مجتمع » حريات وحقوق الانسان

ما هي أسباب إعدام معارضين بحرينيين؟

في 2019/07/30

DW- عربية-

رغم المناشدات الدولية نفذت البحرين حكمين بالإعدام بحق شابين بتهمة "الانضمام لجماعة إرهابية"، ما أدى لاندلاع مظاهرات تندد بسياسة القبضة الحديدية للمنامة. لكن هل يمكن فصل إعدام معارضين شيعة عن التوتر الحالي مع إيران؟

نفذت حكومة البحرين حكمين بالإعدام رمياً بالرصاص بحق كل من علي العرب (25 عاماً) وأحمد الملالي (24 عاماً) رمياً بالرصاص، أدينا بـ"الانضمام إلى جماعة إرهابية، وارتكاب جرائم القتل، وحيازة المتفجرات والأسلحة النارية تنفيذاً لغرض إرهابي". وقال المحامي العام البحريني إن الشابين أوقفا في شباط/فبراير 2017 وصدرت أحكام بحقهما إلى جانب 58 شخصا آخرين في 31 كانون الثاني/يناير 2018، وأنهما استنفدا منذ ذلك الحين كل سبل الطعن على الحكم.

وتتهم السلطات البحرينية المجموعة التي يزعم انتماء الشابين إليها بـ"الاعتداء على أحد أفراد الشرطة" في 14 كانون الثاني/يناير 2017 وبـ "جريمة قتل أحد ضباط الشرطة بمنطقة البلاد القديم" في 28 كانون الثاني/يناير 2017.

توتر في الشارع البحريني

وعقب تنفيذ الحكم اندلعت اشتباكات عنيفة بين متظاهرين والشرطة التي استخدمت الغاز المسيل للدموع، فيما لفظ شاب أنفاسه الأخيرة بمشفى محلي بسبب الاستخدام المكثف للغاز المسيل للدموع وتأخر الرعاية الطبية، بحسب ما أكد نشطاء بحرينيون، في الوقت الذي قالت فيه وزارة الداخلية إن الشاب مات لأسباب طبيعية

وانتقدت والدة أحد الشابين تنفيذ حكم الإعدام في ابنها، وأكد أقارب الشاب أنه بريء من التهم التي أُعدم بسببها:

ويرى الدكتور خطار أبو دياب أستاذ العلاقات الدولية في جامعة باريس أن "البحرين ربما تكون أقدمت على تنفيذ أحكام الإعدام بحق المعارضين الشيعة لإحساسها بخطر محدق على أمنها القومي، علماً بأنها أيضاً كانت قد أصدرت عفواً عن معارضين آخرين قبل ذلك"، مؤكداً على ضرورة التحقيق في مزاعم انتزاع الاعترافات تحت التعذيب، بحسب ما أفاد خلال مقابلة مع DW  عربية.

انتقادات دولية

تحدثت عدة تقارير لمنظمات حقوقية دولية عن انتزاع اعترافات من الشابين تحت التعذيب كما أنهما تعرضا للتعذيب مجدداً بعد صدور الحكم بإعدامهما

وقال وزير الدولة البريطاني لحقوق الإنسان طارق أحمد: "نعبر عن قلقنا العميق وأسفنا لتنفيذ هذه الإعدامات...سنبقى على تواصل مع البحرين في هذه القضية بشكل ثنائي وفي مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة".

وفي لندن، ألقي القبض على محتج لتعديه على مبنى دبلوماسي في ساعة متأخرة يوم الجمعة بعدما قفز على سطح السفارة البحرينية. وأظهر تسجيل مصور الرجل رافعاً لافتة تطالب رئيس الوزراء البريطاني الجديد بوريس جونسون بالتدخل لوقف الإعدامات. كما أظهر مسؤولو الطوارئ وهم يكسرون باب السفارة للوصول إليه

وأكدت مجموعة "معهد البحرين للحقوق والديموقراطية" المعارضة أن "موظفين من السفارة سحبوا المتظاهر من على حافة السطح...وقام اثنان من موظفي السفارة بضربه ما عرضه لإصابات ونزف". وأعلنت الشرطة أن الرجل سمع وهو يردد "أوقفوا القتل في البحرين" خلال توقيفه.

لمى فقيه، نائبة مدير قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمنظمة هيومن رايتس ووتش قالت في مقابلة لها معDW  عربية إن المنظمة وثقت غياب الإجراءات القانونية في المحاكمات، كما نشرت إفادات توضح أن الأفراد تعرضوا للتعذيب في الحجز وأن اعترافاتهم انتُزعت بالإكراه وعلى الرغم من ذلك مضت الحكومة البحرينية قدما في عمليات الإعدام.

وبحسب هيومن رايتس ووتش، لم تكن هذه هي المرة الأولى في البحرين التي يتم فيها إساءة معاملة أشخاص وتعذيبهم مع غياب للمحاكمات العادلة، "فقد قمنا بتوثيق حالات أخرى تم فيها اتهام الأفراد بموجب قوانين الإرهاب بعد إجراءات تفتقر إلى أي حماية قانونية للمتهمين" بحسب ما قالت لمى فقيه.

وتنفي البحرين باستمرار اتهامات بانتهاك حقوق الإنسان وباتخاذ إجراءات تمييزية بحق مواطنيها وقمع المعارضة وتقول إنها تحمي الأمن الوطني من الإرهابيين.

وشهدت البحرين اضطرابات منذ 2011 نتيجة تظاهرات قادتها الغالبية الشيعية للمطالبة بإصلاحات سياسية. غير أنّ قمع التحركات اتخذ طابعاً حاداً، إذ مُنع أطراف المعارضة من العمل وأوقف مئات المتظاهرين. كما أُسقِطت الجنسية عن نحو ألف شخص، بحسب منظمات مدافعة عن حقوق الإنسان، فيما سُجن عشرات بينهم سياسيون ونشطاء في حقوق الإنسان، وفر كثيرون غيرهم إلى الخارج.

تصعيد مع المعارضة استناداً لدعم دولي؟

ويقول معارضون بحرينيون إن الإعدامات جاءت "كمحاولة لترهيب وردع المعارضة والانتقام منها"، والإيحاء بقوة النظام وأنّ ما تقوم به حكومة البحرين "يدل على ضعفها الواضح وعدم قدرتها على حل أزمتها الداخلية" لذا تلجأ للعنف وإجراءات الدولة البوليسية

ويرى كينيث روث المدير التنفيذي لمنظمة هيومن رايتس ووتش أن قرار الرئيس الأمريكي ترامب بتفعيل أحكام الإعدام على المستوى الفيدرالي قد يكون أحد الأسباب التي شجعت البحرين على اتخاذ هذا القرار، مضيفاً "هكذا يستخدم منتهكو الحقوق بعضهم بعضا للتغطية":

وفي هذا السياق، يقول سباستيان زونس الزميل المشارك في برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بالمجلس الألماني للعلاقات الخارجية إن الحكومة البحرينية تعتبر بعض المعارضين الشيعة "إرهابيين يسعون لزعزعة استقرار العلاقة الهشة بين الأقلية السنية الحاكمة والأغلبية الشيعية من السكان".

وتتزامن أحكام الإعدام في البحرين مع إعلان وزارة الدفاع البريطانية وصول سفينة حربية بريطانية ثانية إلى الخليج، لتعزيز عمليات حماية ناقلات النفط والسفن الأخرى، في ظل وجود تهديدات من جانب إيران.

رسائل خفية لإيران؟

وتتهم البحرين إيران بإذكاء التشدد في المملكة ودعم المعارضين بهدف إسقاط حكومتها، وهو ما تنفيه طهران باستمرار. ويرى البعض أن تنفيذ أحكام الإعدام في هذا التوقيت لا ينفصل عن المشهد الحالي الذي يشوبه التوتر بين دول الخليج وإيران، حيث ترى حكومات تلك الدول أن ولاء الشيعة الأول يكون لإيران وليس لدولهم.

ويضيف سباستيان زونس الباحث بالمجلس الألماني للعلاقات الخارجية أنه "بعد اضطرابات عام 2011 التي قادها شيعة بحرينيون بشكل رئيسي، اعتقلت الحكومة الكثير من زعماء الشيعة المعارضين. ومع تصاعد حدة التوتر مع إيران، ترغب البحرين أيضًا في إرسال إشارة إلى أقرب حلفائها، السعودية والإمارات بأن العديد من الشيعة يُنظر إليهم على أنهم عملاء لإيران".

ويرى الخبير الألماني أن الحكومة البحرينية مهتمة أكثر بإرضاء مصالح شركائها المقربين كالسعودية والإمارات، "فالبحرين تعتمد بشدة على الدعم السعودي والإماراتي في المجالات الاقتصادية والعسكرية. لذلك، يمكن اعتبار عمليات الإعدام جزءًا من النهج الأوسع المناهض لإيران الذي يتبعه كلا البلدين"، مضيفاً أنه "في أوقات التوتر المتصاعد بين السعودية والإمارات من جهة وإيران من جهة أخرى يصبح إلقاء اللوم على الآخرين مثل الشيعة جزءًا مهمًا من الدعاية الرسمية  لدول الخليج العربية".

لكن الدكتور خطار أبو دياب، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة باريس، لا يرى في الأمر أي رسائل مباشرة أو غير مباشرة لإيران سواء من البحرين أو حلفائها الإقليميين، "وربما تكون الرسالة عامة وردعا استباقيا للمجموعات التي قد تستهدف تنفيذ عمليات في الداخل البحريني، خاصة وأن المنطقة كلها تمر بمرحلة حرجة على مستوى الأمن الإقليمي".