متابعات-
بعد أربعة أيام من اختطافه وتعرضه للتعذيب الشديد، وضعت أجهزة المخابرات الإماراتية الموجودة في اليمن حداً قاسياً لأحد الفلسطينيين العاملين بالمجال الإنساني، بقتله بدم بارد ورمي جثته في شوارع مدينة مأرب في اليمن.
الشاب الفلسطيني "سليم معروف"، البالغ من العمر 36 عاماً، كان شاهداً على الجرائم التي ترتكبها القوات الإماراتية في اليمن، بعد اختطافه من قبل قوات يمنيه مسلحة موالية للإمارات من داخل المطار، ووضعه في سجونها لمدة 4 أيام تحت التعذيب والتحقيق الشديدين.
وبحسب عائلة الشاب "معروف"، والتي تسكن في مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة، فإن القوات الإماراتية العاملة في اليمن كانت المسؤولة الأولى عن اختطاف وتعذيب وقتل ابنها "سليم" وبدم بارد، ودون أي رأفة لجنسيته أو حتى النظر للعمل الإنساني الذي كان يقوم به طوال 15 عاماً.
تفاصيل الجريمة
وعن تفاصيل عملية قتل "سليم" يقول "أبو ياسر معروف"، وهو أحد أقارب المغدور من سكان قطاع غزة، إن ابنهم موجود في اليمن منذ 15 عاماً، و"يقوم بوظيفة إنسانية خالصة هناك تتعلق بتقديم المساعدات الإنسانية والاجتماعية، ويكمل دارسة الماجستير".
وأوضح قريبه لـ"الخليج أونلاين" أن "سليم" الذي غادر قطاع غزة منذ العام 2004، يعمل منذ سنوات طويلة في مؤسسة القدس الخيرية في اليمن، وكانت توكل إليه مهام إنسانية بحتة، لا علاقة لها بأي عمل سياسي أو مسلح أو حتى معادٍ لدولة اليمن، توجب اختطافه بهذا الشكل وتعذيبه وقتله.
ولفت إلى أن "سليم" تم اختطافه بالقوة وتحت تهديد السلاح من قبل قوات مسلحة موالية للقوات الإماراتية العاملة في اليمن من داخل مطار "سيؤون" الدولي في اليمن، واقتياده في جيب عسكري يعج بالمسلحين من أحد أبواب المطار نحو منطقة مجهولة.
وأشار "أبو ياسر" إلى أن العائلة في غزة وبعد انقطاع الاتصال مع ابنها طوال الساعات الـ24 الأولى من عملية الخطف، حاولت التواصل مع بعض الجهات في اليمن لمعرفة مصير ابنها وما حل به، لكن كل اتصالاتها كانت تصل إلى طريق مسدود.
وذكر أنه بعد ما يقارب ثلاثة أيام من عملية الاختطاف والمصير المجهول لابنها، تواصلت بعض الجهات في اليمن مع عائلة "معروف"، وأبلغتهم رسمياً بأنه جرى اختطافه واعتقاله من قبل قوات مسلحة تابعة لجهاز المخابرات الإماراتية العاملة في مدينة مأرب، وانه موجود في أحد سجونها "سيئة السمعة".
وتابع حديثه: "حاولنا إيجاد وسطاء للتدخل ومعرفة حيثيات هذه العملية ومحاولة إطلاق سراحه، إلا أن الجميع كان يرفض التحرك بهذا الملف، حتى جاءنا صباح الجمعة 12 يوليو خبر قتله من قبل خاطفيه".
الجدير ذكره أن الفلسطيني "سليم" هو إمام مسجد جامعة "الإيمان" في اليمن، ويسكن في مدينة صنعاء منذ 10 سنوات برفقة عائلته، وهو متزوج من ابنة عمه وله 5 أطفال وحاصل على البكالورويس في الشريعة والقانون، ويعمل في مؤسسة القدس منذ 15 عاماً وقد سافر لليمن للدارسة واستقر فيها، وهو منتمٍ إلى حركة "حماس".
جريمة تضاف إلى سجل الإمارات
"أبو ياسر معروف" حمّل الإمارات المسؤولية الكاملة عن اختطاف وتعذيب وقتل "سليم"، مؤكداً أن القوات الإماراتية في اليمن هي المسئولة عن هذه الجريمة البشعة التي ترتكب بحق فلسطيني كان عمله إنسانياً واجتماعياً بحتاً، ولم يشكل أي خطر على أحد.
وعن تفاصيل نقل الجثمان ومكان الدفن، أكد أنه على الأغلب سيدفن في اليمن بمدينة مأرب وستقام صلاة الجنازة عليه هناك، في حال تعذر نقل الجثمان لغزة ولم ينته التحقيق ونتائج الطب الشرعي في موعد قريب.
كذلك أكد "محمد معروف"، شقيق المغدور، لمراسل "الخليج أونلاين" أن عائلته تحاول إعادة الجثة إلى غزة برفقة زوجته وأولاده.
وبسؤال "الخليج أونلاين" عن خطوات العائلة على المستوى الخارجي ضد الإمارات رداً على هذه الجريمة، أجاب: "دم سليم لن يذهب هدراً، وسنحاسب كل من تسبب بقلته، والإمارات أمامنا هي المسؤولة عن الجريمة البشعة".
ولا توجد إحصائية فلسطينية أو يمنية رسمية تؤكد وجود فلسطينيين داخل السجون الإماراتية في اليمن منذ اندلاع الحرب هناك، لكن "أبو ياسر" أكد أن "سليم" لم ولن يكون الوحيد في السجون، فهناك العشرات من الفلسطينيين في اليمن لا يزال مصيرهم مجهولاً بعد اختطافهم.
وضمن تبعات هذه الجريمة التي هزت عائلة "معروف" وسكان قطاع غزة، طالبت حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، الجهات الأمنية اليمنية بفتح تحقيق في حادث قتل المواطن "سليم"، وتقديم الجناة للعدالة في أسرع وقت.
وقالت الحركة في بيان لها وصل"الخليج أونلاين" نسخة عنه، إن ابنها البار الشهيد سليم معروف قتل غدراً صباح يوم أمس الجمعة في محافظة مأرب بدولة اليمن الشقيق.
وأعلنت "حماس" عن إقامة بيت عزاء للشهيد معروف في مسقط رأسه بمدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة لمدة ثلاثة أيام.
ورغم أزمة الحرب في اليمن وتبعاتها الخطيرة التي أسفرت عن قتل 91 ألف يمني، بحسب منظمات دولية، فإن هناك آلافاً من الفلسطينيين بين طلبة وعائلات وموظفين لا يزالون يقيمون في مناطق متفرقة داخل الأراضي اليمنية.
وتعتبر الإمارات أهم شريك وحليف عسكري للسعودية في حربها التي تخوضها في اليمن، منذ مارس 2015، حيث خلفت تلك الحرب الآلاف من القتلى، بالإضافة إلى أسوأ أزمة إنسانية في العالم، بحسب تقرير للأمم المتحدة، ما ولد استياءً دولياً واسع النطاق ضد الرياض وأبوظبي.
و خسرت الإمارات كثيراً خلال السنوات الخمس التي شاركت فيها في حرب اليمن ضد الحوثيين، سواء من جنودها أو من سمعتها الخارجية التي أصبحت سيئة جداً، وكذا الخسائر المادية.