طارق الحبيب- الشرق القطرية-
التحرش على الأطفال هو الاعتداء على جسد الطفل عن طريق الملامسة المغرضة واستخدام جسده في ممارسة جنسية قد تكون كاملة أو سطحية، ولقد أشارت بعض الدراسات النفسية إلى أن ١٨٪ من الحوادث التي يتعرض لها الطفل تتمثل في استغلاله جسديا جنسيا وذلك من قبل مراهقين أو بالغين.
كما أشارت بعض الدراسات إلى أن ٧٧٪ من المعتدين هم أشخاص ثقة لا يكون هناك شك في سلوكياتهم، كما أشارت الدراسات إلى أن ٨٠٪ من المعتدين هم من أقارب الطفل.. وتشير هذه الحقائق إلى أن استضعاف الطفل وسهولة الوصول إليه هو من أهم أسباب استغلاله واعتباره صيدا سهلا لانتهاك طفولته وهتك نموه النفسي.
ويلجأ المعتدي أحيانا إلى إجبار الطفل على ممارسة الجنس معه أو تعليمه سلوكيات جنسية خارجة عن المألوف لإشباع غرائز مرضية ومنحرفة في ذاته، وقد يلجأ بعض المعتدين إلى إغراء الطفل عن طريق الهدايا والمكافآت وذلك لكسبه وتسهيل عملية الاعتداء عليه في ظروف مناسبة للمعتدي دون أن يلفت الانتباه لديه. ويعتبر التحرش الجنسي من الظواهر المجتمعية التي تعكس انحرافا في سلوكيات المعتدي، ففي حين يعتقد الكثير أن المعتدي هو مختل أو مضطرب نفسيا إلا أن الدلائل الواقعية تؤكد أن ذلك سلوك إجرامي في أغلب الحالات وليس سلوكا مرضيا، وعلى الرغم من أن معظم الدراسات تشير إلى أن المعتدي هو من الأشخاص المقربين للطفل إلا أن المعتدي يمكن أن يكون شخصا غريبا لا يمت للطفل بصلة.
ويعتبر أي طفل حالة مستهدفة عند أولئك الأشخاص الذين يعانون من انحرافات جنسية وسلوكية تجعلهم غير قادرين على ضبط رغباتهم وتهذيبها، ولقد أشارت الدراسات إلى أن الطفل المعنف أسريا والمهمل من قبل أسرته عرضة أكثر من غيره للتعرض لمثل هذه الاعتداءات غير الإنسانية.
وقد يتقبل الطفل المتحرش العملية الجنسية ويتجاوب معها أحيانا تحت مشاعر الخوف والقلق وأحيانا بدافع المتعة والتعود.
وَمِمَّا لا شك فيه، فإن الطفل السليم نفسيا يرفض هذه العملية ويستقذرها وسرعان ما يعلن عنها ويفضح المعتدي، وتظهر علامات التحرش الجنسي على الطفل في الأعراض التالية:
مشاعر الحزن التي لم يعتدها الأهل على الطفل.
عزوف الطفل عن الأنشطة الاجتماعية.
قد يظهر تغير في مشية الطفل وحركته.
تأخر في مستوى الطفل الدراسي.
مشاعر من الخوف وعدم الثقة في الآخرين.
إن الأزمة الحقيقية التي تحيط بظاهرة التحرش الجنسي هي نكران الأهل لوجودها وحماية المعتدي، خاصة إن كان من الأقارب، من عقابه بالوسائل القانونية والشرعية المناسبة.
إن تهيئة الطفل وتحذيره بالأساليب التربوية والنفسية المناسبة تحقق له حصانة داخلية تحميه من التعرضات الخارجية التي تستهدف جسده، وتشير الملاحظات الإكلينيكية إلى أن شعور الطفل بالذنب واهتزاز ثقته بنفسه وشعوره بالإهانة وعدم القيمة من أهم الآثار السلبية التي تسيطر عليه في حالة تعرضه للتحرش الجنسي، لذلك فإن غالبية الأطفال يحتاج للتدخل العلاجي النفسي المعرفي السلوكي وذلك لتحسن نموه النفسي واسترجاع ثقته بنفسه وبالآخرين.
إن إهمال معالجة الطفل يعني كبت مشاعر الألم والخزي والألم والخوف لديه، مما يجعله عرضة مستقبلا للأمراض النفسية، كالقلق والاكتئاب والخوف والشك وربما الانحرافات السلوكية.
أبناؤنا مسؤولية شاملة ولا تقتصر تربيتهم على إشباع حاجاتهم الأولية، بل من كمال التربية حماية الطفل نفسيا وأخلاقيا.