يوسف حمود - الخليج أونلاين-
يعتبر "تسليم المجرمين" نظاماً في علاقات الدول يتم بمقتضاه التخلي عن شخص موجود على إقليمها إلى دولة أخرى لتتم محاكمته أو تنفيذ عقوبة صادرة بحقه، وهو نظام يتم الاتفاق عليه بين مجموعة من الدول متحدة، أو بين دولة وأخرى.
وتبرز في قائمة أنظمة تسليم "المجرمين" اتفاقية عربية موحدة ضمن جامعة الدول العربية، غير أن الأزمات التي ضربت عدداً منها خلال السنوات الماضية، لم تساهم في تفعيل هذا الاتفاق إلا في حالات نادرة، كما حدث مؤخراً عند تسليم الأردن معارضاً إماراتياً إلى بلاده حكم عليه سابقاً بالسجن 15 عاماً.
وإلى جانب ذلك، فإن دول الخليج كمجموعة موحدة، طرحت ضمن أهدافها وقراراتها نظاماً لتسليم المتهمين ومن حكم عليه قضائياً، واعتبار كل مواطن خليجي تسري عليه الأنظمة الموحدة للمجلس.
تسليم مطلوب للإمارات
في الـ17 من مايو 2023، أعلنت الإمارات، رسمياً، تسلمها مواطناً مطلوباً لديها وصفته بـ"الإرهابي"؛ على خلفية "إنشاء وتأسيس تنظيم يتبع جماعة الإخوان المسلمين".
وكالة الأنباء الإماراتية "وام" أشارت، في خبر نشرته، إلى أن أبوظبي تسلمت من السلطات الأردنية "خلف عبد الرحمن حميد الرميثي، الذي صدر بحقه حكم من المحكمة الاتحادية العليا عام 2013 وآخرين في القضية رقم 2012/79".
وأشارت إلى أن المحكمة قضت غيابياً بسجنه مدة 15 عاماً بـ"تهمة إنشاء وتأسيس تنظيم سري يتبع جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية، والذي يهدف إلى مناهضة المبادئ الأساسية التي يقوم عليها نظام الحكم في دولة الإمارات العربية المتحدة".
ولفتت إلى أن إجراءات تسليمه "قد جرت وفقاً لأمر القبض الصادر بحقه، والاتفاقيات المبرمة بشأن التعاون القانوني والقضائي لمجلس وزراء الداخلية العرب المعنية بملاحقة المجرمين الفارين من العدالة الجنائية في الدول العربية".
الرميثي، الذي يحمل جنسية تركية، كان قد اعتقل في مطار الملكة علياء الدولي بعمّان، في الـ 7 من الشهر ذاته، لدى وصوله من تركيا، وأفرج عنه بكفالة في وقت لاحق من ذلك اليوم، قبل أن يعاد اعتقاله مرة أخرى في اليوم التالي، وأخفي مكان احتجازه بعد يوم آخر، قبل أن يتم تسليمه للإمارات (11 مايو)، قبل جلسة كان من المقرر عقدها في 16 من ذات الشهر.
وأثار التسليم انتقادات حقوقية، وقالت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، إن الرميثي "يواجه خطر الاحتجاز التعسفي والمحاكمة الجائرة وربما التعذيب".
وأوضحت أن "الترحيل الأردني الاستثنائي كان تحايلاً على عملية الترحيل المعمول بها عادة في البلاد. ينبغي للسلطات في الإمارات كشف مكان الرميثي والإفراج عنه فوراً".
وتعيد هذه الحادثة ما حدث سابقاً حينما نشر شريف عثمان، وهو سياسي أمريكي مصري، مقطع فيديو على قناته على "يوتيوب" دعا فيه إلى احتجاج سلمي خلال زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن لمصر لحضور مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ في دورته السابعة والعشرين 2022.
أثناء زيارة عائلية إلى دبي في 6 نوفمبر 2022، اعتقل عثمان وواجه خطر الترحيل إلى مصر بحسب الاتفاقيات العربية، قبل أن يسمح له بمغادرة الإمارات والعودة إلى الولايات المتحدة في 27 ديسمبر 2022، بعد ضغط أمريكي.
الاتفاقيات العربية
ومع إشارة الإمارات إلى أن تسلم الرميثي من الأردن جاء وفقاً للاتفاقيات العربية، فإن اتفاقية مكافحة الإرهاب تم اعتمادها من قبل مجلسي وزراء الداخلية والعدل العرب عام 1998، ويراقب تنفيذها الأول ضمن استراتيجية أمنية.
وفقاً للمادة 1 من الاتفاقية، يُعرف الإرهاب بأنه "كل فعل من أفعال العنف أو التهديد به، أياً كانت بواعثه أو أغراضه، يقع تنفيذاً لمشروع إجرامي فردي أو جماعي، ويهدف إلى إلقاء الرعب بين الناس أو ترويعهم بإيذائهم أو تعريض حياتهم أو حريتهم أو أمنهم للخطر، أو إلحاق الضرر بالبيئة أو بأحد المرافق أو الأملاك العامة أو الخاصة أو احتلالها او الاستيلاء عليها أو تعريض أحد الموارد الوطنية للخطر".
اتفاقية عام 1998، تؤكد في مضمونها "التزامها بميثاق الأمم المتحدة وتشدد على تعزيزها للسلام والدعوة لحماية حقوق الإنسان".
فيما يتعلق بتسليم المطلوبين، على الرغم من أن المادة 6 (أ) تحظر تسليم المجرمين في الجرائم التي تعتبر ذات طابع سياسي بموجب القوانين السارية في الدولة المطلوب منها، على غرار اتفاقية الرياض، فإن المادة 2 (ب) تستبعد من هذه الجرائم قائمة أفعال؛ مثل الاعتداء على رؤساء الدول وتدمير الممتلكات العامة، فضلاً عن جميع الأعمال التي تدخل في نطاق تعريف الاتفاقية للإرهاب.
التعاون الخليجي
أما خليجياً، فإن اتفاقية تنفيذ الأحكام والإنابات والإعلانات القضائية لدول مجلس التعاون، قد أقرت عام 1995 وما زالت سارية حتى اليوم.
بموجب هذه الاتفاقية فإنه في حالة صدور حكم قضائي في أي دولة من دول المجلس، فإنه يعتبر كما لو أنه صدر في الدولة المطلوب منها التنفيذ من الدول الأعضاء، ويصبح الحكم القضائي واجب التنفيذ في الدول الأعضاء طبقاً للإجراءات الميسرة المنصوص عليها في الاتفاقية.
وكذلك الحال بالنسبة لأحكام المحكمين، وتنفيذ الإنابات مثل سماع الشهود، وتلقي تقارير الخبراء، وإجراء المعاينة وطلب تحليف اليمين.
كما تنطوي تلك الاتفاقيات على جانب الإرهاب، والتي تنص على "أن كل فعل من أفعال العنف أو التهديد به، أياً كانت بواعثه أو أغراضه، يقع تنفيذاً لمشروع إجرامي فردي أو جماعي، ويهدف إلى إلقاء الرعب بين الناس أو ترويعهم بإيذائهم أو تعريض حياتهم أو حريتهم أو أمنهم للخطر، أو إلحاق الضرر بالبيئة أو بأحد المرافق أو الممتلكات العامة أو الخاصة أو احتلالها أو الاستيلاء عليها، أو تعريض أحد الموارد الوطنية للخطر.
وتنص الاتفاقيات على "التبادل الفوري للمعلومات والبيانات المتعلقة بالتهديدات والمخاطر الإرهابية والاحتمالات والتوقعات المتعلقة بالجرائم الإرهابية"، و"الإبلاغ عن العناصر الإرهابية أو تلك التي يشتبه في اتصالاتها أو ارتباطها بهذه العناصر".
وتفرض أيضاً "تبادل المعلومات والوثائق بشكل فوري حول الجرائم الإرهابية التي تستهدف أياً من الدول المتعاقدة، سواء داخل حدودها أو خارجها، ونتائج التحريات أو التحقيقات التي يتم التوصل إليها، وكذلك الإبلاغ عن هوية الأشخاص المتورطين فيها".
ويتم "التعاون الفوري والمنتظم بشأن تبادل المعلومات حول الأساليب والأدوات المستخدمة في ارتكاب جرائم إرهابية، والإجراءات التي تم اتخاذها لكشفها وإحباطها ومكافحتها، وكذلك المعلومات والخبرات التي تتعلق بالأساليب الفنية والأمنية المستخدمة في التصدي للإرهاب ومكافحته".