د. حسن عبدالله عباس – الراي الكويتية-
أعلن رئيس الجهاز المركزي للمقيمين بصورة غير قانونية صالح الفضالة إنهاء الجهاز أعماله بالكامل بعد 4 سنوات من تأسيسه. فهل سنرى النور في آخر النفق لمشكلة البدون ومع تقديم الجهاز لتقريره؟
من غير المعلوم ما الذي كتبه السيد الفضالة في هذا التقرير، لكن أغلب الظن أن المشكلة ستظل قائمة، وما يجعلنا نتشاءم من الوصول لحل جذري لهذه المشكلة القديمة الجديدة تصريحات الفضالة التي رافقت مقابلاته وتسليمه للتقرير النهائي.
تذكرون أن الجهاز تشكّل بمرسوم أميري في العام 2010 حينما كان الشيخ ناصر المحمد يترأس مجلس الوزراء، وكان الهدف الأساسي من إنشائه هو ما حدده المرسوم الصادر بخصوصه وذكره مجلس الوزراء في اجتماعه آنذاك بأنه لمعالجة مشكلة البدون وكي يراعي الاعتبارات الأمنية والإنسانية والقانونية والاجتماعية والاقتصادية.
لكن الرسائل الواردة من الجهاز تشير إلى عكس ذلك، فيوجد أكثر من سبب لنشك في قدرة الجهاز على «طي» المشكلة: أولها يعود إلى أسلوب معالجة المشاكل عندنا، فنحن أدرى مع الأسف بإمكانياتنا، فالكويت التي تغرق في غضون ساعتين من الأمطار، وكهرباؤها التي مازال تيارها ينقطع في الصيف، وشوارعها التي مازالت تَحذِف الحصى، بلد بهذه المواصفات عاجز عن حل المشاكل الفنية والتقنية والإدارية، أظنه أعجز عن حل مشاكل أعقد كالإنسانية والاجتماعية.
الشيء الثاني أن كلام الفضالة هو بحد ذاته إشارة إلى عودة الجهاز للمربع الأول. فتصريحه بعد تقديم التقرير بأن الثلاثين ألفاً أو الـ 34 من حملة إحصاء 1965 ليسوا كلهم مستحقين، هو مثار للقلق!. فقد قسّمهم إلى فئات وشرائح، فمنهم من عليه قيد أمني، ومنهم من يحمل جوازاً معترفاً به دولياً وغيرها من الفئات. فالواضح أن رئيس الجهاز لا يريد أن يعترف بكويتية البعض منهم بحجة أنه اشترى جوازاً أجنبياً من ميانمار وترينداد من دون أن يستفسر لماذا حصل ذلك!، ولم يقل لنا ماذا بخصوص من اشترى جوازاً غير معترف به!، ولماذا فرّق بينهم طالما أن دافع الشريحتين الهروب من اضطهاد الدولة لهما!، فهل المعيار الأصول والجذور أم من دفع أكثر ليحصل على جواز خمس نجوم؟
الأمر الثالث يُمكن تفسير تصريح الفضالة على أن الفئات التي لا تحمل إحصاء 1965 ستعود إلى حالها القديم، وبالتالي سيُضيّق عليها وسنعود إلى عادتنا القديمة. فكيف سيوفق الجهاز المركزي بين مرسوم إنشائه والهدف لطي هذا الملف نهائياً، وبين من لا هوية له ولا أي دليل يُمكّن الدولة من الوصول إلى جذوره. ماذا سنفعل بخصوص مجهولي الهوية، هل سيخرج مرسوم جديد لإنشاء جهاز جديد؟
الأمر الرابع وهو القضية المفصلية بالموضوع وأقصد بها سيادية التجنيس. فعلى ذمة تصريحه، ليس كل من ثبُت بحقه إحصاء 1965 يُمنح الجنسية، بل هو ليس بأكثر من مُرشح لحملها لأن التجنيس أمر سيادي وبيد الدولة. فمن غير المعلوم متى سيأتي دوره وحقه في التجنيس لأنه لا يوجد ما يلزمها بالتجنيس، وهذا بالمناسبة يذكرني بالحوار الذي أجرته صحيفة «الجريدة» مع الوزير النائب السابق أحمد المليفي قبل أيام وذكر الشيء نفسه. لذلك يظل الإنسان جاهلاً بحقوقه القانونية إلى حين الفصل في مزاجية الدولة بمنحها إياه من عدمه، وهذا يجرنا إلى مشكلة أعمق ألا وهي الفلسفة والفكرة حول الجنسية قبل النظر في قانونيتها. فالجنسية هنا تُرى على أنها تفضُّل وتكرُّم على أفراد الشعب، فهي بذلك ليست حقاً مكتسباً بل مِنّة، لذلك فلا عجب أن يصرخ الناس جميعهم نواباً وحكومة وشعباً بسحب الجناسي كلما ظهرت مشكلة كبيرة تهز الدولة.
عموماً، إذا كان هذا حال حملة إحصاء 1965 في تصريحات الفضالة، فهل يتوقع الغير حلولاً تحميهم وتحمي المجتمع أمنياً واقتصادياً واجتماعياً؟