مريم الشروقي- الوسط البحرينية-
الشعب البحريني الأصيل على مر التاريخ يحفر في الصخر وأعماق البحر، ليُطعم أسرته ويساند دولته، حيث إنّ الحكومة كان لها نصيب من دخل الشعب، ولم يكن هناك مدخول للدولة إلا من خلال رحلات الغوص والضرائب، وقد استمرّت هذه العملية لمئات السنين، حتى ظهر النفط وغيّر الأحوال، واعتقد المواطن بأنّ هذا النفط سيكون نعمة له وللأجيال القادمة من بعده، ولكنه لم يعلم بأنّ هذا النفط نقمة ونحس عليه وعلى الأجيال القادمة.
وقد عانى المواطن منذ ظهور النفط وحتى يومنا هذا من تقلّبات سعر النفط، فيوم في الأعالي وأيّام في «الواطي»! وفي هذه الأيام الأخيرة تداول المغرّدون كلمة «الشعب المطحون»، وهي دلالة على أنّ الشعب يعاني الأمرّين بعد نزول سعر النفط، فلقد أصبح المواطن مطحوناً مطحوناً مطحوناً، فالكلمة تفسّر نفسها بنفسها، ولكن نُضيف إليها مزيداً من التوضيح:
أوّلاً: الشعب مطحون في تطلّعاته نحو المستقبل، فلطالما طالب هذا الشعب بإرجاع مجلس 73م، ذلك المجلس الذي كان سيرفع من رفاهية وتطلّعات الشعب نحو المستقبل.
ثانياً: الشعب مطحون من الإحباط في وضعه المعيشي المؤلم، إسكان ينتظر ربع قرن حتى يحصل عليه، وعندما يحصل عليه يتوقّف قلبه من الفرح في وزارة الإسكان، أمراض مزمنة تجتاحه، فهل هناك بحريني في منتصف الخمسين لا يعاني من الضغط أو السكّر أو الكوليسترول إلاّ المرتاح وغيره يتكفّل بكل صغيرة وكبيرة له؟! أمّا التعليم فالفرق واضح بين السابق والآن، فنحن أصبحنا نتراجع للوراء في تأسيس القادة، ونحصد الجوائز في الورق، ويعاني المواطن أيضاً الأمرّين في البعثات، حتى وإن كانت على حسابه المنهوك! هذا غير رفع دعم اللحم واحتمالية رفع دعم المحروقات وغيرها، وأيضاً إحباطه في دفع القروض و «الأبيال» من كهرباء وماء وهي الأخرى بانتظار رفع الدعم عنها!
ثالثاً: الشعب مطحون في مستقبله، فحتى المستقبل مع انخفاض سعر النفط يتحمّله المواطن المطحون في كل شيء، ويا خوفنا من أن نأكل (بسكويتاً) في المستقبل القريب بعد أن ننطحن.
هل هناك وصف أكثر من كلمة مطحون للشعب البحريني، لا نعتقد بأنّ المذيع عماد عبدالله في إذاعة البحرين أخطأ عندما وصف الشعب بالمطحون، لأنّه واحد من الشعب، يعاني المحكّات الثلاث التي تحدّثنا عنها، فلماذا المجاملات التي لا تفيدنا والتي أهلكت غيرنا من الشعوب؟!
القيادة الرشيدة لطالما طلبت من الإعلاميين نقل معاناة وهموم المواطن بكل شفافية وصدق، وعندما ننقل الهموم نصبح محرّضين وأعداءً للوطن! بل على العكس النصيحة في هذا الوقت بالذّات ونقل هموم المواطن ينقذ الوطن من كثير من المشاكل التي لا يُحمد عقباها، ولكن نقولها إن كنّا نحب الوطن بإخلاص ونحرص على عزّة المواطن وهو عزيز عندنا، سوف نصدح بكلمة الحق وإن كانت جارحة أو علقماً، فالعلقم قد يكون دواءً شافياً لعلل قد تستشري في مجتمعنا، فنحن لا ننافق ولن ننافق، بل الحب يخرج للقيادة الرشيدة وللشعب البحريني الأصيل من دون مقابل أو شكر. وجمعة مباركة.