الخليج أونلاين-
بدأ قطاع الطيران العالمي يتعافى بشكل تدريجي مع اتساع حملة التطعيمات ضد جائحة كورونا واستئناف الرحلات بشكل تدريجي في العديد من دول العالم، غير أن هذا التعافي جاء أقل مما كان متوقعاً؛ بسبب حالة عدم الاستقرار المسيطرة على حركة السفر.
وعانى قطاع الطيران خلال العام الماضي بشدة من جرّاء الجائحة، وتعرضت الشركات في أنحاء العالم لخسائر أجبرتها على تسريح جزء من موظفيها، فيما توقفت شركات عن العمل تماماً.
وكانت التوقعات تذهب إلى انتعاش قطاع الطيران مع بدء تقديم اللقاح وتخفيف قيود السفر عالمياً، لكن السلالات الجديدة من الوباء ضربت هذه التوقعات وأحدثت حالة من عدم الاستقرار في حركة السفر.
عودة أقل من المتوقع
أواخر مايو الماضي، توقع الاتحاد الدولي للنقل الجوي (إياتا) أن تكون الأعداد الكلية للمسافرين جواً خلال العام الجاري أقل 52% مما كانت عليه في 2019.
وهذه التوقعات أقل من توقعات سابقة أعلنها (إياتا) في يناير من هذا العام، وقد عزاها الاتحاد إلى استمرار فرض القيود على حركة السفر في العديد من الدول.
وفي 26 مايو الماضي، نقلت وكالة "رويترز" عن برايان بيرس، كبير الاقتصاديين لدى "إياتا"، أن تعافي أعداد المسافرين في 2022 قد يصل إلى 88% من مستويات ما قبل الجائحة.
وقال بيرس إنه حتى لو تمكنت شركات الطيران من خفض تكاليفها والاستفادة من تحسن في الرحلات الداخلية "لا يتوقع أن يحقق القطاع أرباحاً قبل عام 2022".
في السياق، قال ويلي والش، رئيس الاتحاد الدولي للنقل الجوي، أواخر مايو الماضي، إن تعافي صناعة الطيران العالمية لمستويات ما قبل الجائحة يحتاج إلى عدة سنوات.
وأكد أن الأمر سيستغرق بضع سنوات؛ بالنظر إلى خروج عدد كبير من الطائرات من الخدمة وأيضاً بسبب تسريح جزء كبير من العمالة الأساسية في غالبية الشركات.
وخلص "والش" إلى أن قدرة صناعة الطيران على العودة إلى مستويات 2019 "مستحيلة في الوقت الراهن".
وفي أبريل الماضي، قال الاتحاد إنه يتوقع خسارة صافية لصناعة الطيران العالمية بقيمة 47.7 مليار دولار في عام 2021، مقارنة بـ 126.4 مليار دولار خسرها القطاع خلال 2020.
على الرغم من ذلك، فإن الاتحاد رصد تفاؤلاً في الأسواق المحلية، حيث تظهر مرونة الطيران المميزة من خلال الانتعاش في الأسواق دون قيود السفر الداخلية.
ورفع الاتحاد توقعاته لإجمالي استهلاك السيولة بشركات الطيران للعام 2021 إلى ما بين 75 مليار دولار و95 ملياراً، ارتفاعاً من 48 ملياراً في توقعات ديسمبر الماضي.
وشكلت الجائحة أكبر صدمة في تاريخ القطاع بحسب خبراء ومسؤولين، حيث هوت حركة السفر بنسبة 66% خلال 2020، ووصلت إلى 90% في بعض الشهور.
وتراجعت أعداد المسافرين عالمياً إلى مستويات العام 2003، مسجلة 1.8 مليار راكب مقارنة بـ4.5 مليار خلال 2019.
كما أعلن المجلس الدولي للمطارات الذي يضم مديري 1933 مطاراً دولياً، في 183 دولة إن خسائرهم في الإيرادات لعام 2020 بلغت 111.8 مليار دولار، فيما أنفقت شركات الطيران 150 مليار دولار من أموالها.
وأدى ظهور نسخ متحورة من الفيروس إلى فرض قيود جديدة على السفر، لكن مسؤولي القطاع يراهنون على انتعاش الحركة في النصف الثاني من العام مع تقدم حركة التطعيم التي سيتبعها تخفيف للقيود.
وخسرت شركات الطيران 510 مليارات دولار من أرباحها في 2020، وحصلت خلال العام نفسه على مساعدات بقيمة 160 مليار دولار لتخطي الأزمة، بحسب وكالة الأنباء الفرنسية.
تحذيرات
يتوقع الاتحاد الدولي للنقل الجوي عودة حركة الملاحة الجوية إلى مستويات ما قبل الوباء لحلول 2023 على أقل تقدير.
وعلى الرغم من أن التوقعات تذهب إلى أن حركة الملاحة الجوية ستتضاعف على مدى الـ20 عاماً المقبلة من 4.5 مليار راكب في 2019 إلى 8.5 مليار في 2039، فإن هذه الأعداد تأتي أقل مليار راكب عما كانت عليه قبل الجائحة.
وقد حذر الاتحاد الدولي (إياتا) من فوضى محتملة في المطارات العالمية ما لم تتحرك الحكومات بسرعة لاعتماد جواز السفر الصحي الرقمي.
وقال (أواخر مايو): إن "متوسط أوقات انتظار واستقبال المسافرين تضاعف عما كان عليه قبل الأزمة خلال وقت الذروة، ووصل إلى ثلاث ساعات، وهذا غير مقبول".
وأوضح أن إجراءات السفر لكل رحلة كانت تستغرق من الراكب 1.5 ساعة في المتوسط، قبل الجائحة، بما يشمل تسجيل الوصول، وإنهاء إجراءات الأمن، ومراقبة الحدود، والجمارك، والمطالبة بالأمتعة.
وتشير البيانات الحالية إلى أن أوقات إجراءات المطارات قد تضاعفت إلى 3 ساعات خلال وقت الذروة، مع حركة المرور بنسبة 30% فقط.
ويمكن أن يصل الوقت المستغرق في عمليات المطار إلى 5.5 ساعة لكل رحلة، عند ارتفاع مستويات حركة المرور حتى 75%.
ومن المتوقع أن يصل هذا الوقت إلى 8 ساعات انتظار لكل رحلة مع وصول مستويات حركة مرور الرحلات إلى 100% مقارنة مع الحركة المسجلة قبل الجائحة، بحسب إياتا.
وخلال معرض "سوق السفر العربي- 2021"، الذي عقد في الإمارات الشهر الماضي، قال متخصصون في مجال الطيران إن قطاع الطيران في طريقه إلى تجاوز الأزمة خلال عامين على أقصى تقدير.
لكنهم أكدوا أن ذلك مرهون بتعاون دولي لتبسيط إجراءات السفر، وفي مقدمتها إلغاء الحجر الصحي والاكتفاء بالفحص السلبي مع تعزيز تقديم اللقاحات.
خسائر غير مسبوقة
وفي سابقة هي الأولى منذ تأسيسها، أعلنت شركة "طيران الإمارات" أنها خسرت 20.28 مليار درهم (5.52 مليارات دولار) خلال السنة المالية المنتهية في 31 مارس الماضي، مقارنة بأرباح بلغت 1.1 مليار درهم (288 مليون دولار)، خلال السنة المالية السابقة.
وهذه هي المرة الأولى التي تسجل فيها "طيران الإمارات" خسائر سنوية منذ أكثر من 30 عاماً؛ نظراً لتراجع العائدات الناجم عن تأثير قيود السفر بزمن كورونا.
وفي السياق، قال الرئيس التنفيذي لمجموعة الخطوط الجوية القطرية، أكبر الباكر، إن الشركة أعادت أكثر من ملياري دولار أمريكي لركابها منذ بداية الجائحة بسبب إلغاء الرحلات.
وعلى الرغم من ذلك، أكد الباكر في تصريحات لوكالة "سبوتنيك" الروسية، بداية يونيو الجاري، إن شركته "في وضع جيد للغاية مع بدء رفع القيود عن حركة السفر".
وفي مايو من العام الماضي، قال الباكر لـ"رويترز" إنه لا يتوقع تعافياً حقيقياً للقطاع قبل العام 2024.
وخسرت الخطوط القطرية خلال العام الماضي نحو مليارَي دولار، فيما خسرت نظيرتها السعودية 7.5 مليار، ومثلهما خسر الطيران الكويتي 1.6 مليار دولار.
كما خسر الطيران العماني أكثر من 500 مليون دولار خلال العام الماضي، في حين خسر الطيران البحريني 500 مليون.