سيدني بوير/ستيتكرافت- ترجمة الخليج الجديد-
مع اندلاع الانتفاضات الديمقراطية كالنار في الهشيم عبر الشرق الأوسط في عامي 2011 و2012، عاشت الإمارات الشكل الأكثر اعتدالًا من الربيع العربي، حيث تجمع المفكرون والناشطون العلمانيون والإسلاميون معًا في مارس/أيار 2011 لصياغة عريضة من أجل تمثيل سياسي أكبر في السياسة الإماراتية.
وبعد أن شهدت سقوط الأنظمة في جميع أنحاء المنطقة، ردت أبوظبي بشن أكبر حملة قمع في تاريخ الإمارات عبر اعتقال وحظر ونفي جميع الأطراف المؤثرة. بعد حملة القمع، صوّر النظام الحملة على أنها مبادرة من قبل الحكومة لقمع التطرف العنيف ومنع الإرهاب من التسلل إلى حدود البلاد.
ويوضح ذلك كيف تمكنت الإمارات من تأطير قمعها للمعارضة الداخلية وحملاتها العسكرية التدخلية كمبادرات لمكافحة الإرهاب، مما يغذي المجتمع الدولي بصورة مشوهة لمشاركتها في ما يسمى بـ "الحرب على الإرهاب".
وبالرغم من السلوك القمعي المتزايد لأبوظبي، تواصل الولايات المتحدة تقديم مجموعة واسعة من أنواع الدعم الأمني والسياسي للإمارات.
مع اقتراب إدارة "ترامب" من إبرام صفقة بيع 50 طائرة مقاتلة من طراز "إف-35" إلى الإمارات بعد تعاونها في اتفاقيات "أبراهام"، يجب على المشرعين الأمريكيين أن يكونوا على دراية بدوافع أبوظبي ودورها في الأمن الإقليمي.
إن تصور الإمارات للمعارضة السياسية على أنها تهديد للنظام يؤثر بشدة على أجندة أمنها القومي حيث ينبع انتقاد النظام من مجموعة من الأصوات الديمقراطية المحلية والأكاديميين ودعاة حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم.
في عام 2011، كانت المعارضة، المؤلفة من قادة أكاديميين دينيين وعلمانيين، دليل بالنسبة للنظام على أن تهديد القوى الديمقراطية يتزايد، وأن أبوظبي تفقد قبضتها على الإجماع الوطني. ورأت الحكومة أنه إذا تركت المعارضة السياسية دون رادع، فيمكن أن يتفكك نسيج النظام.
أتاح تركيز الولايات المتحدة على "الحرب على الإرهاب" تبريرًا مناسبًا لأبوظبي لمتابعة القمع الداخلي. واتهم المواطنون الحكومة بمراقبة الاتصالات والمنظمات الخاصة تحت غطاء حماية الدولة من الإرهاب. ووثّق المدافعون الدوليون عن حقوق الإنسان، الاحتجاز غير الأخلاقي والممارسات الفاسدة للمحاكم، والتي أدى بعضها إلى سجن شخصيات سياسية على مدى عقود. ومع ذلك، كان هناك القليل من الغضب من الولايات المتحدة لأن الإمارات تدعي الالتزام بأولويات الأمن القومي للولايات المتحدة المتمثلة في "هزيمة التطرف العنيف".
كما عملت الإمارات على مواءمة حملاتها التدخلية مع مبادرات الولايات المتحدة لمكافحة الإرهاب في المنطقة، الأمر الذي مكّنها من متابعة سياساتها الاستبدادية على نطاق إقليمي حيث دعمت أبوظبي الحملات العسكرية لصالح الأنظمة ذات التفكير المماثل في اليمن والصومال وليبيا، في محاولة للحد من تطور الجماعات السياسية التي تعكس وجهات نظر الكيانات المناهضة للحكومة داخل الإمارات.
ولاحظ النقاد أن الحملات العسكرية الإماراتية لمواجهة الجماعات المتطرفة ظاهريًا أدت إلى انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان وجرائم حرب. ولكن طالما أن أبوظبي تستشهد بمكافحة الإرهاب كهدف لها، فإنها يمكن أن تشن حربًا دون معارضة أمريكية تذكر.
ومع زيادة مشاركة الإمارات بشكل تدريجي في المبادرات الإقليمية والعالمية، فإنها تعزز تحالفها الأمني مع واشنطن، ويعني ذلك أن الولايات المتحدة لا تطعن في أجندة أبوظبي لأنها تعكس نزعتها العسكرية العشوائية في المنطقة، والتي تم انتقادها من خلال تقرير مركز السياسة الدولية فيما يتعلق بمبيعات الأسلحة الأمريكية.
ويجب أن تخضع طبيعة العلاقة الأمنية بين واشنطن والإمارات لمزيد من التدقيق مع اقتراب الإدارة الأمريكية أكثر من أبوظبي في أعقاب الاتفاقية الدبلوماسية غير المسبوقة بين الإمارات و(إسرائيل).
أشاد الرئيس "ترامب" أثناء الحديث عن اتفاقية التطبيع الإماراتي الإسرائيلي، بمشاركة أبوظبي العميقة في المنطقة باعتبارها محورية للسلام والاستقرار في الشرق الأوسط. لكن بأي ثمن؟ تنطوي الاتفاقية على مخاطر ترسيخ علاقة أمريكا الأمنية بأبوظبي دون معالجة جهودها للحفاظ على الوضع الإقليمي الراهن.
يجب على المشرعين والمسؤولين الأمريكيين التفكير في القمع الإماراتي في سياق السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط، للتأكد من أن الولايات المتحدة لا تسيء أيضًا تنفيذ عمليات مكافحة الإرهاب.