مجتمع » حريات وحقوق الانسان

تزوجن في العراق.. قوانين السعودية تهدد مواطنات بفقدان أسرهن

في 2020/10/11

الخليج أونلاين-

تشكل القوانين السعودية عائقاً كبيراً أمام التحام عوائلَ نصفها غير سعودي، نتجت عن زواج مواطن أو مواطنة من جنسيات أخرى.

تتكرر تلك المشاكل وتظهر على وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، ويبحث أصحابها عن حلول، وآخرها كان عبر تقرير نشرته صحيفة "الوطن" المحلية، يوم الخميس (8 أكتوبر 2020).

التقرير تطرق إلى مشاكل عدة عوائل تسكن العراق، حيث تزوجت سعوديات بعراقيين بموافقة عوائلهن، ولم يعد بمقدور الزوجات سوى التخلي عن أزواجهن وأطفالهن في حال قررن الدخول إلى بلدهن الأم.

يجهلن القوانين

بحسب ما ذكره تقرير الصحيفة السعودية، فإن المواطنات المتزوجات في العراق وعددهن 20 امرأة، أكدن جهلهن بقوانين المملكة التي تفرضها بشأن زواج السعوديين أو السعوديات بأجانب.

وأكدن أنهن لا يستطعن القدوم إلى المملكة مع عائلاتهن التي أسسنها بزواجهن بأقارب أو معارف لهن في العراق، دون حصولهن على موافقة رسمية للزواج بغير سعوديين؛ وهو ما أدى إلى حرمانهن من إمكانية تصديق وتوثيق عقود زواجهن في المملكة.

ووفق تقرير الصحيفة، أقرت مواطنات سعوديات متزوجات بعراقيين، بأنهن لم يتقدمن بطلبات للحصول على إذن زواج بغير سعودي، وأنهن كن يجهلن وجود مثل هذا الطلب.

وذكرت المواطنات السعوديات، أن ذويهن تعاملوا مع تلك الزيجات كبقية الزيجات الأخرى؛ لكون المتقدمين للزواج بهن إما أقارب لهن، أو معارف لأسرهن، أو تربطهن علاقات جيرة وصداقة مع العائلة.

وعلى هذا الأساس؛ تمت أغلب تلك الزيجات بموافقة وحضور الأهل، وأجريت العقود في المحاكم العراقية، قبل أن يفاجأن بأن تلك العقود تحتاج موافقة رسمية سواء للمواطن أو المواطنة وكل السعوديين الراغبين في الزواج بأجانب، سواء داخل المملكة أو خارجها.

شروط وعقوبات

أتاحت السعودية زواج السعوديات من جنسيات مختلفة حتى لو كان الرجل غير مقيم بالمملكة، ولكن وزارة الداخلية وضعت بعض الضوابط والمعايير؛ لضمان حقوق المرأة وحمايتها من التعرض لأي ضرر كان، حسبما تقول.

وتشمل الشروط أن يكون الرجل من الطلبة أو المرافقين، ويجب على الشخص الذي يريد الزواج بفتاة سعودية توفير مسكن مناسب لها، وألا يقل دخله الشهري عن 3 آلاف ريال سعودي (نحو 800 دولار)، أو ما يعادله بالعملات الأخرى، وألا يقل عمر الشخص عن 25 عاماً، ولا يقل عمر الفتاة عن 21 عاماً.

ويُشترط أيضاً الحصول على موافقة من ولي أمر الفتاة، بجانب طلب لأمير المنطقة للحصول على موافقته أيضاً، ويشمل الطلب جميع بيانات العروسين، إضافة إلى ديانة الخاطب وشرح أسباب الموافقة على الزواج، وبعد الحصول على الموافقة يتم الاستعلام عن الأمر جيداً.

وفي حال تبين للجهات المختصة في السعودية أن زواج أي رجل سعودي بامرأة غير سعودية، أو زواج أي امرأة سعودية برجل غير سعودي قد تم بالمخالفة لأي من أحكام اللائحة، فستتم محاكمة المتزوج -سواء كان رجلاً سعودياً أو امرأة سعودية- تأديباً لدى ديوان المظالم.

وتشمل العقوبات أيضاً عدم توثيق هذا الزواج من قِبل الجهات المختصة السعودية، وكذلك عدم السماح بدخول الزوجة أو الزوج الأجنبي إلى المملكة، وإنهاء إقامة الزوجة أو الزوج الأجنبي في حال إذا ما كانا مقيمين داخل المملكة.

قصة ريم

تنقل صحيفة "الوطن" في تقريرها حديث "ريم"، وهي سعودية تزوجت بعراقي منذ 5 سنوات، ولم تُرزق حتى الآن بأطفال، مشيرة إلى أن "هذا يجعل وضعي أيسر وأسهل من أخريات متزوجات بغير سعوديين في مثل وضعي، ولديهن أطفال".

وتضيف: "كزوجة لا أستطيع السفر دون زوجي، ولو رُزقت بأطفال مستقبلاً فسأكون مثل كل الأمهات الأخريات، ولن أتمكن من السفر وترك أطفالي وزوجي الذين لا أستطيع اصطحابهم معي إلى المملكة".

وقالت إنها في حال سافرت إلى بلدها لا تستطيع ضمان قدرتها على العودة إلى زوجها، موضحة: "سفرنا إلى العراق ممنوع؛ ومن ثم من يرتكب مخالفة السفر إليه يُسحب منه جواز سفره السعودي، ولو تم الأمر على هذه الشاكلة فسأصبح في بلد وزوجي وأطفالي في بلد آخر".

ووفق قولها فإن هذا الأمر يمنع كثيرات من المتزوجات بعراقيين من القدرة على العودة إلى السعودية كزائرات لذويهن.

مشكلة زينب

داود الشريان، الإعلامي السعودي البارز، الذي تحظى برامجه بمشاهدة واسعة محلياً، تطرق العام الماضي في أحد برامجه، إلى المشاكل التي تعانيها سعوديات متزوجات في العراق.

أوضحت سعودية تدعى زينب، خلال لقائها مع داود الشريان، أنها فشلت بدايةً في الحصول على موافقة للزواج بعراقي؛ لكونه يعيش في العراق، وكان العراق يمر بحالة حرب مع تنظيم "داعش"، ثم أقام في مصر وعندما أرسلت مرة أخرى، قالوا إن القوانين تغيَّرت، ثم تزوجت في العراق وأنجبت ولداً.

وأفادت بأنها لم تكن تعرف حجم العواقب المترتبة على هذا الزواج، إذ شعرت بذلك عندما أنجبت الطفل وظلت بين طفلها بالعراق وأهلها، ولم يرَ أهلها الولد إلا عن طريق كاميرا الجوال.

فيما أشارت سعودية أخرى تزوجت في العراق، إلى أنها حاولت الخروج منه إلى إيران ثم عادت مرة أخرى إلى العراق، بسبب حرق السفارة السعودية في إيران، مضيفة: "منذ 4 سنوات ونصف السنة لم أدخل إلى السعودية".

مشاكل معقدة

يصف الأكاديمي والباحث العراقي واثق عباس، زواج مختلفي الجنسية، بأنه "أصبح من المشاكل المعقدة في عالمنا العربي".

ويرى عباس في حديثه لـ"الخليج أونلاين"، أن القوانين التي تعتمدها بعض البلدان حوَّلت الزواج من تصنيفه المعروف بأنه يبني استقرار الفرد والمجتمع إلى سبب من أسباب زعزعة استقرار الفرد والأسرة.

ويرتبط الشعبان في السعودية والعراق بعلاقات قديمة؛ لكون البلدين جارين، وهو ما جعل اختلاط الأنساب بين الشعبين أمراً ميسراً منذ القدم وفق عباس، الذي أشار إلى وجود صلة قرابة بين عوائل عديدة موجودة داخل البلدين.

من جانب آخر يرى عباس، أن هناك تأثيرات كبيرة على الأسرة التي تتكون من أب وأم من بلدين مختلفين مثل حالة السعوديات المتزوجات في العراق بعراقيين، مبيناً أن مثل تلك المشاكل "لها تأثيرات سلبية على حالة أفراد تلك العوائل، وتتسبب في تفكك أسري".

وتمتلئ ملفات الباحثين الاجتماعيين بحالات طلاق حصلت على خلفية تداعيات عوامل نفسية، يقول عباس، محذراً من أن تتسبب القرارات السعودية في "نهاية مأساوية للعوائل مثل طلاق الوالدين أو عدم تمكُّن الأم من رؤية أطفالها في حال مُنعت من السفر حيث يسكن زوجها وأطفالها".

يتطرق عباس إلى الحالة السياسية التي تجمع بين حكومة السعودية والعراق، مفيداً بأنها مشوبة بتوتر قديم وحتى الآن يتجدد تارة ويفتر أخرى، لكنه يستدرك: "يجب ألا تؤثر مثل هذه القضايا على العلاقة بين شعبي البلدين".

ولم يستبعد أن تؤثر قرارات حكومة السعودية حول هذا النوع من الزواج، بشكل سلبي، على الشعب العراقي الذي يخرج بين فترة وأخرى على مواقع التواصل الاجتماعي، متهماً حكومة الرياض بالتدخل في شؤونه الداخلية.

ويرى عباس أن من مصلحة حكومة الرياض إيجاد حلٍّ لقضايا النساء السعوديات هذه؛ لكي يسهم في حصول مزيد من الزيجات المختلطة بين الشعبين؛ معتبراً أنها "تسهم في دعم العلاقات الرسمية بين البلدين".

ووفق الباحث العراقي، فإن على الحكومة العراقية التدخل في مثل هذه القضايا الاجتماعية، "خاصةً أن العراق فيه من المشاكل الاجتماعية ما يزيد على طاقة الحكومة".