شؤون خليجية –
بعد الرصد المتواصل لنماذج من حقوق العمالة المنزلية المهدرة والحديث عن ضرورة إيجاد آلية واضحة لضمان حقوقهن، وتنديد المنظمات الحقوقية بوضعهن في المملكة وعدم حمايتهن بموجب قانون العمل في السعودية، وعدم توافر فُرص تُذكر للانتصاف من أصحاب العمل الذين يقومون بإيذائهم أو استغلالهم، كشف مصادر عن توقيف نحو 88 ألف عاملة من جنسيات مختلفة في دور الرعاية خلال العام الماضي، التي تشرف عليها وزارة الشؤون الاجتماعية، وجميعهن هاربات أو متغيبات عن العمل لدى كفلائهن ومخالفات للأنظمة.
لتستمر معاناتهن ومحاولتهن المستمرة في الهروب من دور الرعاية، فقبل أيام تداولت أنباء تفيد بهروب أربع فتيات من دار الرعاية (الضيافة) للفتيات الواقعة جنوب جدة، بسبب ضعف الحراسات الأمنية، وإلقاء القبض على ثلاثة منهن، فيما لا يزال البحث متواصلاً عن الرابعة، وهو الأمر الذي ترجعه دور الرعاية إلى ضعف الحراسات وتلقي باللوم على المسؤولين والمشرفات وتجري التحقيقات معهم دون التطرق للأسباب الحقيقية التي تدفع الفتيات للهروب من دور الرعاية.
وأوضحت مصادر سعودية، أن العاملات الإثيوبيات المحتجزات في دور الرعاية يشكلن 74% من العاملات الموقوفات في دور الرعاية، إذ يتجاوز عددهن 65 ألف عاملة، معظمهن في محافظة جدة، في حين حلت العاملات السريلانكيات ثانيًا بنحو 11 ألفًا، ثم عاملات من الفلبين وعددهن أربعة آلاف، وأعداد أخرى من جنسيات الهند وإندونيسيا وبنجلاديش والنيبال وجزر القمر.
وأضافت المصادر أن المديرية العامة للجوازات سلمت دور رعاية العاملات نحو 70 ألف عاملة، في حين سلمت مراكز الشرطة نحو 18 ألف عاملة.
وبينت المصادر أن دور الرعاية في منطقة الرياض تؤوي أكثر من 41 ألف عاملة، سلمت المديرية العامة للجوازات منهن 34 ألف عاملة، كأكبر عدد ممن تم احتضانهن في دور الرعاية، فيما ضبطت الجوازات في محافظة جدة ما يقارب 23 ألف عاملة، منهن 22 ألف إثيوبية.
وتأتي دور رعاية العاملات في الدمام في المرتبة الثالثة من حيث عدد الموقوفات، إذ تحتضن ما يقارب 15 ألف عاملة، وسجلت دور رعاية العاملات في مدينة مكة المكرمة أقل عدد من العاملات برعاية 129 عاملة فقط، في حين تتم رعاية بقية العاملات في الرعاية الأخرى بمكة والمدينة وأبها والطائف والأحساء وتبوك والقصيم.
وأوضحت المصادر أن جنسيات المخالفات: " 65,9 ألف إثيوبية، 11 ألف سريلانكية، 4 آلاف فلبينية، 1,334 هندية، 1,091 من جزر القمر، 155 بنجلاديشية".
الأمر الذي يعيد إلقاء الضوء على أزمة الخادمات بالمملكة السعودية، حيث تستخدم السعودية مليونا ونصف المليون من العمالة المنزلية القادمة من إندونيسيا وسريلانكا والفلبين ونيبال بشكل أساسي، بينما تأتي أعداد أقل من دول آسيوية وإفريقية أخرى.
وسبق أن أصدرت منظمة "هيومن رايتس ووتش" تقرير مطولا عن العمالة المنزلية في السعودية ورصدت حالات التعرض للانتهاكات التي تصل إلى حد الاستعباد والاعتداءات الجنسية والجلد كعقاب على اتهامات بالسرقة والشعوذة.
وحث التقرير الذي صدر مؤخرا عن المنظمة الناشطة في مجال حقوق الإنسان في 133 صفحة، الحكومة السعودية على إجراء إصلاحات في قوانين العمل والهجرة والقوانين الجنائية من أجل حماية العمال.
كما قالت منظمة العفو الدولية، في تقرير لها مؤخرًا، إن حقوق العمال الأجانب تتعرض للانتهاك على نطاق واسع مع بقاء مرتكبي الانتهاكات بمنأى عن العقاب في المملكة السعودية. وأشارت إلى أن كثير من الأجانب الذين يعملون كخدم في المنازل، ومعظمهم من النساء، أجبروا على البقاء في ظروف تنطوي على الإيذاء إلى حد بعيد، حيث يُجبرون على العمل ما يقارب 18 ساعة يومياً مقابل أجر زهيد في بعض الأحيان أو بدون أجر.
ولا يحظى الخدم بالحماية بموجب قانون العمل في السعودية، ولا تتوفر لهم من الناحية العملية فُرص تُذكر للانتصاف من أصحاب العمل الذين يقومون بإيذائهم أو استغلالهم.