محمد أبو رزق - الخليج أونلاين-
من جديد عادت قضية "البدون" في الكويت إلى السطح، وسط مطالبات بإلغاء الجهاز المركزي لمعالجة أوضاع المقيمين بصورة غير قانونية، خاصة مع الذكرى الـ12 لتأسيسه، في حين يرى آخرون أن مطالبات حله تعد حرفاً لمسار إصلاح أوضاع تلك الفئة.
وجاءت مطالبات حل الجهاز الذي أنشئ في نوفمبر 2010 بهدف حل مشكلة "البدون"، مع توجيه اتهامات له بعدم حل العديد من قضايا أفراد هذه الفئة، الذين تعتبرهم الكويت غير مواطنين ولا يحملون جنسية أي بلد.
وبدأ تفعيل القضية من جديد بعد مطالبة رئيس جمعية المحامين الكويتية، شريان الشريان، رئيس الحكومة بتمكين فئة المقيمين بصورة غير قانونية من التقاضي دون اشتراطات صلاحية البطاقة.
ورد الجهاز المركزي على مطالبات الشريان بتأكيده أنه تم الاتفاق مع جمعية المحامين والهيئة على آلية تمكين من انتهت بطاقتهم من حق التقاضي عبر مصادقة الجهاز على أي شهادة توكيل صادرة من مكتب محاماة.
كما جاءت المطالبات بإلغاء الجهاز من قبل عدة منظمات؛ أبرزها الحركة التقدمية الكويتية، وحركة العمل الشعبي "حشد"، وحزب المحافظين المدني، ومنصة الدفاع عن بدون الكويت، والتجمع العمالي، واتحاد الشباب الديمقراطي الكويتي، وقائمة الوسط الديمقراطي – جامعة الكويت، واللجنة الكويتية للسلم والتضامن، ونقابة العاملين بشركة نفط الكويت، واتحاد عمال البترول وصناعة البتروكيماويات، والقائمة المستقلة في كلية الحقوق – جامعة الكويت، وقائمة الوسط الديمقراطي – جامعة الخليج للعلوم والتكنولوجيا.
وردناً على تلك المطالب أكدت النائبة عالية الخالد أن إلغاء جهاز المقيمين بصورة غير قانونية يعد انحرافاً عن مسار الإصلاح.
وقالت الخالد في تصريح لها (الأحد 6 نوفمبر الجاري): إن "قضية المقيمين بصورة غير قانونية هي قضية قديمة وليست وليدة اللحظة، وإهمال معالجتها في السابق، منذ أكثر من 60 عاماً، أدى إلى تفاقمها اليوم حتى وصلت إلى ما هي عليه، إلا أن ذلك لا يبرر الإبقاء على حالة الإهمال في المعالجة، وفي نفس الوقت لا يمكن معه قبول عرقلة وإعاقة كل جهد إصلاحي وجاد لإغلاق هذا الملف السيادي والأمني".
وبينت أن "ما يتم تداوله من صياغة قانون تبنّته جمعية المحامين نيابة عن مجموعة من الأشخاص هو خلط بين الفئات التي سبق أن تم فرزها وفق شرائح ترتبط بتاريخ الوجود في الكويت ومحاولة لإعادة المشكلة من نقطة المعالجة الحقيقية إلى نقطة البداية، وولادة المشكلة قبل 6 عقود".
وينحدر البدون أو عديمو الجنسية من أصول ومذاهب متباينة، ويعيشون في الكويت منذ ما يقارب نصف قرن، ويقولون إنهم كويتيون، لكن السلطات لا تعترف بهم، وترفض منحهم حق المواطنة.
ويعيش في الكويت 105 آلاف من فئة البدون، مقارنة بـ220 ألفاً قبل غزو الكويت عام 1990، بحسب إحصائيات الجهاز المركزي عام 2012.
ضرورة قانونية
الكاتب والباحث السياسي الكويتي عبد العزيز سلطان، يؤكد أنه في الفترة الأخيرة زادت الأصوات والمطالبات وتعالت بشكل كبير بحل الجهاز المركزي لمعالجة أوضاع المقيمين من قبل أشخاص "يعتقدون أن لديهم الأغلبية التي تضغط على رئيس الحكومة لإلغاء الجهاز".
ويقول سلطان في حديثه لـ"الخليج أونلاين": "الجهاز المركزي يعد مهماً لدولة الكويتية؛ لكونه يسجل من دخل البلاد بعد الغزو العراقي، وفتح الحدود ودخل الكثير من الأشخاص للكويت".
وأضاف سلطان: "يوجد 100 ألف شخص دخلوا الكويت عند حدوث حالة الفوضى مع الغزو، وبعد التحرير أغلقت الحدود وبقي هؤلاء في البلاد، وأصبحت بالبلاد مشكلة أنهم أشخاص بدون أوراق".
ويوضح أن هناك الآلاف من أبناء البدون لا يملكون بطاقة الهوية، لذلك شكلت الدولة الكويتية الجهاز لحصر هؤلاء، وقدموا لهم بطاقات غير محددة الهوية، وبدأت البحث في أصولهم.
وبين أن بعض أعضاء مجلس الأمة يحاولون تجنيس العدد الكبير من أبناء "البدون"، ولكن ذلك "خطر كبير على الكويت، خاصة على التركيبة السكانية، وإلغاء الجهاز المركزي سيتسبب في حالة ضغط بالشارع الكويتي ضد ذلك".
ويشير إلى أن الكثير من الكويتيين يرفضون إلغاء الجهاز المركزي؛ "لأنه يحافظ على هوية الكويتيين. وضم الجهاز إلى وزارة الداخلية، وتغيير رئيسه، من الممكن أن يكون حلاً وسطاً، ويرضي الجميع".
إجراءات جديدة
ورغم المطالبات بحل الجهاز المركزي لمعالجة أوضاع المقيمين بصورة غير قانونية فإنه يواصل العمل على حماية حقوق "البدون"، حيث أعلن تعديل أوضاع 18427 شخصاً منذ 2011 حتى نهاية سبتمبر 2022.
وأفاد مدير إدارة تعديل الأوضاع في الجهاز العميد محمد الوهيب، في تصريح لوكالة الأنباء الكويتية (كونا)، في أكتوبر الماضي، بأن 9372 شخصاً من المقيمين بصورة غير قانونية أنهوا إجراءات تعديل أوضاعهم في جميع أجهزة الدولة، وحصلوا على إقامات قانونية في البلاد.
وبين أن إدارات الجهاز المختلفة قامت بالاستدلال على جنسيات 9055 شخصاً آخرين بوثائق مؤكدة وقرائن صحيحة تخص الأب أو الجد أو الشخص نفسه، وأبلغ الجهاز المعنيين بها، وتجري متابعة إجراءات تعديل أوضاعهم.
وإلى جانب تلك الخطوات، أعلن الجهاز بدء استقبال طلبات تجديد بطاقات المراجعة إلكترونياً عبر موقع الجهاز والاستعلام عن جاهزيتها، وذلك تسهيلاً على هذه الفئة.
وقال الجهاز في بيان نشرته وكالة الأنباء الكويتية (كونا)، في نهاية أكتوبر الماضي، إنه أطلق في فبراير الماضي، خدمة تجديد بطاقات الضمان الصحي والاستعلام عن جاهزيتها إلكترونياً، إضافة إلى الخدمات الإلكترونية الأخرى، ومنها خدمة إصدار الشهادات والوثائق (وثيقة زواج ووثيقة طلاق وحصر ورثة) والاستعلام عن جاهزيتها.
وتهدف تلك الخدمة، وفق الجهاز، إلى تسهيل وإنجاز معاملات المقيمين بصورة غير قانونية وتسريع وتيرة إصدار الوثائق.
أيضاً أعلن مدير عام الهيئة العامة للقوى العاملة في الكويت، أحمد الموسى، إطلاق البلاد منصة "تيسير" الإلكترونية؛ بهدف تعيين المقيمين بصورة غير قانونية "البدون" بدلاً من العمالة الوافدة في القطاع الخاص.
وتهدف المنصة، وفق تأكيد الموسى خلال تصريح له، في مايو الماضي، إلى تسجيل الباحثين عن عمل بالقطاع الخاص لفئة المقيمين بصورة غير قانونية، بالتنسيق مع الجهاز المركزي لمعالجة أوضاعهم.