صحيفة "واشنطن بوست"-
كشفت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، هوية وأسماء شخصيات متورطة، فيما وصفتها بـ"شبكة تهريب السعوديين الملاحقين قضائيا في الولايات المتحدة"، برعاية سفارة الرياض في واشنطن.
وذكرت الصحيفة، أن هناك مجموعة متنوعة من القضايا متهم فيه سعوديين، وتشمل جرائم قتل عمد من الدرجة الأولي، وصدم بالسيارة والفرار، والاغتصاب، وحيازة مواد إباحية متعلقة بالأطفال.
غير أن المتهمين السعوديين لن يقفوا أمام العدالة، ولن ينالوا أي عقوبات، وسوف تضيع حقوق ضحايا وذويهم سدى، بسبب قيام الشبكة المذكورة بتهريب المتهمين بطرق غير شرعية، برعاية من السفارة السعودية في الولايات المتحدة.
واستشهدت الصحيفة بالمتهمين السعوديين "عبدالله الحريري"، و"سلطان السحيمي"، المتورطان في قتل "ريكوون مور" طعنا بالسكين، في 13 أكتوبر/تشرين الأول 2018، في نورث كارولينا.
وذكرت أن الادعاء الأمريكي، وجه لكل من "الحريري" و"السحيمي" تهما بالقتل العمد من الدرجة الأولي، لكن أيا منهما لن يخضع للمحاكمة، لأنه بعد أيام قليلة من جريمتهما، نجحا في مغادرة أمريكا وعادا إلى السعودية، التي ليس لديها معاهدة لتسليم المجرمين مع الولايات المتحدة.
وأشارت الصحيفة، إلى أن طريق المواطنين السعوديين " الحريري " و"السحيمي" لمغادرة أمريكا إلى موطنهما، كان أسهل من المجيء إليها، لأنهما فرا بمساعدة من مسؤولين سعوديين، في سفارة الرياض بواشنطن.
ولفتت الصحيفة، إلى أن وثائق حصلت عليها، أظهرت أن "السحيمي" غادر من مطار دالاس الدولي في 17 أكتوبر/تشرين الأول 2018، بعد 4 أيام من طعنه وقتله "مور"، لكن ليس من الواضح ما إذا كان "الحريري" على نفس الرحلة.
وهناك أيضا المبتعث "حسام العيدي"، الذي كان طالبا في جامعة رادفورد، وأدين بعدة تهم في 2018، من بينها الاعتداء.
وذكرت الصحيفة أنه أيضا تمكن من الفرار من الولايات المتحدة، بمساعدة السفارة السعودية هناك
ولفتت إلى أن مكتب التحقيقات الفيدرالية خلص إلى أن مسؤولي الحكومة السعودية "يساعدون بشكل شبه مؤكد المواطنين السعوديين المقيمين في الولايات المتحدة في الفرار، لتجنب المشكلات القانونية، مما يقوض العملية القضائية الأمريكية".
وأوضحت أنه مسؤول متوسط في سفارة الرياض بواشنطن أشرف على تلك المساعدات، وإدارة شبكة من محاميين أمريكيين متخصصون في الدفاع الجنائي، الذين وصفوا أنفسهم بأنهم وسطاء للمسؤولين في السفارة أو الأشخاص الذي يدفعون الأموال لإبقاء السعوديين المتورطين في جرائم جنائية خارج السجن.
وقدمت هذه الشبكة خدمات قنصلية تقليدية، مثل ترتيب الكفالة والمترجمين الفوريين والتمثيل القانوني للأشخاص المتهمين بارتكاب جرائم عنف.
لكن ووفق مقابلات أجرتها الصحيفة، مع أكثر من عشرة أفراد، ومئات الصفحات من وثائق المحاكم الأمريكية، والنماذج القانونية السعودية وسجلات السفر الدولية، فقد تجاوزت هذه الشبكة أيضًا الدور التقليدي للسفارات، وساعدت المتهمين على التهرب من المراقبة التي أمرت بها المحكمة، ورتبت للسفر والرحلات الجوية خارج الولايات المتحدة عندما فر مواطنون سعوديون من العدالة.
ونقلت الصحيفة عن أحد الأشخاص الذي عمل مع هذه الشبكة السعودية، قوله إن السفارة السعودية تفضل ألا يقضي أيا من مواطنيها وقتًا في السجن في الولايات المتحدة".
وأضافت: "إذا كانت القضية تتطلب فترة احتجاز إلزامية، فهناك الكثير من الضغط لإخراجهم من البلاد".
وأوضحت أنه "إذا قررت السفارة السعودية إخراج شخص ما خارج البلاد، فهناك ميسر، شخص غير مرتبط بالسفارة، لترتيب السفر".
وتابعت: إذا كان المتهم يعيش بالقرب من واشنطن، فعادة ما تكون تذكرة ذهاب فقط للخروج من دالاس".
ولفتت الصحيفة، إلى أنه في الآونة الأخيرة، طالبت إدارة الرئيس "جو بايدن" المملكة بالتوقف عن مساعدة المجرمين المتهمين على الفرار.
في اجتماعات مع نظرائهم السعوديين، أوضح كبار مسؤولي وزارة الخارجية الأمريكية أن هؤلاء الأفراد يجب أن يواجهوا إجراءات قضائية في الولايات المتحدة، وأن أي تدخل حكومي سعودي في نزاهة نظام العدالة الجنائية الأمريكي "أمر غير مقبول".
وأكدت الصحفية أن الحكومة السعودية اعترفت ضمنيًا بمساعدة مواطنيها على الهروب، وذلك على النقيض من سنوات من الانكار لهذه الاتهامات.
وقالت الصحيفة، إن واحدا من أوائل الأسماء التي تم تداولها، ومتهم بالتورط في المساعدة في تهريب المجرمين السعوديين من الولايات المتحدة، كان "بدر العمير" وهو محامي يشغل منصبا متوسط المستوي في السفارة السعودية بواشنطن.
ووفقا لمصادر متعددة عملت معه، فإن "العمير" بصفته محاميا وقت قضية "الحريري" و"السحيمي"، فقد قام بالتنسيق لتوفير المساعدة القانونية اللازمة للمتهمين السعوديين في سبع ولايات على الأقل، بما في ذلك نورث كارولينا وفيرجينيا.
وذكرت الصحيفة أن هناك مسؤولين أخرين متورطين في تهريب السعوديين من الولايات المتحدة بما في ذلك محام أعلى رتبة من "العمير" في السفارة السعودية بواشنطن، بالإضافة إلى مسؤولين عن قضايا الاستخبارات والأمن القومي.
ونقلت الصحيفة، عن مصدر لديه صلة بالسفارة، إن مسؤولين في رئاسة المخابرات العامة ووكالة الاستخبارات الرئيسية في السعودية، متورطون أيضا في تهريب المواطنين السعوديين الذين يواجهون تهما جنائية من الولايات المتحدة.
ووفق لوثائق اطلعت عليها الصحيفة، فإن "العمير" شارك في محاولة إيجاد تمثيل قانوني لـ"السحيمي" و"الحريري"، بعد ان تم استجوابهما من قبل الشرطة الأمريكية، وكان أيضا مسؤولا عن شراء تذاكر الطيران والنقل وإقامة في الفنادق للسعوديين في الولايات المتحدة.
وفي حالة المتهم "العيدي"، أصدر "العمير" تعليمات لسائق يعمل في السفارة الأمريكي، بنقله إلى مطار دالاس.
وأشارت الصحيفة إلى أن "العمير" اعتمد على مجموعة من محامي الدفاع الجنائي الأمريكيين المتخصصين في قضايا القيادة تحت تأثير الكحول وحيازة المخدرات وقانون الهجرة.
وذكرت أن أحد هؤلاء المحامين يدعى "إدوارد معوض"، وقد سبق للأخير أن زار "العمير" مرارا، حسبما أكد زملاؤه الذين كانوا يعملون معه الذين تحدثوا بشرط عدم كشف هويته خوفا من انتقام معوض والحكومة السعودية.
وقال زملاء "معوض" إنه ساعد في ترتيب الإجراءات والمساعدات اللازمة للمواطنين السعوديين المتهمين بارتكاب جرائم.
وأضافوا أن هذا العمل تضمن إيجاد ودفع رواتب محامين أمريكيين نيابة عن السفارة.
قال شخصان كانا يعملان مع "معوض" إنهما كانا على علم بوجود مواطنين سعوديين متهمين بارتكاب جرائم، وساعدهم في ذلك، وغادروا الولايات المتحدة فيما بعد. قال أحدهم إن أحد هؤلاء كان "العيدي".
وذكرت أنه في غضون ذلك، يواصل المشرعون الضغط من أجل عودة الرعايا السعوديين الهاربين ومحاكمتهم بواشنطن في التهم المنسوبة إليهم.