روث ميشالسون | الجارديان - ترجمة الخليج الجديد-
حققت الإمارات انتصارًا كبيرًا على صعيد القوة الناعمة ومحاولاتها لإضفاء الشرعية على أساليبها البوليسية بعد انتخاب اللواء "أحمد ناصر الريسي" رئيسًا لمنظمة الشرطة الجنائية الدولية "الإنتربول"، ما سبب صدمة للمدافعين عن حقوق الإنسان.
ويرتبط ترقّي "الريسي" في صفوف وزارة الداخلية في أبوظبي بتحول الإمارات إلى المراقبة عالية التقنية. وتشمل إنجازاته الشخصية دبلوما في إدارة الشرطة من جامعة كامبريدج، ودكتوراه في الشرطة والأمن والسلامة المجتمعية من جامعة متروبوليتان لندن، وميدالية شرف من إيطاليا.
وظل "الريسي" (الذي غالبًا ما تلتقط صوره وهو يبتسم) لفترة طويلة مفتشًا عامًا في وزارة الداخلية الإماراتية ومشرفا على مراكز الاحتجاز، ويتهمه عدة محتجزين سابقين بإعطاء الضوء الأخضر للانتهاكات بحقهم، بما في ذلك التعذيب.
ضوء أخضر للدول المنتهكة
وقال "ماثيو هيدجز"، الأكاديمي البريطاني والخبير في شؤون الإمارات والذي احتجز هناك لمدة 7 أشهر بتهمة التجسس: "يشرعن انتخاب الريسي دور وسلوك قوات الأمن في الإمارات".
وأضاف "هيدجز"، الذي نال عفوًا في النهاية، إن "الريسي" كان مسؤولا عن اعتقاله وأشرف أيضا على التعذيب الذي يقول إنه مر به خلال احتجازه.
ثم تابع قائلًا: "انتخاب الريسي يمثل ضوءا أخضر للدول القمعية لمواصلة انتهاك حقوق الإنسان والاستمرار في الممارسات غير القانونية".
وذكرت الإمارات سابقا أن "هيدجز" لم يخضع لأي سوء معاملة جسدية أو نفسية أثناء احتجازه، وأشادت وزارة الداخلية الإماراتية يوم الخميس بفوز "الريسي" باعتباره "اعترافًا بالدور الحيوي للإمارات في جميع أنحاء العالم".
وقالت: "الإمارات الآن على رأس هذه المنظمة الدولية التي تعمل في مجالات الأمن والشرطة وستبذل قصارى جهدها لجعل العالم مكانا أكثر أمانا".
وافتخر "الريسي" بالتحولات التكنولوجية التي عززت قدرات الشرطة في الإمارات. وأدت التغييرات التي أدخلها على الشرطة المحلية إلى جعل أبوظبي ودبي من أكثر المدن مراقبة في العالم.
وقد ترافق هذا الصعود في المراقبة مع حملة قمع للناشطين والمعارضين في الداخل، وقالت "هيومن رايتس ووتش": "أدت المراقبة الحكومية المكثفة إلى الرقابة الذاتية لدى السكان والمؤسسات الموجودة في الإمارات".
تجلٍ للقوة الناعمة الإماراتية
وقال "عبدالله العودة"، من منظمة "الديمقراطية للعالم العربي الآن" في واشنطن، إن الإمارات تطبق نهجا ذا شقين تجلى في فوز "الريسي" برئاسة الإنتربول، وهو "قمع كل صوت معارض بقسوة، وفي الوقت ذاته الاستثمار في جهود العلاقات العامة مثل اللوبيات والقوة الناعمة والرياضة والترفيه".
واعتبر "كريستوفر إم ديفيدسون"، وهو مؤلف كتاب عن الحوكمة في الشرق الأوسط، "الريسي" مثالًا على "الأفراد الذين ساهموا في إنجاح الحملات الحكومية ضد الفساد"، وقد تضمنت هذه الحملات في بعض الأحيان القبض على الأثرياء والنقاد مثل المستشار السابق للعائلة المالكة ورجل الأعمال "خادم القبيسي" الذي يحتجز حاليًا في سجن الوثبة. ويقبع في نفس السجن (الذي أشرف عليه الريسي) المدافع عن حقوق الإنسان "أحمد منصور".
وقال "رياض إبراهيم"، الذي قضى أكثر من عام في السجن، إنه تعرض للتعذيب، مضيفًا: "لا يوجد تطبيق لسيادة القانون في الإمارات فالناس يتعرضون للاضطهاد على جرائم لم ترتكب"، وأضاف أنه شعر بالفزع بسبب فوز "الريسي" في انتخابات الانتربول.
أما "ديفيدسون" فقد قال إن الإمارات تستخدم ثروتها ومواردها لشراء طرق مختصرة لبناء السمعة على الساحة الدولية.
وقال "جليل هرشاوي" من منظمة "المبادرة العالمية لمكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود" ومقرها جنيف إن انتخاب "الريسي" سلط الضوء على الصراع بين الدول الليبرالية وغير الليبرالية داخل المؤسسات الدولية مثل الإنتربول، وكان انتصارا للبلدان المعادية للديمقراطية.
وأضاف: "بفضل استخدامها الممتاز للقوة الناعمة، تروج أبوظبي لنفسها كدولة حديثة وصديقة يمكن لجميع الديمقراطيات الغربية الكبيرة أن تعتمد عليها. ولكن الحقيقة أن النظام الإماراتي أشبه ما يكون بنظام الحكم في الصين الذي يعادي الليبرالية ومبادئها الرئيسية".