متابعات-
"لا تعودوا إلى المملكة".. هكذا نصح مكتب التحقيقات الفدرالي الأمريكي، عددا من السعوديين المعارضين، خوفا عليهم من تصعيد النظام السعودي للقمع في ظل حاكمها الفعلي ولي العهد الأمير "محمد بن سلمان".
كشف ذلك تقرير أجرته وكالة "أسوشيتدبرس" الأمريكية، مع سعوديين مقيميين في الولايات المتحدة، لافتين إلى أن ما تضمنته هذه النصائح جاء بسبب مخاوف أو شكوك بشأن مطاردتهم.
وقال بعض هؤلاء السعوديين، إن عملاء مكتب التحقيقات الفدرالي نصحوهم بعدم العودة إلى ديارهم، أو حتى دخول السفارة السعودية.
وقال اثنان، إن عملاء مكتب التحقيقات أبلغوهما بأنهما مدرجان على قائمة سعودية للانتقام.
وذكرت "أسوشيتدبرس"، أن السعودية سجنت عضوا في العائلة المالكة، كان عائدا من الولايات المتحدة بسبب مكالمات هاتفية ناقش فيها سجن ابن عمه بالرياض.
ويقيم الأمير "عبدالله بن فيصل آل سعود"، وهو طالب دراسات عليا في جامعة نورث إيسترن ببوسطن، حيث يقول أصدقاؤه إنه نادرا ما ذكر أنه كان عضوا في العائلة المالكة السعودية.
وحسب المصدر، فإنه كان متجنبا للحديث عن السياسة السعودية، وكان يركز على دراسته وخططه المهنية وحبه لكرة القدم.
ولكن بعد أن سُجن ابن عمه، وهو أمير في العائلة المالكة أيضا في السعودية، ناقش الأمير "عبدالله" الأمر مع أقاربه في مكالمات أُجريت من الولايات المتحدة، وفقا لمسؤولين سعوديين كانوا يستمعون بطريقة ما.
في رحلة العودة إلى السعودية، سُجن الأمير "عبدالله" بسبب تلك المكالمات، ورفعت عقوبته من 20 إلى 30 عاما سجنا، خلال أغسطس/آب الماضي.
وينتمي الأمير "عبدالله" (31 عاما)، إلى أحد فروع العائلة المالكة الأكثر استهدافا بالاعتقالات، باعتبارهم منتقدين أو منافسين، منذ أن عزز ولي العهد سلطته في عهد والده الملك "سلمان"، حسبما ذكرت "أسوشيتد برس".
ونفت السفارة السعودية لدى واشنطن، الثلاثاء، أي مزاعم تتحدث عن استهداف المملكة مواطنيها المعارضين في الخارج.
وردا على استفسار الوكالة، قالت السفارة السعودية "إن الفكرة القائلة بأن الحكومة السعودية - أو أي من مؤسساتها - تضايق مواطنيها في الخارج هي فكرة غير معقولة".
من جانبها، قالت وزارة الخارجية الأمريكية إنها تبحث في قضية "عبدالله بن فيصل".
وفي رسالة بالبريد الإلكتروني، وصفت "القمع العابر للحدود" بشكل عام بأنه "قضية ذات أهمية كبيرة لحقوق الإنسان والأمن القومي".
وقالت إنها ستواصل متابعة المساءلة.
ولم ترد الوزارة بشكل مباشر على أي أسئلة بشأن تصرفات السعودية، وامتنع مكتب التحقيقات الفدرالي عن التعليق.
وتزعم وثائق المحكمة السعودية، أن الأمير "عبدالله" استخدم تطبيق "سيجنال" على هاتفه المحمول في بوسطن للتحدث إلى والدته وأقارب آخرين بشأن ابن عمه الذي سجنه "بن سلمان"، واستخدم هاتفا عاما في بوسطن للتحدث إلى محامٍ بشأن القضية.
ويقولون إن الأمير "عبدالله" أقر بإرسال نحو 9 آلاف يورو (9 آلاف دولار) لدفع فواتير شقة ابن عمه في باريس.
وتراقب العديد من "الحكومات الاستبدادية" وتضرب بشكل غير قانوني مواطنيها بالولايات المتحدة في كثير من الأحيان فيما يسمى "القمع العابر للحدود" كما تقول الوكالة. وتشمل العديد من القضايا التي تحاكمها الولايات المتحدة دول منافسة، منها الصين.
لكن تصرفات السعودية في عهد الأمير "محمد بن سلمان" تبرز في الكثافة والضراوة والتنسيق واستخدام التقنية المتقدمة، حيث إن ذلك يأتي من شريك استراتيجي لواشنطن.
وتقول فريدوم هاوس، وهي منظمة غير حكومية مقرها الولايات المتحدة، تدعم وتجري البحوث بشأن الديمقراطية والحرية السياسية وحقوق الإنسان، إن السعودية استهدفت النقاد في 14 دولة، بما في ذلك الاستهداف المنسق، يدار من الولايات المتحدة.
وتقول المنظمة إن الهدف هو التجسس على السعوديين وترهيبهم أو إجبارهم على العودة إلى المملكة.
وقال "نيت شينكان" من المنظمة عن الاعتقالات الأخيرة للسعوديين المقيمين في الغرب: "إنه أمر مزعج ومرعب وانتهاك كبير لحرية التعبير".
وسبق أن بعث معارضون مقيمون في الخارج، رسائل إلى الرئيس الأمريكي والبيت الأبيض، للمطالبة بالإنصات إليهم، محذرين من الحكم الاستبدادي في المملكة والقمع الذي تشهده الدولة الخليجية.
والعام الماضي، انتقدت منظمة "العفو الدولية"، ملاحقة السعودية لمعارضيها في الخارج، داعية واشنطن إلى استخدام نفوذها للضغط من أجل تحسينات ملموسة في حالة حقوق الإنسان في السعودية.
وأشارت إلى قيام عملاء سعوديين بقتل وتقطيع الصحفي "جمال خاشقجي" المقيم في فرجينيا بوحشية في قنصلية إسطنبول في أكتوبر/تشرين أول 2018.
ولاحقا، ألقى تقرير رفعت عنه السرية من مكتب مدير المخابرات الوطنية (ODNI) اللوم على ولي العهد السعودي، لكن فشلت الولايات المتحدة في اتخاذ إجراءات ضده ولم يواجه أي مساءلة عن هذا العمل المروع.