متابعات-
في تطوّر بارز على صعيد مظلومية معتقلي الرأي في السعودية ولا سيّما أولئك الذين سُجنوا وهم لا زالوا قصرّا، أمرت النيابة العامة في المملكة بمراجعة عقوبة الإعدام الصادرة بحق ثلاثة قاصرين، بينهم ابن شقيق الشيخ الشهيد نمر باقر النمر الذي أُعدم عام 2016، في خطوة تُفسّر بالمرتبة الأولى على أنها انتصارٌ لكلّ الجهود الحقوقية والإنسانية التي بُذلت داخل وخارج المملكة ومن قبل منظمات وجهات تُعنى بالدفاع عن حرية التعبير، بمعزل عن دوافع السلطات اذا كانت استعراضا أمام الغرب.
بيان صادر عن النيابة أمس أوضح أن علي النمر وداود المرهون وعبد الله الزاهر حكم عليهم بالإعدام عام 2016، بتهمة ارتكاب جرائم ترتبط بـ"الإرهاب"، لكن الثلاثة كانت أعمارهم تقل عن الثامنة عشرة آنذاك.
وجاء في أمر ملكي أصدره الملك سلمان في نيسان/أبريل أن المملكة لن تُصدر بعد الآن أحكاما بالإعدام على قاصرين وأن تلك العقوبة لن تطبق على من أدينوا وهم قُصر.
وقال عواد العواد رئيس هيئة حقوق الإنسان المدعومة من الدولة إن هذه القرارات بمثابة تقدم مهم في إصلاح مهم بالنظام القانوني وفي تعزيز حقوق الإنسان بالمملكة.
اللافت في بيان النيابة العامة أنه لم يُنشر على حسابها الرسمي على موقع تويتر أو حتى على موقعها الرسمي، بل ورد فقط في وكالة "رويترز"، وعلى حساب هيئة حقوق الإنسان في السعودية الناطق باللغة الانكيزية وليس العربية.
بيان للخارج
المحامي السعودي البارز طه الحاجي علّق على هذه الملاحظة، فقال عبر حسابه على "تويتر": "نشركم البيان بالانجليزية قبل العربية معناه ان الهدف مغازلة الغرب وانكم خضعتم مجبرين للضغوط الحقوقية، وللأسف لا تعيروا أيّ اهتمام للمواطنين. بس المهم عندنا الحين أن يُنفّذ بشكل جدي ويوقف إعدام القاصرين فورًا، بل إلغاء القتل التعزيري كله من أساسه حتى على الكبار بدون تحايل".
وأضاف الحاجي "الاعلام السعودي المفروض يزعل وياخذ موقف من الحكومة. حدث هام مثل ايقاف اعدام الاطفال ينشروا في وكالات الانباء العالمية وهم الى الان ما يدروا عنه ويمكن اذا دروا بينقلوه من رويترز".
وتابع "عندما قامت السعودية بإعدام 37 شخصًا لم تخبر عوائلهم بطريقة محترمة وصدموا بتلقي الخبر من الواتساب و"تويتر" وبقوا في حالة ذهول غير مصدقين مدة ولم تكلف على نفسها بتبليغهم، أما اليوم فعوائل القاصرين الثلاثة المحكومين بالقتل يتلقوا خبر اعادة محاكمتهم من رويترز".
قرار مراجعة الأحكام الثلاثة الصادرة يجب أن يتزامن مع إطلاق سراح فوري للأطفال
المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان أفادت أنه في 26 آب/أغسطس الجاري أعلنت هيئة حقوق الإنسان الرسمية في المملكة أن النيابة العامة أحالت هذا الأسبوع إلى المراجعة أحكام الإعدام الصادرة بحق ثلاثة أشخاص سبق إدانتهم بجرائم ارتكبوها وهم قاصرون، وهم علي النمر وداوود المرهون وعبد الله الزاهر.
وبحسب المنظمة، البيان أشار إلى أن هذا القرار تنفيذ للأمر الملكي الذي صدر في آذار/مارس 2020 الذي دعا إلى تعديل كافة الأحكام بما يتوافق مع نظام الأحداث، على أن تكون أقصى عقوبة السجن لمدة لا تزيد على 10 سنوات. وأوضح البيان أن "قانون الأحداث السعودي ينص على أن الحد الأقصى للعقوبة "لأي شخص مدان بجريمة ارتكبت عندما كان قاصرا هو 10 سنوات، ينفذ الحكم في دار احتجاز الأحداث".
إزاء ذلك، أكدت المنظمة أن قرار مراجعة الأحكام الثلاثة الصادرة يجب أن يتزامن مع إطلاق سراح فوري للأطفال الثلاثة المعتقلين تعسفيا كما يجب أن تضمن إعادة المحاكمة المرتقبة شروط المحاكمة العادلة التي افتقرت إليها بشكل صارخ المحاكمة السابقة.
وأشارت المنظمة الى أن هذا القرار أتى بعد عدة عمليات قتل طالت قاصرين بأحكام غير عادلة، حيث إن الرصد بيّن قتل 11 قاصرا، هم: مصطفى محمد أبكر، مشعل الفراج، أمين الغامدي، علي آل ربح، سعيد السكافي، مجتبى السويكت، سلمان آل قريش، عبد الله آل سريح، عبد الكريم الحواج، عبد العزيز آل سهوي، عبد المحسن الغامدي. واجه القاصرون محاكمات غير عادلة ومعظمهم قتل بسبب تهم تتعلق بممارسة حقوق مشروعة مثل التظاهر، ولا زالت جثامينهم مخفية عن عائلاتهم حتى الآن.
المنظمة أبدت مخاوفها على القاصرين الذين لا زالوا يواجهون خطر الإعدام والذين لا تفصح الحكومة السعودية عن أعدادهم في ظل انعدام الشفافية وغياب أي دور للمجتمع المدني، لافتة الى أنها وثّقت 10 قضايا تتعلق بقاصرين هم: مصطفى آل درويش، عبد الله الحويطي، أحمد الفرج، علي آل بطي، محمد حسين النمر، محمد عصام الفرج، علي حسن الفرج، جلال اللباد، سجاد آل ياسين، يوسف المناسف، ولا زالوا يواجهون خطر الإعدام في مختلف درجات التقاضي والإعلان الأخير لم يتطرق إلى قضاياهم.
ورأت المنظمة أن الاكتفاء بتقليص المخاوف على حياة النمر والمرهون والزاهر الذين كانت دول ورسائل أممية عديدة قد أثارتها، يثير القلق من إمكانية استخدام هذا الإعلان للترويج لإصلاحات، مع استمرار عدم الوضوح حول مصير المعتقلين القاصرين الآخرين، بحيث لا تتخذ إجراءات مماثلة بحقهم. كما أن عدم نشر نص الأمر الملكي الأخير، يطرح عددا من التساؤلات أبرزها إمكانية التلاعب بعمر القاصرين والاستثناءات التي قد يشملها.