سي جيه ويرلمان/انسايد أرابيا – ترجمة الخليج الجديد-
تعتبر الإمارات من الناحية الموضوعية واحدة من أسوأ الدول المجرمة في العالم، عندما يتعلق الأمر بانتهاكات حقوق الإنسان، وهناك إشارات متزايدة على أن المجتمع الدولي قد نفد صبره، حيث تنضم الأمم المتحدة الآن إلى المنظمات الحقوقية في دعوة أبوظبي لوقف قمع نشطاء حقوق الإنسان ومنتقدي الحكومة.
في الأسبوع الماضي، حثت "ماري لولور"، المقررة الخاصة للأمم المتحدة، الإمارات على إطلاق سراح 3 مدافعين عن حقوق الإنسان يقضون عقوبة بالسجن لمدة 10 سنوات لانتقادهم العلني للحكومة، من بين تهم أخرى. وقد ذكرت 3 رجال على وجه الخصوص، من بينهم الشاعر "أحمد منصور" الحائز على جائزة، قائلة إنهم تعرضوا لسوء المعاملة في ظروف قد تصل إلى حد التعذيب.
وقالت "لولور": "لم يتم فقط إدانة وسجن "محمد الركن" و"أحمد منصور" و"ناصر بن غيث" بسبب دعواتهم غير العنيفة والمشروعة من أجل احترام حقوق الإنسان في الإمارات، بل تعرضوا لسوء المعاملة في السجن".
وتضيف: "تشير التقارير التي تلقيتها إلى أن الظروف والمعاملة التي يتعرض لها هؤلاء المدافعون عن حقوق الإنسان، مثل الحبس الانفرادي المطول، تنتهك معايير حقوق الإنسان وقد تشكل تعذيباً".
يأتي هذا بعد أقل من شهر من نشر "هيومن رايتس ووتش" تقريرًا يدين سجن "منصور" البالغ من العمر 51 عامًا، والذي تم اعتقاله في عام 2017، بحسب الحكومة، بتهمة "إهانة مكانة الإمارات ورموزها بما في ذلك قادتها" و"السعى للإضرار بعلاقة الإمارات بجيرانها من خلال نشر تقارير ومعلومات كاذبة على وسائل التواصل الاجتماعي".
لكن في الواقع، تم القبض على "منصور"، الشاعر والمدافع عن حقوق الإنسان، من منزله عند منتصف الليل، ووضعه في سيارة دفع رباعي من قبل 12 رجلاً إماراتيًا يرتدون أقنعة سوداء، ونقلوه إلى مكان لم يكشف عنه، حيث تعرض للتعذيب وحُرم من الاتصال بأسرته ومحاميه الشخصي في انتهاك للقانون الدولي.
وبعد عام كامل من اعتقاله، مثل أمام المحكمة وحُكم عليه بالسجن 10 سنوات وغرامة قدرها 275 ألف دولار أمريكي، بعد إدانته بموجب قوانين مكافحة الإرهاب.
وما هي جريمته الفعلية؟ نشر تغريدة تنتقد حكومة الإمارات لقمعها حرية الرأي والتعبير. لقد أدين وسجن في نهاية المطاف، مثل آخرين، بموجب قوانين الجرائم الإلكترونية الصارمة المطبقة مؤخرًا، والتي تهدف إلى سحق أي انتفاضة شعبية قد تهدد النظام، مثل تلك التي أسقطت وهددت الأنظمة الملكية والديكتاتوريات الأخرى في المنطقة خلال الربيع العربي.
صورة متنافضة
وقال "جو ستورك"، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في "هيومن رايتس ووتش": "يعكس مرسوم الجرائم الإلكترونية في الإمارات محاولة لحظر حتى الانتقادات المزعجة".
ويتابع: "إن التصميم على مراقبة ومعاقبة المعارضين عبر الإنترنت، مهما كان معتدلاً، لا يتوافق مع الصورة التي يحاول حكام الإمارات الترويج لها عن دولة تقدمية ومتسامحة".
يُحتجز "منصور" في سجن "الصدر"، حيث تم احتجازه في زنزانة تبلغ مساحتها 4 أمتار مربعة فقط وبدون مرتبة أو إمكانية الاستحمام أو مياه صالحة للشرب أو حتى رؤية ضوء الشمس، ووفقًا للمقرر الخاص للأمم المتحدة فإن "هذا بعيد كل البعد عن الصورة التي تحب الإمارات عرضها على العالم".
تنفق الإمارات مليارات الدولارات كل عام للترويج لنفسها كبوابة حديثة وغربية في الشرق الأوسط، لدرجة أنه عندما يفكر السياح الأجانب في دبي، فإنهم يفكرون في الفنادق الفاخرة، وحمامات السباحة الضخمة، والمتاجر الراقية، ومنحدرات التزلج، والقصور والفيلات الباهظة، وملاعب الجولف ذات المستوى العالمي، ولكن في النهاية لا يمكن لأي مبلغ من المال أو حملات السياحة الجذابة أن تزيل سوء المعاملة القاسية لنشطاء حقوق الإنسان، مثل "منصور"، وملايين المهاجرين الأجانب.
مع تزايد تسليط الأضواء على الإمارات، سيفكر المجتمع الدولي في حملتها القمعية على نشطاء حقوق الإنسان، وليس بفندق "برج العرب" ذي الـ 7 نجوم؛ وباستعبادها الجنسي للمرأة الأجنبية، وليس بـ"برج خليفة"، وبسياستها الخارجية التي تسببت في كوارث بشرية في اليمن وليبيا، وليس في "مول الإمارات".
بسبب الإحباط المتزايد من حكام الإمارات، تصف منظمات حقوق الإنسان البلاد بأنها موطن "عبودية العصر الحديث"، حيث يشكل العمال المهاجرون 90% من سكان البلاد البالغ عددهم 10 ملايين نسمة، ومعظمهم تم استدراجهم من البلدان الفقيرة عن طريق وكالات التوظيف الجائر.
كما أن عاملات المنازل معرضات للخطر بشكل خاص، حيث يُجبر عشرات الآلاف على العبودية الجنسية كل عام، وذلك وفقًا لتقرير صادر عن منظمة "أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان" في البحرين.
ويتصاعد الضغط على الإمارات رداً على انتهاكات حقوق الإنسان والقانون الدولي التي ترتكبها خارج حدودها، بما في ذلك اليمن، حيث اتهمها محققو الأمم المتحدة باستهداف المدنيين عمداً وتمويل المرتزقة وتعذيب المعتقلين.
رفعت مجموعة من المحامين البريطانيين، في ديسمبر/كانون الأول، دعوى لدى الأمم المتحدة، متهمة حكام الإمارات والسعودية بـ "التورط المباشر في جرائم حرب في اليمن"، ودعت السلطات في بريطانيا والولايات المتحدة وتركيا إلى اعتقال مسؤولين كبار في حكومة الإمارات.
وفتحت الأمم المتحدة أيضًا تحقيقًا ضد الإمارات ردًا على مزاعم بأنها استأجرت مرتزقة أجانب ونشرتهم في ليبيا من أجل الإطاحة بالحكومة المعترف بها دوليا، في انتهاك واضح للقانون الدولي وحظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة.
في العام الماضي، قدمت منظمتان حقوقيتان أدلة في الدورة الـ 45 لمجلس حقوق الإنسان في جنيف، على أن الإمارات استأجرت آلاف المرتزقة لتنفيذ اغتيالات بارزة لتعزيز طموحاتها الجيوسياسية في الشرق الأوسط.
وأكدت منظمة "هيومن رايتس ووتش" هذا الادعاء، ووجدت أن حكومة الإمارات أنشأت شركة خاصة في عام 2019 لتجنيد أكثر من 390 سودانياً، وجميعهم خُدِعوا للاعتقاد بأنهم سيعملون كحراس أمن في الفنادق والمراكز التجارية في دبي. وبدلاً من ذلك، تم إنزالهم بالقوة في منتصف الحرب الأهلية الليبية لحماية حقول النفط التي استولى عليها اللواء "خليفة حفتر".
بالرغم من هذه الجرائم الموثقة، إلا أن الإمارات أفلتت من ذلك النوع من الإدانة والتدقيق الذي أزعج، في حالات مشابهة، حلفاء غربيين آخرين في الشرق الأوسط، بما في ذلك من السعودية وإسرائيل. فلم تكن هناك دعوات واسعة النطاق لمقاطعة الإمارات التي تستضيف الأحداث الرياضية أو الثقافية الدولية. لقد أصبحت مضيفا لمراحل الجولات الأوروبية في الجولف وجولات التنس، جنبًا إلى جنب مع بطولات الرجبي والكريكيت دون عوائق.
ومع ذلك، قد تقترب هذه الفترة التي مرت دون محاسبة من نهايتها، حيث أصبح المجتمع الدولي يدرك بشكل متزايد الطريقة التي استفاد بها حكام الإمارات من البؤس الإنساني وسفك الدماء، مع سحقهم لأولئك الذين يجرؤون على التحدث ضدهم.