موقع منظمة “فلوريدا بول دوغ”-
نشر موقع منظمة “فلوريدا بول دوغ” تقريرا عن لقاء أخفته لجنة التحقيق في الظروف التي قادت إلى هجمات 9/11 مع السفير السعودي السابق لواشنطن الأمير بندر بن سلطان ومدير المخابرات السعودية السابق الأمير تركي الفيصل ولكن اللقاءين ظلا طي الكتمان.
وفي تقرير أعده كل من أنتوني سومرز وروبي سوان مؤلفا كتاب “اليوم الحادي عشر” نقلا فيه ما ورد من تصريحات الأمير بندر “في السعودية قررنا أن نغض الطرف عن الأصوليين.. وسمحنا لهم بالإنتعاش ولم نكن نعتقد أن طريقة حياتهم ستؤدي لإيذاء أحد”.
ويعلق الكاتبان “هذا تصريح خرج من شفتي السفير السعودي في واشنطن الأمير بندر بن سلطان، وضمن لقاء مطول أجرته معه لجنة التحقيق في 9/11. وولد أسامة بن لادن في السعودية وجاء منها 15 من المنفذين ولكن اللقاء ظل مخفيا”. وعلى ما يبدو لم يقم فريق اللجنة بمساءلة الأمير بندر مرة أخرى حول ما تعنيه تصريحاته عن الأصوليين وأنهم لن يقوموا بإيذاء أحد.
وظلت المقابلة سرية بناء على مصلحة الأمن القومي ولم يفرج عنها الأرشيف الوطني للمؤلفين إلا الشهر الماضي. مع أنهما يحاولان الحصول على المقابلات منذ أكثر من عقد، وتمت المقابلة في بيت بندر في ماكلين بفرجينيا وأجراها مدير اللجنة فيليب زيليكو بحضور ثلاثة من العاملين معه. وجاءت المقابلة مع السفير الذي خدم في واشنطن في الفترة ما بين 1983- 2005 في وقت كانت اللجنة تحضر فيها لزيارة السعودية وإجراء مقابلات مع شهود عيان ومسؤولين في الحكومة. وردت تيري سترادا التي قتل زوجها في الهجمات على مركز التجارة العالمي وتترأس اليوم لجنة العائلات والناجين لقانون العدالة ضد الإرهاب بغضب عندما علمت عن المقابلة المخفية وعلقت “قوله إنهم اختاروا أن يغضوا الطرف عن المتطرفين وسطهم هو اعتراف بانهم كانوا يعرفون بما يفعلون ولم يقوموا بمنعه، وحتى هذا كرم منهم، فقد بنت الحكومة ومولت وعينت موظفين في المساجد حول العالم، وكانت مليئة بالموظفين المتطرفين الذين صادقت عليهم لنفث الكراهية والدمار ضد أمريكا”، مضيفة “بالطبع كانوا يعرفون عن المشكلة” و “كانوا في مركزها” و “خلقوا فرنكشتاين ووجهوه علينا”. ومجموعة سترادا هي واحدة من عدة قدمت دعاوى ضد السعودية.
ولم يتجاوز تلخيص مقابلة بندر عن صفحتين ونصف، ومعظمها احتوى على محاولات الأمير بندر حرف مسؤولية ما حدث لمشاكل العلاقات بين البلدين، ملقيا اللوم على الولايات المتحدة وأنها خلقت ساحة لتفريخ المتطرفين في أفغانستان وفِشلها في تقديم المساعدة لهذا البلد كي يتعافي من الحرب التي بدأت في الثمانينات من القرن الماضي. وأن أمريكا لم تشرك السعودية في المعلومات الأمنية ولعدم التنسيق الجيد بين وكالات الإستخبارات الأمريكية وأجهزة حفظ النظام مثل سي أي إيه ووكالة الأمن القومي ومكتب التحقيقات الفدرالية.
وأشار الأمير بندر إلى العداء للسعودية في الكونغرس، وتقييد سفر السعوديين إلى الولايات المتحدة بعد هجمات 9/11. وعبّر الأمير بندر عن غضبه من معاملة لجنة التحقيق المشتركة في الهجمات الإرهابية في 11 أيلول (سبتمبر) في الكونغرس للسعودية.
وانتقدت اللجنة في تقريرها الذي نشرته في كانون الأول (ديسمبر) 2002 السعودية لعدم تعاونها في مجال الإرهاب. وقال الأمير بندر إن السعوديين “يكافحون للتخلص من ظل 9/11 الذي يخيم على علاقاتهم مع الولايات المتحدة”. ويرى الكاتبان إن الأمير بندر كانت لديه كل الأسباب لأن يشعر بالحساسية من عمل التحقيق، فالنسخة السرية من التقرير والتسريبات الصحافية أشارت إلى تورطه وزوجته في تقديم مساعدة لسعودي اسمه أسامة بسنان كان على علاقة مع الخاطفين. وكان هذا على علاقة قريبة مع سعودي آخر وهو عمر بيومي الذي صادق كلا من خالد المحضار ونواف الحازمي اللذان شاركا في هجمات 9/111. وقدم بيومي لهما المساعدة المهمة في أكثر من جانب مثل الإنتقال إلى سان دييغو وسمح لهم بالبقاء في بيته ووقع معهما على عقد استئجار شقة بل وأقام لهما حفلة استقبال.
وكان بيومي على علاقة قوية مع مؤسسات حكومية في الولايات المتحدة بما فيها ثلاثة تعمل من داخل السفارة السعودية في واشنطن. وتلقى راتبا كموظف في سلطة الملاحة المدنية السعودية ولكنه لم يكن يعمل معها. وزاد دخله بشكل كبير عندما وصل خاطفو المستقبل إلى كاليفورنيا ولكنه انخفض بعد مغادرتهما. وأثار بسنان انتباه المحققين عندما تباهى أمام مصدر لأف بي آي أنه قدم للمهاجمين أكثر مما قدمه البيومي لهم.
وفي البحث في مكان إقامة بسنان عثر المحققون على 30 شيكا ملغي تصل قيمتها إلى 570.000 دولار وكتبت لزوجته من حساب زوجة الأمير بندر الأميرة هيفاء الفيصل. وهناك شيكات جاءت من حساب الأمير بندر نفسه، فيما وصلت الشيكات التي جاءت من حساب الأمير هيفاء إلى زوجة بسنان إلى حساب زوجة بيومي.
ومع أن لجنة 9/11 كانت تعرف كل هذا عندما قابلت الأمير بندر إلا أنها لم تسأله عنها. وأشار الكاتبان إلى قرار النائب العام ويليام بار لإمكانية الكشف عن هوية الشخص الذي يقول أف بي آي أنه الذي وكل بيومي والدبلوماسي السعودي فهد الثميري لمساعدة كل من الحازمي والمحضار. ويعتقد أن اسم ذلك الشخص هو مسؤول سعودي وورد في ملخص تقرير أصدره أف بي آي عام 2012. وكان بندر على علاقة قوية مع عائلة بوش، لدرجة أنه صار يعرف باسم “بندر بوش” وورد اسمه ومن يعملون معه في أعمال المحققين في هجمات 9/11 إلا أن اللجنة لم تثر أسئلة عندما قابلته عام 2003. وبعد يومين من الهجمات ظهر بندر وهو يجلس بشكل مريح مع جورج دبليو بوش ومستشارته للأمن القومي. وفي نفس اليوم، 13 أيلول (سبتمبر) اتصل أحد مساعديه بأف بي آي طالبا المساعدة لإخراج عائلة بن لادن وسعوديين من أمريكا. وكان خروج السعوديين بعد فتح الأجواء الأمريكية محل تحقيق. وقال زيليكو في مراسلات مع الكاتبين إنه يعرف بالتحقيقات التي قام بها أعضاء اللجنة لكنه لم يكن طرفا فيها. ويشير الكاتبان إلى أبو زبيدة الذي كشف عن دفتر هواتف معه عند القبض عليه يحتوي على رقم شركة في كولورادو كانت تدير أمور السفير بندر بالإضافة لرقم هاتف أحد حرسه.
وتقول سترادا إن الكثير من الأمور لم تتم معالجتها. أما زيليكو فيقول “لم يؤكد تحقيقنا الكثير من المزاعم” و “هذه لم تكن بالضرورة قضايا حقيقية لسؤال المسؤولين السعوديين عنها”. لكن السجلات تظهر أن فريق زيليكو ناقش موضوع بسنان مع نائب وزير الخارجية السعودي نزار مدني الذي عبر عن صدمته من المزاعم التي تقول إن الأميرة هيفا ساعدت الإرهاب واعتبرها منافية للعقل.
وأكد زيليكو لمدني أن اللجنة تحاول فهم ما كان يقوم به بسنان مع المنفذين في كاليفورنيا. وفي تقريرها قالت لجنة 9/11 إنها لم تجد أدلة عن مساعدة زوجة السفير للمتآمرين في الهجمات، مباشرة أو بطريقة غير مباشرة. والمصدر الرئيسي لهذه النتيجة هي مقابلة لم تنشر مع عمل أف بي آي أدم دراكر والتي لم تذكر لا السفير أو زوجته. وأكد زيليكو في نهاية مقابلته مع الأمير بندر على ضرورة “الكشف الكامل عن الحقائق” وألمح إلى إمكانية مقابلة السفير مرة ثانية للحديث في موضوعات محددة. إلا أن زيليكو في مراسلاته مع الكاتبين لم يتذكر شيئا عن مقابلة أخرى أو اتصالات مع السفير بعد تلك المقابلة. وكشف الكاتبان عن مقابلة أخرى مع بندر حدثت في 5 أيار (مايو) 2004، ووردت في الهوامش للتقرير وهي تتعلق بالرحلات الجوية خارج الولايات المتحدة بعد فتح الأجواء الأمريكية. ولم تحتو مقابلة بندر على اعترافات جديدة، “في مرة أخطأت فيها الحكومة الأمريكية، أخطأت الحكومة السعودية سواء في مجال حفظ القانون أو الإستخبارات”. وفي مرحلة ما بعد 9/11 والتحقيقات التي جرت فيها تلقى أف بي آي تقارير تزعم أن بسنان وبيومي كانا عميلين سعوديين. ولم يتم إثبات المزاعم. ولكن السناتور بوب غراهام، الذي قاد التحقيق المشترك ظل يكرر اعتقاده أن الرجلين عميلي مخابرات وإن بمستوى منخفض. واقترح الأمير بندر أن المخابرات السعودية كانت تعرف مقدما عن الخاطفين. وقال في عام 2007 إن “المخابرات السعودية” كانت “تلاحق بشكل نشط الإرهابيين بدقة. ولو تعاونت المخابرات الأمريكية مع نظيرتها السعودية بجدية ومصداقية، لكنا حسب رأيي تجنبنا ما حدث”. وربما كان مدير المخابرات السعودية من 1977 – 2001 قادرا على حل لغز بيومي وبسنان. وقال الأمير تركي الفيصل عام 2002 في عام 1996 “بناء على توجيهات القيادة السعودية البارزةـ أشركت سي آي إيه بكل المعلومات التي جمعناها عن بن لادن والقاعدة”.
وبعد عام من تعليقاته عين سفيرا في الولايات المتحدة وتحدث تحديدا عن اثنين من منفذي هجمات 9/11 وهما المحضار والحازمي. ففي عام 1999 وبداية عام 2000 عندما توجها إلى لقاء سري في ماليزيا أخبرت المخابرات السعودية سي آي إيه إنها إرهابيان. وقال “لقد أخبرناهم” أن هذين الشخصين كانا على قائمة مراقبة لنشاطات سابقة للقاعدة. ولا تظهر أية إشارة لمقابلة الفيصل في أرشيف سجلات لجنة 9/11. وحاول الباحثان وهما يبحثان في كتابهما “اليوم الحادي عشر” الحصول على تأكيد من الأرشيف الوطني وجاء الرد “لا أستطيع تأكيد أو نفي وجود مذكرة الأمير تركي” و “لا أستطيع إخباركم أو أنني سأكشف أكثر مما سمح لي. ولو كانت لدينا مذكرة الأمير تركي لتم حجبها بالكامل”. وعندما أعادا المحاولة وأخبرا أن وزارة الخارجية ترى في المذكرة مثالا عن عدم الكشف خوفا من التداعيات الشديدة على الأمن القومي والعلاقات مع السعودية.