الخليج أونلاين-
من جديد عادت قضية "البدون" في الكويت تطرح على الطاولة للنقاش وإمكانية إيجاد حلول جذرية لها، خاصة أنها تعنى بآلاف الأشخاص الذين يعيشون في البلاد بدون جنسية، ويواجهون أزمات متعددة، ويطالبون بحل لقضيتهم.
وجاء إحياء القضية من جديد عبر رئيس مجلس الأمة الكويتي، مرزوق الغانم، حين أعاد طرح الاقتراح بقانون بشأن المقيمين بصورة غير قانونية، والذي قدمه هو ومجموعة من النواب في أكتوبر عام 2019 بالفصل التشريعي الـ 15 لمجلس 2016.
ويتضمن اقتراح الغانم أن يطبق هذا القانون على "البدون" والمقيدين في الجهاز المركزي، ويعيد الجهاز كشوفاً بالحالات المستوفية للشروط والضوابط والمعايير المطلوبة للحصول عليها لاستصدار المرسوم اللازم بناء على عرض الوزير.
وأنشئ الجهاز المركزي لمعالجة أوضاع المقيمين بصورة غير قانونية (البدون) في نوفمبر 2010؛ بهدف حل مشكلتهم، ويعين أمير البلاد رئيساً له بدرجة وزير.
وحسب اقتراح الغانم يمنح المقيم في دولة الكويت الممتدة إقامته حتى تاريخ صدور هذا القانون، والذي يبرز خلال سنة من تاريخ العمل به، ما يؤكد انتماءه لجنسية محددة تصحيحاً لوضعه القانوني بما يتوافق وقانون الإقامة، إقامة مميزة في دولة الكويت (كفيل نفسه) لمدة 15 سنة قابلة للتجديد، وتشمل هذه الإقامة الزوجة والأولاد القصر.
ويقضي اقتراح الغانم بأن "يعامل المقيم الذي لم يصحح وضعه القانوني خلال المهلة المشار إليها في المادة (3) من هذا القانون معاملة الأجنبي المخالف للقانون، وتطبق عليه أحكام قانون الإقامة وغيرها من التشريعات ذات الصلة، ولا يتمتع بأي من المزايا المنصوص عليها في هذا القانون، كما لا يجوز منحه الجنسية الكويتية مستقبلاً".
عضو مجلس الأمة محمد العنزي أكد، في تغريدة له رداً على ما أعاد طرحه الغانم، أن "البدون" لو كانوا يعلمون جنسياتهم لأخرجوها للتخلص من المعاناة التي يعيشونها، والدليل أن بعضهم هاجر إلى أوروبا وحصلوا على جنسيات.
بدوره، أعلن عضو لجنة "غير محددي الجنسية" في مجلس الأمة، الصيفي مبارك الصيفي، رفضه لاقتراح الغانم بشأن البدون.
وأكد الصيفي، في تغريدة له، أن "معالجة قضية البدون تتطلب حلولاً إنسانية بالدرجة الأولى، لا اقتراحات عنصرية الغرض منها تكسب انتخابي على جراح وآلام إخواننا وأخواتنا البدون الذين ضحوا بعضهم بأرواحهم دفاعاً عن الكويت".
حلول مؤقتة
الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، عايد المناع، يؤكد أن ما طرحه الغانم من جديد حول قضية "البدون" يعد جيداً، ويحمل مجموعة من الإغراءات لهم، خاصة أنه يضمن لمن يعلن عن جنسيته إعطاءه إقامة لمدة 15 عاماً قابلة للتجديد.
وفي حديثه لـ"الخليج أونلاين" يقول المناع: "لن يلتفت البدون لما طرحه الغانم، لأن أكثرهم مضى على وجودهم أباً أو جداً 60 سنة على الأقل، وبقوا في الكويت مدة طويلة، ولن يستطيعوا تقديم هويتهم الأصلية، أو تستطيع الحكومة مواجهتهم في جنسياتهم".
وتحتاج قضية "البدون"، وفق المناع، إلى حل جذري ينهي معاناتهم، لكون الحلول المطروحة مؤقتة ولن تجدي نفعاً، خاصة أن لديهم إصراراً على أنهم كويتيون.
ومن الحلول التي قد تنهي قضية "البدون"، كما يوضح المناع، منحهم جنسيات عربية غنية، ولا سيما الإماراتية أو القطرية، خاصة أنه سبق أن فتحت أبوظبي المجال لهم للتجنيس قبل الغزو العراقي.
ويستبعد الكاتب الكويتي نجاح مجلس الأمة في طرح قانون يعالج قضية "البدون"؛ لأن "قانون الجنسية سيادي ولا يسمح لأحد التدخل به، ومن الممكن للمجلس طرح اقتراحات ولكنها غير ملزمة".
وفي حالة كان لدى الحكومة يقين ومعلومات كافية حول "البدون" فيجب عليها مواجهتهم بها، لذا يجب أن يكون الحل كويتياً يُفصَل فيه بين القانوني والإنساني، وفرز المستحقين وغير المستحقين، والحديث للمناع.
وثائق سفر
وبالتزامن مع إعادة طرح الغانم للقانون، كشف موقع مجلة "جلف ستايتس نيوزليتر" البريطانية عن أن لجنة تابعة لمجلس الأمة الكويتي (البرلمان) ناقشت قضايا "البدون" مؤخراً، بما يشمل إمكانية منحهم وثيقة سفر.
ونقل الموقع عن مصادره أن اللجنة، وهي معنية بقضايا "البدون"، ناقشت خلال اجتماع جرى في 12 سبتمبر الجاري، الحقوق المدنية لتلك الفئة.
وتضمنت المناقشات إمكانية منح البدون وثائق السفر حتى يتمكنوا من تلقي العلاج الطبي في الخارج.
ومصطلح البدون يطلق على من لم يحصلوا على جنسية الكويت منذ استقلالها عام 1961، ويوصفون، وفقاً لمواد القانون الكويتي، بـ"غير محددي الجنسية"؛ وتعود مشكلتهم إلى عدم تطبيق مواد قانون الجنسية الكويتي بعد الاستقلال وإهمال البعض التقدم بطلب الحصول على الجنسية الكويتية قديماً.
ووفقاً لتقرير صادر عام 2018 من منظمة "هيومن رايتس ووتش"، يبلغ عدد البدون في الكويت حوالي 100 ألف شخص، ونظراً لـ"عدم قانونية" إقامة البدون في الكويت فإنهم يحرمون من الحقوق التي يتمتع بها المواطن الكويتي.