د. فاطمة الشايجي- الشاهد الكويتية-
تساؤلات كثيرة طرحت في مسألة الحرية منها: ماهية الحرية؟ وهل هي مكتسبة أم فطرية؟ وهل هي شعور أم فكرة؟ وما هي أقسام الحرية؟ وأشكالها؟ وهل هي فردية أم اجتماعية؟ وكيف يمكن الاتفاق عليها؟ وهل للحرية ثمن؟ وهل هي حق؟ وأمام هذه التساؤلات كان هناك الكثير من الدراسات والأبحاث والكتب التي اهتمت بمثل هذه الأسئلة وتناولتها وطرحتها بآراء مختلفة.
وقد كان لهذه الدراسات أثار منها السلبي الذي يتمثل في انتاج واقع متناقض للحرية، فكلما زادت مطالبتنا بالحرية أصبحنا أكثر تقيداً إما بسببها أو بها، وكلما قلت مطالبتنا بالحرية كنا أكثر حرية، ومنها الايجابي الذي يشير الى أن الاهتمام بالحرية تخطى المفكرين والباحثين والفلاسفة وأصبحت من اهتمام الفرد العادي ليس بقراءتها لمعرفة ماهيتها أو لمحاولة تطبيقها في حياته العملية أو لتكون كلباس ثقافي يرتديه ليقال عنه أنه مثقف. وانما هو اهتمام ظهر عندما أيقن الفرد العادي أنه كان محط تجارب لكل من كتب عن الحرية ولكل من حاول أن يقنعه أنها حق، لذلك توقف عن الاهتمام بأسس الحرية وطبيعتها وماهيتها فواقعه الحالي تخطى هذه النوعية من الأسئلة.
وان كانت مشاركة الفرد العادي في صناعة الحرية وتصديرها نوع من الايجابية الا أن لهذه المشاركة سلبيات منها أن الفرد لم يبحث في كيف يكون حرا؟ أو لماذا يبحث عن الحرية؟ أو متى يطالب بها؟ فجميع هذه الأسئلة لم تعد ذات أهمية، ولم يعد لها مكان في عقله وكل ما يهم الآن أن يعيشها دون تنظيم. لقد توصل الفرد الى قناعة هي أن دوره قد حان في قيادة مسيرة الحرية.
وبتولد هذه القناعة تغير امران الأول أن الفرد العربي اجبر الباحثين في معالجة الحرية من واقع خبرته هو لا من نقل خبرة الآخرين له.فتغيرت طبيعة الأسئلة حيث تضمنت الآتي كيف يمكن نشر الحرية؟ وكيف يمكن تطبيقها؟ وكيف يمكن حمايتها؟ ومع تغيّر طبيعة الأسئلة تغيرت الشعارات التي اقتبسها الانسان فبعد أن كان يحمل شعار جون ستيوارت مل في أن الحرية الوحيدة التي تستحق هذا الاسم هي حريتنا في السعي وراء مصالحنا الخاصة بطريقتنا الخاصة طالما كنا لا نحاول سلب الآخرين مصالحهم أو اعاقة مجهوداتهم في الوصول اليها، اخذ يحمل شعارا مقتبسا من مالكوم اكس الداعية الاسلامي من أصل أفريقي والذي يقول لا يمكنك فصل السلام عن الحرية، لأنه لا يمكن لأحد أن يكون مسالماً ما لم يكن حرًا،الى أن تبنى مقولته الأكثر جموحا وهي أن ثمن الحرية هو الموت.
والأمر الثاني ظهور مصطلح الحرية المسؤولة والذي كان مخفياً سابقا أو قلما تطرق له أصحاب نشر فكرة الحرية، فمعظم الباحثين والمفكرين اعتبروا أن هذا المصطلح سقف يقيد الحرية.ولكن عندما وجدوا أن هناك استخداما خاطئا للحرية،وان هناك تطاولا عليهم وأنهم أصبحوا في مضيق فكري من الصعب تخطيه، حيث أصبح صوت الفرد أعلى، ووجوده أقوى من معلمي الحرية،ورسامي الأمل، ومدغدغي المشاعر ومع هذه القوة التي اكتسبها الفرد بفضل التكنولوجيا التي سخرت شبكات التواصل الاجتماعي وجعلتها متاحة بين يديه دون أي تكلفة تذكر، أصبح من الصعب على ملاك الحرية التواصل مع الفرد لاقناعه أن ممارسته للحرية خاطئة.
وبين أنا حر افعل ما أشاء، وأنت مسؤول عما تفعل.غفلنا عن أسئلة أكثر أهمية مثل هل الحرية حق أم استحقاق؟ وهل الحرية حق للجميع؟ قد يختلف البعض معي في الاجابة عن هذه الأسئلة ولكني أجد أن الحرية استحقاق قبل أن تكون حق لذلك هي ليست حقا للجميع.