وراء القضبان. وإليك ما يجب معرفته بعد عام من رفع الحظر المفروض على قيادة النساء.

عشرات الآلاف من السائقات

يقول المسؤولون إنهم أصدروا عشرات الآلاف من رخص القيادة للمرأة السعودية منذ العام الماضي وظهرت عدة مدارس لتعليم قيادة السيارات تلبي احتياجات النساء، وشاركت عشرات النساء في صور احتفالية مع رخصهن.

ابتكر مصنعو السيارات حملات إعلانية تستهدف السعوديات، حيث قال خبراء إن رفع الحظر يمكن أن يغير صناعة السيارات في البلاد. وشاركت "روان رضوان"، مراسلة صحيفة "عرب نيوز"، وهي قناة إخبارية ناطقة باللغة الإنجليزية ومقرها الرياض، مقطع فيديو من خلف عجلة القيادة في الذكرى السنوية.

ووفقًا لتقرير نشر في الجريدة السعودية في مارس/ آذار 2019، قال أحد كبار مسؤولي النقل السعوديين اللواء "محمد البسامي"، إن ما لا يقل عن 70 ألف امرأة أصدرن رخص قيادة.

وتم رفع الحظر وسط حملة علاقات عامة واسعة، ولكن لم تستجب الحكومة السعودية لطلبات الحصول على أرقام محدّثة حول عدد النساء اللائي يقدن السيارة وعدد مدارس القيادة الخاصة بهن.

الناشطات المحتجزات

قبل أسابيع فقط من رفع حظر القيادة، تم اعتقال ما لا يقل عن 11 من الناشطات في مجال حقوق المرأة في حملة صارمة. وفي الأسابيع اللاحقة، تم احتجاز المزيد واتُهم كثيرون فيما بعد بارتكاب "جرائم" تتعلق بنشاطهن العام.

ومنذ ذلك الحين تم إطلاق سراح بعضهن بكفالة، بينما ظل البعض في السجن لأكثر من عام، وتعرضن للتعذيب، وفقًا لجماعات حقوق الإنسان. وما زال الكثيرون ينتظرون المحاكمات التي يكتنفها السرية.

تقول جماعات حقوق الإنسان إنه على الرغم من أهمية الاحتفال بالإنجاز الهام لقيادة النساء، إلا أنه لا ينبغي نسيان هؤلاء الناشطات.

وتم احتجاز "لجين الهذلول"، وهي شخصية بارزة في حملة السماح للنساء بقيادة السيارات، في مايو/ أيار 2018 وما زالت وراء القضبان. قالت شقيقتها "لينا الهذلول"، التي تعيش في بلجيكا، إن محاكمتها بدأت أخيرًا في الرياض في مارس/ آذار الماضي، على الرغم من تأجيل جلسة استماع لاحقة فجأة.

ومن بين التهم الموجهة لـ"الهذلول" السعي إلى تقويض أمن المملكة، بسبب اتصالاتها مع الصحفيين الأجانب، وتقدمها بطلب للحصول على وظيفة في الأمم المتحدة.

وقالت "لينا الهذلول": "أود أن يتذكر الناس أن هذه الإصلاحات ما كانت لتحدث لو لم تعرض لجين والأخريات من أمثالها حياتهن للخطر".

وأضافت: "القيادة أمر جيد حقاً للنساء السعوديات. لكن من ناحية أخرى، إذا تم توقيف الإصلاحيين ووضعهم في السجن وتعريضهم للتعذيب، فإننا نتساءل عن طبيعة هذه الإصلاحات".

ولا تزال المرأة السعودية تواجه قوانين الوصاية الصارمة.

وكان بعض الناشطين الذين احتُجزوا العام الماضي يقومون بحملات من أجل إنهاء قوانين الوصاية في المملكة العربية السعودية، التي أبقت النساء لفترة طويلة خارج الحياة العامة.

تستند قوانين الوصاية إلى التفسير السعودي المتشدد للإسلام. وابتداءً من عام 2017، خففت سلسلة من المراسيم الملكية بعض القيود مثل القيود المفروضة على امتلاك الشركات واستئجارها، وسمحت بمزيد من الاختلاط بين الجنسين في الأماكن العامة مثل دور السينما والساحات الرياضية ولكن لا تزال هناك قيود كثيرة.

بموجب النظام، يكون والد الفتاة هو الوصي القانوني عليها؛ وبمجرد زواج المرأة، يصبح زوجها وصيها. وإذا توفي زوجها، تنتقل الوصاية إلى ابنها أو إلى أحد أفراد الأسرة من الذكور. ويمكن إلقاء القبض على أي امرأة تتعارض مع رغبات ولي أمرها بتهمة العصيان.

ولا تحتاج السعوديات إلى موافقة ولي الأمر للحصول على رخصة قيادة، لكنهن بحاجة إلى إذن للزواج والتسجيل في المدرسة والجامعة والتقدم للحصول على جواز سفر.

انتهاكات كبرى

ورغم تعهد ولي العهد السعودي بإعادة المملكة العربية السعودية إلى إسلام أكثر اعتدالًا ومواصلة دفع الإصلاحات، يقول مراقبون دوليون إن انتهاكات حقوق الإنسان في البلاد لم تتراجع، مع الاعتقالات التعسفية والعقوبات غير المتناسبة التي يتم تطبيقها بشكل متكرر.

ويرتبط مقتل "جمال خاشقجي" على يد عملاء سعوديين داخل القنصلية السعودية في إسطنبول عام 2018 مباشرة بولي العهد السعودي، وخلص تقرير حديث للأمم المتحدة إلى أن تدمير الأدلة بعد وفاة "خاشقجي" لم يكن ليحدث لولا ولي العهد.

وشجبت جماعات حقوق الإنسان حرب التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن، والتي تركت البلاد في أزمة إنسانية.

ويسعى الادعاء السعودي إلى عقوبة الإعدام في محاكمة المفكر الإصلاحي الديني السعودي، "حسن فرحان المالكي"، مما أثار المزيد من الإدانة.

وقال نائب مدير الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش "مايكل بيج"، إنه من أجل الإصلاح الحقيقي، تحتاج الأسرة الحاكمة في المملكة العربية السعودية إلى السماح بحرية التعبير.

وقال: "لقد تعهد محمد بن سلمان بثبات بدعم نسخة أكثر اعتدالاً من الإسلام، بينما تسعى النيابة لديه إلى عقوبة الإعدام ضد الإصلاحيين الدينيين بسبب تعبيرهم عن أفكارهم السلمية".