سي جي ويرليمان - انسايد أرابيا - ترجمة الخليج الجديد-
في 1 أكتوبر/تشرين الأول، جرى افتتاح معرض"إكسبو 2020 دبي" بعد تأجيله لمدة عام بسبب جائحة فيروس "كورونا". وبما أن المعرض يستضيف العشرات من البلدان التي تقدم مشاريع مبتكرة في مجالات التكنولوجيا والفنون والثقافة، فمن المتوقع أن يستقبل المعرض ملايين السياح من جميع أنحاء العالم خلال الأشهر الستة المقبلة، مما يجعله أكبر فعالية منذ بدء انتشار الجائحة قبل نحو عامين.
وتأمل الإمارات بأن تثمر الـ7 مليار دولار التي أنفقتها لاستضافة الفعالية التي تجري مرة واحدة كل 5 سنوات. ومع ذلك، يبدو أن هذا الأمر لن يكون سهلا بالنظر إلى العديد من المؤشرات.
وتوقعت الإمارات تدفقا ضخما للسياح الصينيين كمكافأة على علاقات أبوظبي المتزايدة مع بكين، لكن قيود "كورونا" الأكثر تشددا في الصين (المفروضة على المواطنين العائدين من السفر) تجعل هذا الاحتمال ضعيفا.
وقال الباحث في معهد دول الخليج العربي في واشنطن "روبرت موجيلنيكي: "تستهدف الإمارات استقبال 25 مليون زائر لكن يبدو هذا الهدف صعبا للغاية في ظل الظروف الحالية".
وجاءت الضربة الثانية من قرار البرلمان الأوروبي مقاطعة "إكسبو 2020 دبي" ودعوة للشركات الدولية الراعية لهذا الحدث العالمي للانسحاب بسبب المخاوف المتعلقة بسجل حقوق الإنسان المروع في الإمارات، لا سيما تجاه الناشطين والصحفيين والأكاديميين والمحامين.
وقال "سنجيف بيري"، المدير التنفيذي لمنظمة "فريدوم فوروارد" التي تقود جهود المقاطعة: "لقد اتخذ البرلمان الأوروبي موقفا قويا اليوم ضد الديكتاتوريين الوحشيين في دبي، فقد شارك النظام الإماراتي في سلسلة من انتهاكات حقوق الإنسان بما في ذلك الانتهاكات واسعة النطاق وجرائم الحرب في اليمن، كما ينظّم إكسبو دبي عضو في الأسرة الحاكمة اتُّهم هو نفسه بالاغتصاب".
التضييق على الصحفيين
طالب البرلمان الأوروبي بالإفراج السريع عن ناشطي حقوق الإنسان الذين سجنوا بسبب انتقاد الحكومة الإماراتية والذين ظل الكثير منهم في السجن لنحو 10 سنوات.
ولم تجد هذه المناشدات آذانًا صماء فحسب، بل إن الحكومة الإماراتية ضاعفت سلوكها الإجرامي من خلال مضايقة وتهديد الصحفيين الأجانب الموجودين في دبي لتغطية "إكسبو 2020".
ووفقا لشبكة "ABC News"، فقد حاول المسؤولون الإماراتيون مرارا إجبار الصحفيين الأجانب على التوقيع على نماذج تقضي بتحويلهم لمحاكمة جنائية في حال عدم اتباع التعليمات".
وبعبارة أخرى، فحتى عندما تقوم الإمارات بفتح أبوابها للسائحين من جميع أنحاء العالم، فإنها تهدد أيضا بغلق باب السجن على أولئك الذين يمارسون حرية التعبير.
وليس من المستغرب إذن أن تنال الإمارات المرتبة 131 من بين 180 دولة فيما يتعلق بمؤشر حرية الصحافة العالمي الأخير. وتم إرفاق هذا التصنيف بملاحظة تقول أنه "غالبا ما تتحول انتقادات الصحفيين أو المدونين إلى تهم بالتشهير ليواجهوا عقوبات سجن طويلة وفقا للقوانين التي تم هندستها ضد من يعتبرهم النظام يهينون الدولة أو يضرون بسمعة البلاد".
ويشير ذلك إلى التناقض الإماراتي. ففي حين تروج لنفسها أمام المجتمع الدولي على أنها منفتحة وحرة، فإن النظام يدير البلاد بشكل منغلق.
بين الدعاية والقمع
يرغب ولي عهد أبوظبي "محمد بن زايد" في التسويق للإمارات كبوابة للشرق الأوسط وأوروبا وآسيا، لكن يعرقل ذلك البارانويا المتزايدة لديه نحو أعدائه المُتصوَّرين أو المتخيَّلين والذين ظهر معظمهم في ذهنه فقط منذ الربيع العربي في 2011. وتجتمع هذه البارانويا مع حكمه القمعي الاستبدادي.
وذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" في افتتاحيتها التي عنونتها بـ"رؤية محمد بن زايد المظلمة لمستقبل الشرق الأوسط" أن "بن زايد بالكاد يميز بين الجماعات الإسلامية، وهو يصر على أنهم جميعهم يشتركون في نفس الهدف؛ وهو السعي لخليفة واستبدال الدستور بالقرآن".
وأضافت الافتتاحية: "يبدو أنه يعتقد أن الخيارات الوحيدة في الشرق الأوسط هي أنظمة أكثر قمعية وإلا حدثت كوارث، إنها توقعات هوبزية، ولا شك أن دافعها هو المصلحة الذاتية" (في إشارة لأفكار الفيلسوف توماس هوبز).
لهذه الأسباب، ساعد "بن زايد" على الإطاحة بالحكومة المصرية المنتخبة ديمقراطيا في انقلاب دموي عام 2013؛ وتحدى حظرا للأمم المتحدة عن طريق تسليح ودعم القوات المناهضة للحكومة في ليبيا؛ كما غزا واحتل اليمن تحت ذريعة محاربة ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران؛ وانضم إلى الحرب ضد تظيم "الشباب" في الصومال جنبا إلى جنب مع الحصار الذي قادته السعودية ضد قطر.
ولهذا السبب أيضًا شن "بن زايد" حملة قمع ضد أي شخص ينتقده أو ينتقد الدولة الإماراتية، بما في ذلك الصحفيين المحليين والأجانب، الذين يعملون على تغطية "إكسبو دبي 2020".
ومن المقلق أن هناك مؤسسات إعلامية دولية متواطئة في دعم تهديدات الإمارات، وقد اتهمت منظمة "فريدوم فوروارد" شبكة "سي إن إن" بلعب دور في دعم أجندة العلاقات العامة للدكتاتورية" بسبب رفضها الكشف عما إذا كانت الحكومة الإماراتية تدفع لهم لتغطية المعرض.
وقال موقع "ريسبونسبل ستيتكرافت" المملوك لمعهد "كوينسي": "الغموض حول دور سي إن إن في تغطية المعرض، مع السجل الحافل في إنتاج محتوى ترويجي للإمارات يطرح أسئلة أخلاقية وقانونية".
ومع رؤية مثل هذا المحتوى الداعم لدبي، يتبين لنا سبب استمرار الإمارات في تقديم نفسها للعالم كدولة تقدمية ومنفتحة، فيما تقمع مواطنيها والمقيمين فيها تحت قوانين وقيود متشددة.
وهكذا؛ فإن "إكسبو دبي 2020" مثال آخر يظهر التناقض الإماراتي ولكن يبدو أن الدعاية التي تقوم بها أبوظبي لا تخدع الجميع.