بن كاسبيت - المونيتور - ترجمة الخليج الجديد-
قال مسؤول إسرائيلي إن الإماراتيين يعيشون صدمة عميقة بعد هجمات الحوثيين، مشيرا إلى أن الإماراتيين تمكنوا من اعتراض 3 من الطائرات المسيرة الـ5 والتي كان من المفترض أن تضرب إحداها متحف اللوفر في أبوظبي والأخرى هدفًا استراتيجيًا آخر. وأضاف: "بالرغم أن 3 أشخاص قتلوا وتم تدمير العديد من صهاريج الوقود، فقد تم تجنب كارثة أكبر بمعجزة".
في غضون ذلك، تشعر إسرائيل بالدهشة من عدم مبالاة العالم بالضربة غير المسبوقة، حيث قال وزير إسرائيلي كبير لموقع "مونيتور" شريطة عدم الكشف عن هويته: "يعرف الجميع من يقف وراء هذا الهجوم، ويعرف الجميع أن الحوثيين لا يمكن أن ينفذوا مثل هذا الهجوم من تلقاء أنفسهم، ويعرف الجميع أن الأسلحة المستخدمة كانت إيرانية، ومع ذلك فإن مفاوضات فيينا مستمرة كالمعتاد، والجميع يتصرف كالمعتاد"، معتبرا أن أن "الإيرانيين يتجاهلون الجميع وتزداد جرأتهم كل يوم".
وفضلا عن الإمارات والسعودية، يبدو أن إسرائيل هي الدولة الأكثر قلقًا من الهجوم الحوثي، حيث عقد كبار المسؤولين العسكريين والدفاعيين مشاورات طويلة حول الضربة، وحللوا الجوانب العملياتية والتداعيات، وتحدث رئيس الوزراء "نفتالي بينيت" مع ولي عهد أبوظبي "محمد بن زايد" وأرسل له رسالة رسمية تعرض المساعدة الإسرائيلية.
رخصة لإيران
وليس الهجوم نفسه هو ما يقلق إسرائيل بشدة، بالنظر إلى أن إسرائيل مجهزة بشكل جيد لاعتراض تلك الصواريخ والطائرات المسيرة، وقد فعلت ذلك في الماضي، ولكن ما يخيف إسرائيل هي اللامبالاة الواضحة التي يبديها العالم، والتي يصفها كبار المسؤولين بأنها استهتار.
وقال الوزير الإسرائيلي: "إيران تُمنح رخصة للقتل، إنهم يستمرون في التصعيد ولا يرون ردا من أحد، لقد بدأ ذلك بعدم الاستجابة الأمريكية لهجوم الطائرات المسيرة على قاعدة التنف" (في إشارة للهجوم على قاعدة التنف التي تستضيف القوات الأمريكية في سوريا في أكتوبر/تشرين الأول 2021).
وأضاف: "لم يعد الإيرانيون يخشون أي أحد حاليا.. الدولة الوحيدة التي تنتقم منهم بالضربات ويخشونها هي إسرائيل.. لقد فقدت الولايات المتحدة ردعها بشكل كامل وسيزداد الأمر سوءا.. والإيرانيون يحاولون الآن تجاوز العقوبات" (في إشارة إلى زيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى موسكو مؤخرًا، والمناقشات الجارية حول فك تجميد المليارات من الأصول الإيرانية من قبل كوريا الجنوبية).
وقال الوزير: "لا يمكننا حتى تخيل مدى الجرأة التي سيصل لها الإرهاب الإيراني بمجرد أن يضعوا أيديهم على جبال الأموال".
الإمارات مكشوفة
وقالت مصادر دبلوماسية غربية إن الإماراتيين ذهلوا من ضربة الحوثيين وعزموا على الانتقام بالوسائل الهجومية المتطورة التي يمتلكونها، لكن ما يعيقهم هو عدم كفاية دفاعاتهم لمواجهة الصواريخ الدقيقة والطائرات المسيرة.
ولدى سؤالهم عما إذا كانت إسرائيل ستزود الإمارات بنظام القبة الحديدية، قالت المصادر: "ليس الأمر أننا لا نريد ذلك، ولكن السؤال هو ما إذا كان يمكننا فعل ذلك بسرعة، لأن هذه العملية معقدة وتنطوي على وقت للإنتاج وكذلك الحصول على إذن أمريكي، ولا يمكن أن يحدث ذلك بين عشية وضحاها. لا توجد وسيلة لجعل الإمارات محصنة ضد هذه الأنواع من الهجمات في غضون فترة زمنية قصيرة، إنها عملية تستغرق وقتًا. لكن في نهاية المطاف سنرى القبة الحديدية ووسائل اعتراض أخرى في الإمارات لكنها مسألة وقت فقط".
أما إسرائيل فهي تأخذ هجوم الحوثيين على حليفتها الخليجية بشكل شخصي تقريبا وتقدم المساعدة بكل شكل ممكن.
وعندما سمعت إسرائيل أن "بن زايد" يخطط لإرسال مستشاره للأمن القومي لإيران عشية زيارة "بينيت" في منتصف ديسمبر/كانون الأول إلى أبوظبي، قررت عدم اعتراض القرار أو حتى التعليق عليه. وقال مسؤول أمني إسرائيلي كبير لموقع "مونيتور" شريطة عدم الكشف عن هويته: "نحن ندرك موقفهم، إنهم مكشوفون تماما؛ فهم جيران إيران. إنهم يفهمون أن الولايات المتحدة تتراجع وأن الوضع يصبح معقدًا، ويريدون اللعب على كلا الجانبين، لم يكن لدينا مشكلة في ذلك، كان بإمكاننا إلغاء زيارة بينيت أو الاعتراض، لكن بينيت قرر تفهم القيود التي عليهم، وقدّر الإماراتيون ذلك بشدة.
واستدرك قائلا: "لكن الهجوم الأخير يدل على أن هذا النهج لن ينجح، فلاا أحد يستطيع الاصطفاف مع الجميع في الشرق الأوسط، إما أن تكون في صف إيران أو ضدها، والجميع يتعلمون هذا الآن ولكن بشكل مكلف وطرق صعبة".
وقال مصدر دبلوماسي إسرائيلي كبير شريطة عدم الكشف عن هويته إن السياسة الأمريكية هي أكبر مشكلة تراها إسرائيل الآن، وأضاف: "نحن -أعني الإمارات والعديد من الآخرين في المنطقة- ذهلنا عندما قررت إدارة بايدن إزالة الحوثيين من القائمة الأمريكية للمنظمات الإرهابية. ونعلم أن الأمريكيين يعيدون النظر في هذا القرار الآن، وفي الواقع هذا هو الوقت المناسب، ولكن من السئ أنهم تعلموا ذلك بالطريقة الصعبة".
وفي زيارة "بينيت" إلى الإمارات، اتفق الجانبان على أن البيانات الرسمية وملخصات الاجتماعات ستتعمد عدم ذكر إيران. واعترف المصدر الدبلوماسي الكبير بأنه "لم نرغب في إحراجهم، لقد فهمنا أنهم كانوا قلقين بشأن التقدم في مفاوضات فيينا وأرادوا الدخول في نوع من الانفراجة مع طهران".
مجرد بداية
تراقب إسرائيل عن كثب التطورات في الخليج وتستثمر جهودًا استخباراتية كبيرة هناك، وقال الدبلوماسي الرفيع: "حتى وقت قريب، كان الإماراتيون أقل اهتماما بالحصول على مقاتلات إف-35 وأكثر اهتماما بإقامة علاقات تجارية جيدة مع الجميع، بما في ذلك إيران. ولدى الإمارات وإيران الكثير من المصالح التجارية، لكنهم يدركون الآن أن الأمن القومي يأتي قبل العلاقات التجارية. وسيكون من المثير للإهتمام أن نرى إلى أين سيصل الأمر".
لكن، ما الذي دفع إيران إلى أن تصدر أمرًا بالهجوم على أبوظبي؛ إن كان الأمر قد جاء بالفعل من طهران؟ يرى المسؤول الأمني الاسرائيلي الكبير أن "الأمر بسيط" وفق تعبيره، حيث قال: "أصبح الإيرانيون أكثر ثقة ويرسلون رسائل بأنهم مستمرون في نهجهم ولن يردعهم أحد، وللأسف فإن إيران هي الطرف الوحيد الذي يتصرف كأنه قوة عالمية في محادثات فيينا، ويرفضون فكرة أنهم في وضع أدنى، ويحاولون إظهار أن اقتصاد المقاومة الخاص بهم ينجح واستغلال الموقف بأكبر قدر ممكن".
ووفقا لمسؤولي الأمن الإسرائيليين، فإن هذه مجرد بداية للمشاكل التي يمكن أن تواجهها الإمارات على يد إيران، حيث قال المسؤول الأمنيالإسرائيلي الكبير: "الهدف التالي سيكون برج خليفة، لقد نشر الحوثيون مقاطع تظهر برج خليفة وهو يشتعل، والرسالة واضحة، نحن نعلم الآن أن لديهم القدرة على القيام بذلك وتدمير أبرز رمز لدى الإمارات إذا أرادوا ذلك، ويمكن أن يؤدي ذلك إلى اشتعال المنطقة بأكملها.. الخطر لم ينته بعد، بل بالكاد بدأ، ولا أحد يستجيب".
وختم بالقول: "إسرائيل هي الدولة الوحيدة في العالم التي لديها استعداد على اتخاذ إجراءات حقيقية لتقويض النشاط الإيراني في المنطقة، وهذا مؤسف".