مجتمع » حريات وحقوق الانسان

هل يضغط المجتمع الدولي لتسليم مأرب للحوثي لإنهاء حرب اليمن؟

في 2021/08/12

الخليج أونلاين- 

ستة أشهر مرت منذ بدء الحوثيين شن هجمات مكثفة على محافظة مأرب وسط اليمن دون إحراز اختراق ميداني ملحوظ في هذه المحافظة الاستراتيجية، ليلجؤوا أخيراً إلى المراوغة السياسية لتحقيق حلمهم بالسيطرة المدينة.

ومع الجهود الدبلوماسية الدولية الماراثونية المستمرة منذ أشهر، الساعية لفرض التهدئة في اليمن وإنهاء الحرب، لا تزال جماعة الحوثي تواصل هجومها على مأرب النفطية، في محاولة مستميتة للسيطرة على المحافظة الاستراتيجية التي تمثل آخر قلاع الحكومة الشرعية شمالاً.

وكان لافتاً ما برز مؤخراً من تصريحات علنية حوثية ومن ممولهم الرئيسي إيران، أن الدخول في مفاوضات لإحلال السلام في اليمن لن يتم قبل تسليم مأرب للحوثيين، ما يطرح تساؤلات عما إن كان المجتمع الدولي سيضغط على الحكومة لتسليم هذه المدينة من أجل إنهاء الحرب.

رسائل حوثية واضحة

بعد مرور شهرين على مغادرة الوفد العُماني لصنعاء التي يسيطر عليها الحوثيين، دون الكشف عما جرى خلال المحادثات، كشف ناطق جماعة الحوثي مؤخراً عن أبرز ما طرحته قيادة الجماعة للوفد العُماني.

وقال محمد عبدالسلام في صفحته على "تويتر"، في 10 أغسطس، إن المبادرة تتضمن "تشكيل إدارة مشتركة متكافئة من أبناء مأرب لقيادة المحافظة وإدارة شؤونها بشكل مشترك ومتكافئ في جميع المجالات ووقف أشكال التدخل الخارجي لأي دولة في شؤونها".

كما تضمنت "تشكيل قوة أمنية مشتركة بقيادة مشتركة من أبناء مأرب لإدارة الشؤون الأمنية في المحافظة تتبع الإدارة المشتركة لقيادة المحافظة المشتركة وإخراج كافة القوات الأجنبية، وإخلاء مأرب من عناصر داعش والقاعدة بشكل كامل"، في محاولة لاستعطاف المجتمع الدولي بالحديث عن وجود عناصر من التنظيمات الإرهابية.

وإلى جانب ذلك، نصت المبادرة على "الالتزام بحصص المحافظات الأخرى من الغاز والنفط وضمان إيصالها وغير ذلك من الخدمات الأخرى، وتوزيعها وفق معايير صحيحة، وتشكيل لجنة مشتركة لمعالجة الجوانب الفنية اللازمة لإصلاح أنبوب صافر – رأس عيسى، واستئناف ضخ النفط، وإصلاح غازية مأرب الكهربائية، وإيداع إيرادات النفط والغاز في حساب خاص لصرف الرواتب، ودعم الجوانب الإنسانية، مع إعطاء مأرب أولوية في ذلك"، إضافة إلى بنود أخرى.

إيران.. والاهتمام بمأرب

هذه التصريحات الحوثية جاءت بالتزامن مع تصريح لافت لمسؤول إيراني، قال فيه إنه لا يمكن أن يحل السلام في اليمن وتبدأ المفاوضات قبل تسليم مأرب للحوثيين.

وبحسب موقع "خبر أونلاين" الإيراني، قال كمال خرازي، وزير الخارجية الأسبق، ورئيس المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية الإيرانية، إن ما وصفها بـ"حرية مأرب" ستكون مفتاح حل الأزمة اليمنية وسيكون فعالاً في بدء المفاوضات والمشاورات الإقليمية.

وكانت إيران قد توعدت بسقوط محافظة مأرب، ونشرت وكالة "مهر" الإيرانية في الثاني عشر من شهر أبريل الماضي (قبل شهر رمضان الفائت بيوم واحد)، خبراً تحت عنوان "لنصومن غداً في مأرب ولنفطرن بتمرها"، وذلك ضمن التحشيد الإيراني لدعم الحوثيين في هجومها ضد المحافظة.

وإلى جانب ما تنشره وسائل الإعلام الإيرانية من تحريض ضد مأرب اليمنية، فقد ظهر حسن إيرلو، سفير إيران لدى الحوثيين، في 18 فبراير (بعد أسبوعين من المعارك)، متحدثاً حول الموازين العسكرية في مأرب، والتي قال إنها أصبحت ترجح لجانب الحوثيين.

وإلى جانب ذلك حظيت هذه المعركة بدعمٍ من أذرع إيران في المنطقة، فقد دخل أمين عام "حزب الله" اللبناني حسن نصر الله على خط الحرب في اليمن في أكثر من خطاب له، وكان مما ذكره: إن "الحوثيين قادمون على نصر عظيم في مأرب ورسم معادلة جديدة"، إضافة إلى حديثٍ حكومي يمني رسمي عن مقتل عدد من عناصر حزب الله في معارك مأرب.

تواطؤ دولي

يتحدث الصحفي اليمني شاكر أحمد، عما يسميه بـ" تواطؤ دولي مع هجمات الحوثيين ليس على مأرب فقط ولكن حتى على جنوب السعودية".

ويرى أن المجتمع الدولي "ترك فرصاً كثيرة للحوثيين من أجل اقتحام مأرب، لكن محاولاتهم باءت بالفشل الذريع".

ويقول لـ"الخليج أونلاين"، إن المبادرة الحوثية بشأن مأرب، التي طرحت على الوفد العماني، تشير نقاطها المنشورة بشكل واضح إلى ذلك العجز، موضحاً: "تحاول السيطرة على مأرب بما عجزت عنه العمليات العسكرية".

وفيما يتعلق بالمجتمع الدولي وإمكانية الضغط على الحكومة اليمنية لتسليم مأرب للحوثيين، يرى أنه "على العكس فإن المجتمع الدولي عبر في الآونة الأخيرة عن رفضه للهجمات الحوثية على مأرب، وأشارت تصريحاته المتكررة إلى الوضع الإنساني بشأن النازحين".

إلا أنه بذات الوقت يعتقد أن هذه التصريحات القلقة "ليست مبعث الاطمئنان دائماً. يدرك المجتمع الدولي أن السلام في اليمن وتوقف الحرب لن يتحقق بدخول مليشيا الحوثي إلى مأرب".

ويضيف: "حتى المليشيا لا توفر مناسبة إلا وتعبر عن طموح أكبر للتوسع ولا يقف عند حد معين، حيث هناك من يتوقع أن ما بعد مأرب سيكون التوجه إلى المحافظات الجنوبية الغنية بالنفط، خاصة شبوة وحضرموت".

ويشير إلى وجود متغير آخر أيضاً في معركة مأرب، وهي مقاتلات التحالف التي قال إنها "حاضرة بقوة في غاراتها ودقة تصويباتها، وهو ما يعني أن خسارة مأرب ليس في مصلحة السعودية".

ويضيف : "الرياض تضغط في هذا الجانب. صحيح أنها تتواطأ في الجنوب مع نفوذ الإمارات وأدواتها ضد الحكومة الشرعية، وحتى مع الحوثيين في جبهات أخرى، لكن في مأرب الوضع مختلف، وربما تتخذها ورقة مساومة أمام الضغوط الدولية لمصلحتها".

ويتابع: "ما بدا من التصريحات الغربية الأخيرة ضد الحوثيين بشأن مأرب يوحي بأن صبره نفد بسبب محاولاتهم الفاشلة لاقتحام المدينة، وأنه يجب البحث عن صيغة أخرى للحلول".

أهمية مأرب للحوثي

كانت جماعة الحوثيين قد استعدت لمعركة مأرب أشهراً قبل شنها الهجوم، في فبراير 2021؛ فقد سبقه هجوم آخر لكنه أضعف مما يحدث حالياً، وكان في سبتمبر 2020.

ومأرب منطقة صحراوية غنية بالنفط وتبعد نحو 120 كيلومتراً شرقي العاصمة صنعاء، وتحتضن نحو مليوني نازح ممن فروا من مناطق سيطرة الحوثيين.

وتكتسب أهميتها الاقتصادية من احتياطاتها الوفيرة من النفط والغاز، ووفرة محاصيلها الزراعية، وبها محطة لتوليد الكهرباء، وعدد كبير من المواقع الأثرية، إضافة إلى رمزيتها بوصفها عاصمة سياسية تاريخية.

يبلغ إنتاج مأرب، حالياً، من الغاز المسال نحو 90% من إجمالي الاحتياجات التي تستهلكها السوق المحلية، وهو مصدر أساس للطاقة في الاستخدام المنزلي، وتنتج نحو 8% من البنزين والديزل وغيرهما من المشتقات النفطية.