جعفر محمد- الشاهد الكويتية-
مارس العرب لعبة الألغاز منذ زمن بعيد وهي رياضة ذهنية عالية التركيز وتحتاج إلى لياقة فكرية كبيرة، وأنا أزعم أنني أحد المحبين لهذه اللعبة التي تجعلني عادة أتواجد في منطقة الألغاز متعاطيا معها بآلية قضاء وقت الفراغ، ومن الألغاز التي علقت في ذاكرتي وأنا مراهق، ذلك اللغز الذي جرت تفاصيله بين أعمى وأبكم، حيث إن اللغز يقرر أن أعمى وأبكم كانا في صحراء منقطعة عن المدن فوصلت للأبكم رسالة من طير الزاجل كتب فيها «إن والد الأعمى توفي» ويجب عليك إخباره! فكيف سيخبر الأبكم الرسالة الى الأعمى؟
وتنوعت الحلول وتعقدت الإجابات، فمنهم من قال لا حل لهذا اللغز، وقائل آخر اختار حلاً يعتمد على التواصل الجسدي!
وأذكر انني قضيت أوقاتاً ممتعة مع الأصدقاء وأنا أنتظر منهم الإجابة وقد علت وجوههم تعابير الدهشة والابتسامة ومن ثم الضحك على اللغز الصعب، وفي يوم من الأيام جاء صديقي «صلاح» باسماً واثقاً ليخبرني بأن والده حل اللغز بأن يقوم الأبكم بكتابة الرسالة على ظهر الأعمى الذي سيفهم الأمر ويعرف ان والده توفي!
لقد كان الجواب منطقياً جداً ومعقولاً خصوصاً أننا قد مللنا البحث واستسلمنا لعدم وجود الحل، وفي ذات الليلة أبلغنا جميع الأصدقاء بحل والد «صلاح» فتقبل الجميع إلا صديقاً ثقيل الوزن خفيف الظل فاجأنا بسؤال أعادنا إلى نقطة الصفر؟ حيث استفسر قائلاً: هل الأعمى يجيد القراءة؟!
هنا ضج الجميع بالضحك ودخلنا في فرضيات كثيرة وتجادلنا بلا فائدة، تذكرت هذا اللغز وحكاية الأبكم والأعمى وأنا أعايش منذ 3 عقود قضية «البدون» التي طوت معها رجالاً تحت الثرى وأخرجت أجيالاً تمشي على الأرض مع حكومات بكماء لديها رسالة لا تستطيع إيصالها إلى «البدون» رغم أنهم ليسو عمياناً لكنهم تعاموا عن الإنصاف بسبب ولائهم وحبهم للأرض فهم يعلمون الرسالة ويعون فحواها لأنهم كويتيون لا ينتظرون شهادة تؤكد مواطنتهم.