عصمت الموسوي- الوسط البحرينية-
تظلم نزيل عربي في أحد الفنادق الأوروبية ذات مرة بسبب قيام الفندق بتحميله مبلغاً مالياً إضافياً عالياً عند المغادرة جراء استخدام المحطات التلفزيونية في غرفته، وقال الشاكي: إن بعض المحطات مجانية، وأخرى تحتسب بالدقيقة، وهو وجد التعليمات حول استخدام المحطات موجودة ومكتوبة على جهاز التلفزيون بالتفصيل إلا البند الأخير الذي كتب بخط صغير وغير واضح «الحساب سيكون تلقائياً بعد الدقيقة الثالثة» وفشلت جهود النزيل في إقناع إدارة الفندق باسترجاع أمواله كونه وقع ضحية تضليل متعمد، إلا أن إدارة الفندق ألزمته بالدفع فوراً، أو استدعاء الشرطة باعتبار أن شروط استخدام الغرفة وأدواتها وأجهزتها موجودة كلها في العقد، وأن القانون لا يلتفت للمغفلين أو العجولين والمتسرعين.
وربما يكون هذا المواطن قد تعلم درساً لا ينسى، وهو ضرورة قراءة كل العقود والاتفاقيات والمواثيق التي تسير وتضبط إيقاع حياته، وضرورة أن يتوفر على الحد الأدنى من المعرفة القانونية أو الاستعانة بالاستشارات القانونية والمحامين كي لا يغوص عميقاً بإنفراد في قضايا يجهلها - إذا وقع في إشكال قانوني - فيضاعف خسائره وينتهي ملوماً محسوراً.
وأول القوانين الجديرة بالقراءة هي الدساتير إن وجدت، فعبر هذه الدساتير تتضح حقوقه السياسية والاجتماعية والاقتصادية والدينية وغيرها، وكثير من المواطنين يرون أن قراءة الدساتير والقوانين المتصلة بالشأن الوطني هي شأن خاص بالسياسيين أو أهل الاختصاص فحسب، بيد أن التغييرات الاقتصادية والسياسية والمعيشية وملامسة «لقمة العيش» تقتضي أن يلم المواطن بكل هذه القوانين كي يعرف ماله وما عليه في السراء والضراء.
إن الحديث عن الاتفاقات والعقود التي تعقد يومياً بين المواطن والشركات والمؤسسات تكشف أن كثيرين إما يجهلونها أو يستثقلون قراءتها أو أحياناً تكون بالإنجليزية التي يجهلونها أو يجدونها مفصلة؛ لكن مكتوبة ببنط صغير جداً، وتحتاج مكبرة لا مجرد نظارة لقراءتها، لكن كل هذا سهل إزاء العقود المبهمة والمضللة التي تحتاج خبيراً قانونياً لشرحها أو ربما تبيان اختلالاتها وتناقضها مع قوانين الدولة.
وفي بعض العقود نجد دوماً أن الشرط الأخير يقع في النهاية، كجملة «المبلغ المقتطع غير قابل للإعادة» ولأن القانون لا يحمي الزبائن والمستهلكين المغفلين أو المتسرعين فقد يخسر الزبون في الحالتين، كثيرون يقعون في هذه الإشكالات ويتبينون خطأهم لاحقاً، إن عقود البيع والشراء، وعقود العمل، وصيغة هذه العقود تبدو واضحة وجلية ولا لبس فيها؛ لكن ثمة عوامل وخدع مستبطنة أو مؤجلة أو تتضمن احتمالات عدة وتخضع لشروط البائع وليس المشتري، وفي الغالب يحمي الطرف الأقوى نفسه ويحصن حقوقه في قبال حقوق المستهلك الأقل وعياً ودراية وخصوصاً في مجتمعاتنا العربية.
حقوق البائع ورب العمل تأتي أولاً وتبرز في البداية وبالتفصيل وبالبنط العريض ومسيجة بشروط وقوانين حمائية كثيرة، أما حقوق المستهلك فتعتمد بالدرجة الأولى على وعيه وفطنته وتمهله ومنح نفسه الوقت الكافي لقراءة تفاصيل العقود من أول السطر إلى آخره.
إن أغلب المستهلكين كما تقول تجارب المحاكم لا يقرؤون العقود، وإذا قرؤوها فبسرعة، إن الملل يعتريهم بعد السطر الثاني أو الثالث بينما تفاصيل حقوقهم موجودة دوماً؛ لكن ربما في السطر الأخير!